الأربعاء 12/10/1444 هـ الموافق 03/05/2023 م الساعه (القدس) (غرينتش)
سِجَال...يوسف عودة

 المفروض أن يكون السجال في الحروب إنطلاقاً من المقولة المشهورة والتي جاءت كتعريفا للسجال في معجم المعاني، حيث أشار الى أن "الحرب سجال"، والمقصود هنا سجال بين المتخاصمين على قاعدة لا غالب ولا مغلوب، أي تعادل القوة فيما بينهما، لكن الواقع مختلف تماما، فحياتُنا وتعاملاتُنا فيما بيينا كلها تدخل في طور السجال، والسجال المتعصب الذي من الممكن أن يؤدي الى ما يُحمد عُقباه، أي لا ذكر هنا لقاعدة التعادل أو الإنسحاب دون خسارة،ي  لقد أصبح الأمر حقيقة واقعية نعيشها يومياً ولا ندرك أسبابها لكثرتها وتنوعها، وما يهُمُنا بالموضوع والذي لا يقبل التشكيك، أننا أصبحنا نحيا حياة يشوبُها سجالاً لا ينتهي في كل الأمور حتى أبسطها، وهذا الوضع أصبح مريب ومخيف ويجب وضع حد له، ولتداركه لا بد من أن يقوم كل إنسان بتقييد وتقزيم أعصابه وإندفاعاته اللامبررة في كافة النقاشات.

أن النتائج والمخرجات التي يُشاهدها يوميا مجتمعنا من جرائم ومضايقات سواء جسدية أو لفظية أو نفسية، كلها تدخل تحت غطاء السجال الذي لا داعي له، والذي من الممكن التغاضي عنه هُنا، حين يملك أحدُنا مَلكة الصبر ومراعاة المولى في تصرفاته، عندها فقط نستطيع الحد من هذه الآفة التي أصبحت تجتاح حياتُنا وتتشعب بكل أمورنا وقضايانا، حتى بِتنا نعتبر السجال والمناقشات البيزنطية أمور عادية ونتائجُها أكثر من المألوف، وهذا بحد ذاته يعتبر تغيير جوهري في المبدأ العام لحياتنا كبشر، والتي يحكُمُنا فيها سلوكُنا الذي يتوائم وأخلاقُنا المستقاه من تعاليم ديننا.

وبالطبع لكل نتيجة مُسبب، والأسباب في هذا المجال كثيرة ومُتشعبة، وكلٌ حسب ظروفه وطبيعته ومدى إمكانية تحكمه في أعصابه، ولكن بالمحصلة الكل مشترك في هذا السجال ولو بنسب متفاوته، رغم القناعة التامة بأنه لا مبرر لذلك مهما كان، لكن وكما يقولون إن أردت معرفة قيمة الشيء، فلا تدركه إلا عند فقده، وهذا ما هو حاصل معنا، فلربما بُعد الناس وإلتهائهم بمشاغل الحياة عن دينهم كان أحد الأسباب والأسباب المهمة التي لها علاقة مباشرة فيما يحدث معنا بالحياة. وبالطبع وللتخلص من هذه المشكلة، لا نستطيع وضع قواعد عامة يجب على الجميع تطبيقها، نظراً لإختلاف الرؤية والفكر من شخص لأخر، لكن السبيل الوحيد هو أن يُّحَكم كل شخص عقلهُ وضميرهُ بما ينسجم مع دينه في أي عمل يقوم به، وحينها نصل جميعا الى ما نبغي.

 

 

 

2016-05-16