قام الرئيس محمود عباس بإصدار مرسوم رئاسي بتشكيل المحكمة الدستورية العليا وذلك بعد11عام من صدوره حيث تم إقرار مشروع قانون المحكمة الدستورية في17-12-2005 من قبل المجلس التشريعي و تم مصداقة الرئيس عليه بتاريخ17-2-2006، علي الرغم من ان المحكمة الدستورية لها اصل من الناحية القانونية لا يمكن انكاره الا ان الطريقة التي شكلت فيها هي المحكمة شابها الارتياب والتشكيك بمدي حيادها ،فالمحكمة الدستورية مهمتها وفق بنود انشائها الموجودة في القانون الرقابة الدستورية علي القوانين ومدي دستوريتها وقد صرح حسن العوري المستشار القانوني للرئيس محمود عباس بأن هناك حاجة للمحكمة لأسباب أهمها الوضع القانوني للمجلس التشريعي الفلسطيني الذي تعتبره حركة فتح محل تساؤل في ظل غياب الانتخابات ، وقوله أنه ليس عيبا اذا ما تصدت المحكمة الدستورية لهذه المسألة و فتح تريد مرجعا قضائيا فيما لو حصلت بعض الإشكاليات فلابد من وجود جهة تتعاطي مع هذا الأمر وهذا ليس عيبا. ان تصريحات مستشار الرئيس ودلالتها تكشف لنا النية السيئة لتشكيل المحكمة الدستورية تقوم بمهمتها الأساسية وهي العمل على التشكيك بدستورية القوانين التي أصدرها المجلس التشريعي الفلسطيني في الفترة التي سبقت انشاء المحكمة الدستورية وتعطيل قرارات التشريعي وإلغاؤها بحجة عدم دستوريتها وتحصين قرارات الرئيس التي أصدرها منذ الانقسام وهي 124مرسوم رئاسي وتعزيز تفرد الرئيس محمود عباس بالقرار الفلسطيني في ظل الخلافات الداخلية في البيت الفلسطيني ووضع عوائق أمام إتمام المصالحة وتشريع الهيمنة تأصيلها قانونيا ودستوريا و ترسيخ السيطرة لجماعة الرئيس عباس سواء داخل فتح ام خارجها على القرار الوطني. ان هذا التوقيت وشكل المحكمة الدستورية وأن جميع أعضائها من لون واحد وهم محسوبين علي حركة فتح جعل حركة حماس وحركة الجهاد الإسلامي وعدد كبير من الفصائل ترفض هذا التشكيل للمحكمة الدستورية بوضعها الحالي على اعتبارها تعزيزا لهيمنة الرئيس عباس وتحصين لقراراته، وهذا ما قاله جرانت رملي الباحث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات ومقرها واشنطن: ان انشاء المحكمة الدستورية بصورتها الحالية هو استئثار بالسلطة من جهة الرئيس عباس وهي من وجهة نظر الرئيس محمود عباس وسيلة لإحباط آمال حماس وضمان سيطرة فتح علي السلطة حتى بعد رحيله. والحقيقة أنه من باب أولي أولا عمل دستور لدولة فلسطين ثم انشاء محكمة دستورية وهناك أمثلة لمحاكم دستورية متميزة فعلي سبيل المثال لا الحصر فان المحكمة الدستورية الألمانية تمتاز بانها مكونة من تسع أعضاء ثلاثة من السلطة التشريعية وثلاثة من السلطة التنفيذية وثلاثة من السلطة القضائية وذلك حتى لا تطغي سلطة على أخري. إن أهم دافع جعل الرئيس عباس يشكل المحكمة الدستورية هو جعل المحكمة الدستورية صاحبة القول الفصل في أي نزاع ينتج في حالة اجراء أي انتخابات تشريعية قادمة وكذلك سيحل رئيس المحكمة الدستورية في منصب الرئيس في حال شغور المنصب وبذلك يتم تطبيق سياسية فتح بإبقاء منصب الرئيس في يدها حتى لو أدي ذلك الي الالتفاف على القيم الديمقراطية والقانونية وتفصيل قانون جديد يدعم السياسة الملتوية باعتبار منصب الرئيس منصب سيادي يستحيل على حركة فتح التخلي عنه. تحدثت معلومات إعلامية نشرتها عدة صحف تتحدث ان بعض القيادات الفتحاوية في الضفة الغربية بدأت بشراء السلاح وتخزينه استعدادا لمرحلة ما بعد الرئيس عباس في الوقت الذي يشهد فيه البيت الفتحاوي صراع داخلي اقل ما يوصف بانه خطير للغاية ومع ان العديد من الأسماء طرحت إعلاميا لخلافة عباس من داخل فتح إلا أن الغموض لازال يحيط بالشخصية التي ستخلف عباس في منصب الرئيس حتى اللحظة.