ذهلت من اجابته عندما اجابني احدهم بالقول نحن نتواصل مع المجتمع الاسرائيلي ، فقلت هل لاسرائيل مجتمع حضاري يتحتم علينا التواصل معه وخاصة نحن واياهم نعيش في ذات الحيز، بالاشارة الى ما ذكر ينبغي علينا ان نناقش التجمع الاسرائيلي بالاستناد الى دلالات التحدي الحضاري . التحدي الحضاري الاسرائيلي عبارة مبهمة فضفاضة دخلت الخطاب السياسي العربي من ذوي التوجهات الغربية ومفكري النخب المفتونة بحضارة الغرب ، مفادها ان التجمع الصهيوني يشكل كيانا حضاريا مستقلا ومتفوقا على الكيان الحضاري العربي وان هزيمة العرب عسكريا هي نتاج تخلفهم الحضاري وان العرب لو سارو على سير الصهاينة لحققوا انتصار عليهم . برأي عبد الوهاب المسيري ، التحدي الحضارة هو عملية تغطي كل جوانب الحياة ، وحيث يطرح المرء رؤيته للحياة باسلوب تنظيمي يحقق نجاحا له على جميع المستويات ، وعليه فالتحدي الحضاري ليس انتاج تكنولوجي او تفوق عسكري والا لاضطررنا القول بتفوق التتار على العرب لانهم عبروا نهر دجلة والقوا بالمخطوطات العربية بالنهر وذبحوا وحرقوا الكثير، و سلمنا بتفوق البرابرة على الرومان واحتلالهم لروما وتحطيم تفوقها الحضاري . الا انه من الصعب قبول مثل هذا المعيار لانه معيار احادي يتجاهل الوجود الانسان المركب ، ولان التفوق العسكري (الهمجي) في نهاية الامر ليس تفوقا حضاريا ، وان تحوله الى عنصر وحيد في هذا المعيار فقط ، ناتج عن تأثير الحضارة الغربية ذات الرؤية الدارونية الصريحة التي منحته مركزية مبالغ فيها لا يستحقها، واذا ما نظرنا الى الاستيطان الصهيوني الذي يمثل التحدي الحضاري في نظر البعض في شكل بناء والخدمات ورفاهية العيش ، لوجدنا بالفعل اته تجمع قد حقق تفوقا عسكريا لا يمكن انكاره لكنه تفوق لم يحرز بامكانيات ذاتية وانما بسبب الدعم العسكري الغربي كما ان تجمع الصهيوني ككل لا يعتمد على موارده الطبيعية والانسانية وانما يعتمد على الدعم المستمر من قوة الغرب الاستعماري، فهو تجمع ذو توجه عسكري واضح تهيمن عليه المؤسسة العسكرية التي ليس لها وجود ملحوظ ليس بسبب غيابها وانما بسبب حضورها الكامل والعضوي في كل مؤسسات التجمع الصهيوني ، وباختصار شديد التجمع الصهيوني ليس مجتمعا وفق هذه الحاكاة وانما هو تجمع يتسم بالشذوذ البنيوي ،غرس في المنطقة بوظيفة الاستملاك للغرب وعليه فهو يشكل تحديا عسكريا لا تحديا حضاريا ، ولعلنا نقول في التحدي الحضاري ان الامة التي انتجت ابن خلدون والمتنبي والغزالي وابن رشد ينبغي ان تقابلبها امة انتجت ارسطو وماركس وجاك رسو لا من مستوى حضاري متخلف تسيطر عليه افكار الجيتو والعنصرية ويبني سياساته وحركة جيوشه حسب رواية العهد القديم واقوال التلمود واساطير الاولين بشرط ان يكونوا يهودا.