نقلت القناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيليّ، عن مصادر رفيعة في تل أبيب، قولها إن دول عربيّة، لم تُفصح عن أسمائها، عملت بدون كللٍ أوْ مللٍ لإقناع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو بضمّ حزب “المعسكر الصهيونيّ” إلى حكومته، ولكنّ الأخير ردّ عليهم بصفعةٍ مجلجلةٍ، ووجّه لهم رسالة أنّ اليمينيّ المُتطرّف، أفيغدور ليبرمان، الذي هدّدّ بقصف السدّ العالي في مصر هو الذي سيتبوأ منصب وزير الأمن، مُستدركًا أنّ التعيين لا يعني تغيير سياساتإسرائيل الأمنيّة، على حدّ تعبير المصادر عينها.
من ناحيته، رأى مُحلل الشؤون العسكريّة في موقع (YNET) الإسرائيليّ، التابع لصحيفة (يديعوت أحرونوت)، رأى أنّ تعيين ليبرمان هو عمل غير مسؤول من نتنياهو. وتابع أنّ رئيس الوزراء يُعرّض الأمن القوميّ للخطر بصورةٍ غير معقولةٍ فقط لاعتبارات سياسية، وتحت تأثير الخضوع للجناح القومي- المتشدد في حزبه.
ولفت المُحلل إلى أنّ استبدال يعلون بليبرمان هو أمر غير أخلاقيّ، وبذلك يلمح نتنياهو لقادة الجيش الإسرائيليّ وكبار المسؤولين في الشاباك وفي الموساد أنّه ممنوع عليهم الإدلاء بتصريحات علنية تتعارض مع الخط المعتمد في الائتلاف الحكومي، ومَنْ يخرج عن نص التعليمات التي يفرضها رئيس الحكومة يُقال فورًا.
وأردف المُحلل إنّ الضرر المُباشر ينبع من عدم مسؤولية رئيس الحكومة الذي استبدل وزير أمن متمرسًا وهادئًا ومتزنًا وصاحب رؤية إستراتيجية، ثبتت صحتها أكثر من مرة، بوزير أمن لا يتمتع بأي خبرة أمنية، ولا يمكن توقع ردات فعله، ويتعيّن عليه اتخاذ قرارات تحدد مصيرنا جميعًا من اللحظة – أو الثانية – التي سيستلم فيها منصبه.
ولفت إلى أنّ يعلون حقق يعلون إنجازات أكيدة على امتداد مسيرته المهنية العسكرية.
وأشار المُحلل إلى أنّه حتى لو افترضنا أنّ الخبرة التي راكمها نتنياهو في موضوعات أمنية يمكن أنْ تعوض عن نقص خبرة ليبرمان، فإنّه يجب أن نعرف أن وزير الأمن يتخذ منفردًا عشرات القرارات ذات الأهمية الكبيرة أسبوعيًا، من دون التشاور مع رئيس الحكومة، فهو الذي يوافق على الخطط التشغيلية للجيش، وعلى خطط الشراء، قبل عرضها للحصول على موافقة رئيس الحكومة والطاقم الوزاري المصغر.
ويجب أن نرى ما إذا كان ليبرمان، بين ما يعرض عليه من خيارات، سيُوافق على اختيار مخططات تشغيلية لا تتلاءم مع نظرته السياسية. حاليًا، أضاف المُحلل، من المنتظر أنْ يجلس في مركز وزارة الأمن شخص اقترح تدمير سد أسوان وتحويل غزة إلى ملعب كرة قدم. ونتذكّر كيف أنّ ليبرمان كان بسبب هذه التصريحات وزير خارجية شخصًا “غير مرغوب فيه” في مصر.
وشدّدّ على أنّ التعاون الأمني مع القاهرة هو حجر أساس في أمن إسرائيل خلال هذه الفترة التي يشكل تنظيم داعش تهديدًا على حدودنا الجنوبية والشمالية. وليس صعبًا تخيل ردة فعل الرئيس المصريّ عندما يسمع مَنْ هو شريكه.علاوة على ذلك – فالمجتمع الدولي، بما في ذلك الولايات المتحدة، لن ينظر بعين الرضا إلى تعيين ليبرمان واستبعاد يعلون.
وأشار إلى أنّه ليس سرًا أنّ يعلون لم يكن محبوبًا لدى إدارة أوباما بسبب ثرثراته، لكن الأمريكيين احترموا قدراته، وهو عرف كيف يتفاوض معهم ومع وزير الدفاع الأميركي، وخصوصًا عندما حان الوقت للبحث في تفاصيل التفاصيل لما تريد إسرائيل الحصول عليه من مساعدات أمريكيّة. في النهاية، قال المحلل، الذي نقلت مؤسسة الدراسات الفلسطينيّة في بيروت، مقاله إلى العربيّة، كلمة أخيرة تتعلق بالرسالة التي ستُوجه إلى الجيش والضرر الناتج من هذا الإبعاد لشخص ربمّا لم تكن مواقفه السياسية بعيدة عن مواقف ليبرمان، لكنه عرف كيف يحافظ على إنسانيته وكرامته وحريته.
ويمكن لهذه الخطوة أنْ تحقق ما حذر منه كل من يعلون ونائب رئيس الأركان يائير غولان: توحّش المستوى الرفيع في الجيش وملائمة تقاريره وخطط عمله مع روحية التيار المتشدد والأكثر هيجاناً في الحزب الحاكم، بدلاً من ملاءمتها مع ما هو مطلوب من أجل تلبية حاجات الأمن القومي. وأضاف إن هذه الخطوة الدراماتيكية ستلمح للجيش بوضوح إلى أن منظومة القيم العالمية وقيم القتال التي كانت سائدة حتى اليوم أصبحت باطلة وملغاة. ومن الآن أصبحت منظومة القيم هي التي وضعها أجدادنا وفي طليعتها قاعدة “إذا جاء ليقتلك، اقتله”ـ حتى لو لم يكن لديه القدرة أو الوسيلة الملائمة لتنفيذ غايته. إن هذا ليس أمرًا لا أخلاقيًا فحسب، بل أيضًا يزيد في خطر أن كل فتاة فلسطينية في الـ12 من عمرها تحمل مقصًا يمكن أن تشعل مواجهة عنيفة شاملة مع الفلسطينيين من دون مبرر ومن دون حاجة.
وتابع قائلاً إنّ من سيدفع الثمن سيكون الفلسطينيون، وكذلك جنود الجيش الإسرائيلي ومواطنو دولة إسرائيل فيما إذا كانت أصبع أحدهم سريعة على الزناد. وسيقبل المجتمع الدولي حجة الفلسطينيين في أنّ إسرائيل تُعدم أولادًا وشبانًا وشابات فلسطينيين.
وخلُص إلى القول إنّ استبدال يعلون بليبرمان في هذا الموضوع هو بمثابة إعطاء الإذن للإصبع السهلة على الزناد، وللمتحمسين ومشعلي الحرائق في الجانب “الصحيح” من الخريطة السياسية، ومن المؤسف أنْ يقوم رئيس الحكومة بتجارب سياسية على حساب الأمن وشعور المواطنين بالأمان، على حدّ تعبيره.