ليبرمان وزيراً للدفاع الإسرائيلي بقلم /جمال ابو لاشين بعد أن ظهرت الأيام الأخيرة فى اسرائيل خلافات (موشيه يعلون) وزير الدفاع ، ورئيس الوزراء (نتنياهو) ، قام الأخير بالتفاوض مع زعيم (إسرائيل بيتنا) (أفيغدور ليبرمان) لدخول الحكومة بدلاً من الوقوف في صفوف المعارضة وعرض عليه منصب وزير الجيش الإسرائيلي. وقد قام عديدون بتحليل هذه المحادثات وما ينتج عنها وتنحصر بالتالي / أ- أن نتنياهو استطاع خديعة ليبرمان بهذا المنصب، وأن شعارات الأخير الناقدة للحكومة، والداعية للحرب لن تتحقق، وهو في الحكومة. ب- أن ليبرمان من خلال هذا المنصب لن يكون مقرراً في شئون الحرب والسلام فهذا يأتي عبر مؤسسات عدة في الجيش والمخابرات وغيره. ج- أن نتنياهو كرئيس وزراء هو من يملك هذا القرار سلماً وحرباً وبالتالي سيهمش ليبرمان. لقد حلل الكثيرون هذا الاتفاق من زاوية انحصرت في الانتقال من صفوف المعارضة بما لها من مساحات مناورة لصفوف الحكومة بما عليها من قيود،كذلك فى التخويف من ليبرمان والحقيقة أن ذلك جزء من حقيقة ما حدث، فليبرمان كمتطرف يميني لا يخفي أفكاره فقد طرحها مسبقاً في مؤتمرات عدة ومنها مؤتمر هرتسيليا الخاص بالأمن والاستراتيجيات ولا يخفي مشروعه الخاص للحل الدائم، والنهائي مع الفلسطينيين والذي يقوم على عدة نقاط أهمها: 1- استبدال الانسحاب الكامل من أراضي العام 1967 بتبادل أراضي على أساس تواجد سكاني. 2- ضم منطقة المثلث للضفة الغربية مقابل الاحتفاظ بكامل المستوطنات في الضفة. 3- دولة يهودية صهيونية بشكل أكثر وضوحاً حسب تعبيره فلن تكون هناك دولة ثنائية القومية في إسرائيل في حين تقوم دولة نقية بجوارها، ومن يرفض لا يمكنه أن يكون أكثر من ضيف. لذا فتطرف ليبرمان هو جزء من ظاهرة تجتاح إسرائيل بأسرها في غياب أي دور فاعل للقوى الديمقراطية واليسارية كما في السابق، وهذا التطرف ينعكس يومياً في إدارة الظهر للفلسطينيين، وقتلهم على الهوية. ولكن ما يبدو لي بأن تعيين ليبرمان وهو مهاجر روسي كان يعمل حارساً شخصياً قبل مجيئه لإسرائيل ، وليس ابن المؤسسة العسكرية له أسبابه المرتبطة بتعاظم الدور الروسي في الشرق الأوسط، وخصوصاً سوريا. وليس أدل على ذلك من سفر رئيس دولة إسرائيل، ومن بعده رئيس وزرائها للقاء الرئيس بوتين حيث جرى تثبيت عدة نقاط أهمها:- 1- منع إيران بأي ثمن من تواجد عسكري لقواتها على حدود إسرائيل الشمالية. 2- الاعتراف بأي تسوية على سيطرة إسرائيل على الجولان السوري. 3- تأييد روسيا إعادة قوة المراقبين الدوليين للهضبة والتى تشكلت في أعقاب حرب أكتوبر. إن روسيا التي تعاظم دورها في الشرق لا تخفي اهتمامها بالمهاجرين الروس منها لإسرائيل، والذين يمثلون نسبة كبيرة من المجتمع الإسرائيلي تتعدى 20% ، فأكثرية المهاجرين لفلسطين نهاية القرن التاسع عشر من اليهود (الإشكناز) والذين مثلوا وقتها 90% من عدد يهود العالم والذين تركزوا في روسيا وبولندا بشكل كبير، والامبراطورية النمساوية المجرية، وألمانيا، والذين كانوا الأصلح وقتها، كمادة بشرية للمشروع الاستعماري في فلسطين نتيجة عزلتهم، وجمودهم العقائدي، وكحل لوقف تدفقهم من الشرق الأوروبي للغرب منه. لذلك نجد أن التاريخ اليهودي، وهجراتهم لفلسطين، ظلت حتى وقت قريب جداً تعتمد على فائضهم في روسيا، بحيث أنه نتيجة زياردتهم في المجتمع الإسرائيلي أصبح لهم إذاعاتهم الخاصة، وترجمت التقارير والأفلام وخلافه للغة الروسية، وقد كان آخر توافد لهم في العامين 1994 - 1995، ومنذ ذلك الوقت ظهرت تجمعاتهم، وازداد تأثيرهم في الحياة السياسية، وكان لليبرمان وحزبه الفضل الكبير في ذلك، لذا اختيار يهودي روسي في ذلك الوقت بالتحديد له أبعاده في ترتيب أوضاع المنطقة، وتطوير العلاقة الروسية الإسرائيلية.