لاشيء يبقى هادئاً حين يتعلق الامر باصحاب الاديان، او لنقل بحاملي اعباء الله على الخراب المسمى الارض، فكل متطفل على ملكوت الله، ناصب نفسه الناطق باسمه، او القائم باعماله الارضية يقوم بخلق نهجه الفوضوي العابث كي يقول للاخر انا الاكثر تقرباً الى الله، وانا الاولى بالقيام باعماله، وهذا بالضبط ما جعل من الله نفسه متهماً من قبل الكثير من الفيئات الاجتماعية البشرية .. دون ان نحدد هنا مذهب او طائفة دينية او حتى دين على حساب اخر.
لكن لان الحدث احيانا يفوق القول، نجد انفسنا مكرهين الى ذكر بعض التسميات التي لانؤمن بها كموجودات فعلية في عقيدتنا المخالفة لهم، لكنها تسميات فرضت على الواقع فتقبلها البعض وادى ذلك التقبل الى اتساع الهوة بين البشر انفسهم، لاسيما اصحاب الدين الواحد ظاهراً والمختلفين في الجوهر.. وهنا بالذات اقصد الاسلام بشقيه السني والشيعي، وان لم يعجب البعض قولي شقيه باعتبار ان الاسلام بنظره جوهر واحد، فانا اقول له عذرا.. الاسلام الان ليس فقط سني شيعي انما تحول الى اداة بيد البشر المتألهين الذين اقاموا ملكوت الله في غرائزهم ورغباتهم فاحالوا الله الى التقاعد وبدأوا هم يمارسون السلطة بدلاً عنه، حيث اذا لم يكن الامر بهذا الشكل فان الله الذي هم يدعون بانه يأمرهم بتلك الافعال والاعمال لايستحق ان يكون فوق ذلك العرش المقدس.. لانه اله دموي يبيح الذبح وقطع الرؤوس والقتل الجماعي والسبي او الاغتصاب الجماعي، والتفخيخ والانتحار وقتل الاطفال والكبار والنساء.
اذا سنية الاسلام وشيعية الاسلام والتيارات الارهابية الاسلامية واقع لايمكن التغاضي عنه، ولايمكن انكار ذلك الا من اصحاب التيارات المثالية المتعالية وهولاء لايعيشون الا وهم الامر في قلوبهم لان عقولهم لايمكن ان تؤمن بذلك بالوهم لكونهم يعيشون الامر على خلاف ما يرونه بقلوبهم واقعاً.. وهذا بالتالي جعل البعض يخرج من الاطر التسامحية، والاطر المثالية، والاطر الربانية الروحانية، ليمنطق الواقع واقعاً او ليخرج ما هو مكبوت وحقيقي ويضعه فوق رفوف الوهمي كي يطمس الوهمي نهائيا وتظهر الحقائق بكل رؤاها وتمفصلاتها.
وكي لانطيل بالموضوع ونأخذه الى مسارات التناقض والتضاد الضمني والظاهري للمقولات المخالفة للافعال، نذهب مباشرة الى حرب اللحى والعمامات التي ظهرت منذ قرون وعقود وكانت تركن الى واقع الحال لفترات فتهدأ الويلات والصولات والفتك والقتل والوحشية، وسرعان ما تظهر الى الوجود بثوب متجدد وعنيف ولاانساني، كما يحدث الان في الفلوجة، التي تظهر كل متناقضات هذه الاديان.. او هذه الطوائف، ففي حين ان الفلوجة كانت بنظر الجميع بؤرة الارهاب الديني المتمثل بداعش النكاح والذبح والفتك، وان العشائر السنية فيها منذ حربها مع الامريكان كانوا متناقضين مع ذواتهم وانتمائهم ووطنيتهم، الا انهم الان باتوا اصحاب ملكوت الله وانهم الان وحدهم من تصح فيهم مقولة المجاهدين.
الغرابة تكمن في اصحاب اللحى الذين فتاويهم، وارائهم التي لاتثبت على حال، ونجدها في كل فترة تميل الى شيء يناقض الاخر، ففي حين كان الجهاد ضد الامريكان واقعا بالنسبة لهم، اصبح بعد دخول القاعدة الارهابية وداعش النكاحي محل رفض ومحل ادانة للكثير من شيوخ الجهاد وشيوخ الفتاوي وشيوخ النكاح ايضاً.. وها هم انفسهم الان يعودون ليقودوا حملة لامثيل لها ضد الدولة التي تريد استعادة الفلوجة من بين براثين الارهاب الداعشي النكاحي وتبعيات القاعدة الارهابية التي مزقت العالم الاسلامي كله.
وهذا ما اثار الكثير من التساؤلات من قبل عامة الناس لا خاصتهم فقط ، وكأن لسان حالهم يقول الفلوجة ياشيوخ النكاح والفتاوي أ ليست هي نفسها التي تبنت القاعدة وداعش وجعلت صورة الاسلام مشوهة واصبح صوركم بنظر العالم اجمعه مجرد شيوخ تبيح القتل والذبح والسبي، وأ ليست هي نفسها التي تناسل الارهاب فيها لتشمل اغلب المدن العراقية، ما الذي تغير الان، هل الامر يتعلق باهالي الفلوجة والشيوخ الذين بايعوا خليفة النكاح ام ان الامر يتعلق بالمذهبية العمياء التي تتبنوها، والتي يستغلها الطرف الاخر لصالحه ليقول للعالم اجمع بان هذا هو وجههم الحقيقي.
كانت الفلوجة منكوبة من سنتين او اكثر لم يتحرك احد منكم لاخراج مسببي الدمار فيها، ولان الدولة قررت باي شكل استعادتها اصبحتم الان ترون فيها الهلاك لبني جنسكم، فتحول الصراع من صراع انهاء اسطورة النكاح الداعشي داخل الفلوجة الى اسطورة الصراع السني الشيعي المتمثل بالدولة هنا، ان الشيعة على الرغم من كل مقولاتكم والتي تدل على ضلوعكم منذ البداية في اقحام الفلوجة في هذا الخراب، بنظر العالم يحاربون الارهاب في الفلوجة وليس السنة، حتى وان كان الامر غير ذلك اي انهم يحاربون السنة، لكن الصورة واضحة للعالم ولنا جميعاً الفلوجة تبنت القاعدة الارهابية وتناسل من زواجها المبارك بشيوخ المدينة من قبلكم قبل الان داعش الفتك والدم والارهاب والنكاح، اذا اين انتم من الامر الان... هل انتم مع القاعدة الارهابية وداعش الابن غير الشرعي او المنفصل عن القاعدة، ام مع الدولة الشيعية التي تحاول طرد الارهابيين النكاحيين من الفلوجة واستعادتها لسيادة الدولة العراقية ...؟ .
ان كل التصريحات التي يتم اطلاقها من قبل اصحاب اللحى والعمامات لاتسيء الا الى الاسلام لكون ان الجانبين يدعون بانهم ممثلوا الله الرسميين على الارض، لذا حين تحول الصراع الى صراع الرصاص والدم اصبح يتخذ شكلاً غريباً جدا على الناس الذين ينظرون الى الاسلام كدين الهي رباني فيه تشريعات الله هي التي تتسيد، اذا كان الله السني غير الله الشيعي اذا لماذا لدى الاثنين نفس المساجد ونفس القران ونفس النبي..؟ ، وبالتالي كيف لله السني ان يدعم اصحاب الفكر الارهابي في الفلوجة وتلك العشائر التي فتكت بالناس واغتصبت النساء وباعت الفتيات في اسواق النخاسة، وفي الجانب الاخر هل الله الشيعي يقبل من ابنائه بابادة الناس لانهم يتبعون الله السني...؟.
هي بحق معضلة الحرب بين اللحى والعمامات.. وهي بحق معضلة الدين الذي يتربع على عرش ربه بشر لايمتلكون الثبات في مواقفهم ولا حتى تلك الصفات الاخلاقية التي تجيز لهم القيام بامر الله على الارض، لذا سنقول لمن يريد الخروج من هذه الدوامة ان يبحث عن الله الذي لاينتمي الى الاديان هذه كي يعيش بامان وسلام من احتكار اصحاب اللحى والعمامات لمقاليد الحكم الالهي على الخراب الارضي.
الغرابة تستمر في تلك الصياحات والصراخات التي يطلقها الان اصحاب اللحى في كل اصقاع الارض وبالاخص على الشكبات الاجتماعية الداعية الى تحرير نساء المسلمين من همجية الشيعة، ترى أ ليست تلك النساء كن تحت سياط مجاهدي النكاح او ضمن اولويات خليفة النكاح البغدادي، ترى أ ليست النساء تلك تم بيع الكثيرات منهن في اسواق النخاسة، أ لستم من كنتم تقولون ذلك قبل الان... ولعل اغرب ما ورد على الشبكات الاجتماعية وجود " 300" فتاة سعودية في الفلوجة ترى هل هذه الفتيات كن في رحلة استجمام وسياحة على شواطئ الدم في الفلوجة ام ماذا..؟، اذا ان الحرب الان ليست حرب ارهاب فقط، انما تحول الارهاب بعينه الى عقول اصحاب اللحى والعمامات وبالتالي اصبح استعادة الارض المحتلة من قبل الارهابيين الدمويين حرباً بين السنة والشيعة وهتاكاً للاعراض والى غير ذلك من التصريحات والتوهيمات، كل ذلك لان السلطة السياسية هي تابعة للشيعة، ولو كان الامر غير ذلك اي ان السلطة سنية، ومحاولة استعادة الفلوجة من الارهابيين والعشائر المبايعة للارهابيين وقتها هل كانت ستكون حرب شرعية، وليست انتهاكا للاعراض ...؟ انه سؤال نترك الاجابة عنه لاصحاب اللحى بالذات دون العمامات.....!