نسمع ونقرأ ونقول ابارتهايد في وصف السياسات العنصرية دون معرفة الدلالات التاريخية للمصطلح ، شكل الاستيطان الاستعماري الغربي هجرة جماعية لارض خارج نطاق اوروبا تمت هذه الهجرات تحت اشراف الدولة الام وبرعاية منها ووجد بالتاريخ نوعين من الاستعمار الاستيطاني :- 1) استعمار استيطاني يهدف لاستغلال كل الارض وما عليها من بشر وهذا الاستعمار بني على التفرقة اللونية (الابارتهايد) مورس في جنوب افريقيا وروديسيا وغيرها وهما النموذج الامثل لهذا الاستعمار . 2) استعمار استيطاني يهدف الى استغلال الأرض دون سكانها وهذا النوع يهدف الى احلال العنصر الوافد محل الساكن الاصلي والذي يكون مصيره الطرد او الابادة وخير مثال لهذا الاستعمار تمثل في الولايات المتحدة في سنوات الاستيطان الاولى والاستيطان الصهيوني في فلسطين . اذا كانت الولايات المتحدة قد اعتمدت على اليات الابادة واعتبرتها الاساس في نشأتها فاننا نجد عمليات الطرد هي الاليات الاساس في حالة الدولة الصهيونية في بداياتها الاولى . وكما تحولت الولايات المتحدة من نظام استيطاني احلالي الى نظام مبني على الابارتهايد بعد قرنين فتحولت الدولة الصهيونية من دولة احلالية منذ نشأتها الى نظام اباارتهايد بعد احتلال عام 1967م . وعلى الرغم من الاختلاف العميق بين اسرائيل وجنوب افريقيا من منظور مرحلة التكوين الاولى الا ان المسار التاريخي اللاحق جعلت اوجه التماثل اكثر وضوحا من نقاط الاختلاف ومن ابرز نقاط التماثل:- *كلا الدولتين بدأ بجيب استيطاني يخدم المصالح الغربية على عدة مستويات (قاعدة استراتيجية وعسكرية ،واستعاب الفائض البشري ، عمالة رخيصة مصدر للمواد الخام ) نظير الدعم والحماية الغربيين وليس من قبيل الصدفة ان الشخصيات الاساسية التي كانت وراء اصدار وعد بلفور هي نفسها الشخصيات التي كانت وراء اصدار اعلان اتحاد جنوب افريقيا وهم ارثر بلفور و لويد جورج و للورد ملنز و ابان سمطس . *كانت الدولة الامبريالية الام تعطي الشركات حق استغلال رقعة الارض التي تقيم الشركة عليها ومن ثم تتحول هذه الشركة الى حكومة المستوطنين وقد قامت الوكالة اليهودية بهذا الدور في المشروع الصهيوني . *يلاحط من الخطاب الاستعماري الاستيطاني خطاب توراتي فالمستوطنون سواء في جنوب افريقيا او في فلسطين يدعون انهم عبرانيون او شعب مختار او جماعة يسرائيل واعتذاريات المستوطنين في كلا البلدين هي اعتذاريات توراتية . *تحدد مفهوم المواطنة في البلدين ليس العيش في جيب استيطاني وانما هو صاحب الحقوق المطلقة يتضح هذا المفهوم في قانون العودة الاسرائيلي الذي يمنح حق العودة لليهود فقط دون سواهم ويتضح ذلك في جنوب افريقيا التي كانت تمنع هجرة من هم من غير البيض . *في المجال الاقتصادي نجد في الحالتين يحاولون الاستيلاء على الارض اما عن طريق الاستيلاء المباشر او شرائها او عن طريق اصدار قوانين تسهل عملية الاستيلاء عليها ويقوم النظام الاستيطاني باعاقة تطور الاقتصاد المحلي للسكان او اي شكل من اشكال التراكم الرأسمالي. *تواجه جيوب الاستطانية مشكلة ديمغرافية دائما اذ ان السكان الاصلين يأخذون بالتكاثر لذا لا بد ان يضمن الجيب الاستيطاني تدفق الهجرة المتواصلة من الغرب للتعويض ويصدر تشريعات تساعد على ذلك . *رغم عمليات القمع التي يمارسها الاستيطان ضد السكان الاصلين الا ان الاستيطان يبقى يرى ان هناك حقوق للسكان الاصلين ويحاربون من اجلها ، لذا يقر المستوطن ان وجوده مهدد دائما ويهدف الامن القومي في النظم الاستيطانية البقاء الوجودي ومن اهم مقومات البقاء القوة العسكرية والدعم المالي الغربي وتدفق المادة البشرية بشكل دائم . هذا التوافق والادراك المتبادل لوحدة المصير ادى الى خلق درجة كبيرة من التعاون في عدة مجالات واهمها المجال العسكري حيث ارسلت اسرائيل متطوعين للقتال الى جانب سلطات الفصل العنصري في جنوب افريقيا ضد السكان الاصلين وقامت جنوب افريقيا انذاك بامداد اسرائيل بالسلاح في حروبها ضد العرب واقامت صناعات مشتركة في مجالي السلاح التقليدي والسلاح النووي