الطبيعي هو الشيء المألوف لدى معظم الناس، أمور عادية أحداث مستوعبة نشاطات مجربة مسبقا الى حد ما، باختصار؛ أن الحياة وبشكلها العام تدور ضمن إطار عام لكل فئة بمنطقة جغرافية معينة، مع بعض الإستثناءات التي تحدث هنا أو هناك، وفي أحيان كثيرة تعمل على خلط الأمور لدى جزء من الناس، كأن تعيش مثلا بقرية فترى في هذا اليوم فرحا لدى فلان وبعد يوم طرح لدى أخر، وفي كلا الحالتين، يكون الجميع متكاتفين متعاونين متراصين بمواجهة الحدث.
أما الغريب هو ما أصبحنا نعيشه اليوم، تبدلت الأدوار وإنعكست الأحلام وقُلبت الأحداث، والأغرب بالموضوع أيضا أن الكل سواسية، لا تجد أحد مصاب والأخر معافى، وحتى أن كان معافى ولو جزئيا، يكون فاقدا للمبادرة في تحمل عبء المواجهة مع الأخرين، أي أصبح هنالك خلل في النُظم التي تحكم سير حياة الناس، والناتجة عن الكثير من الأسباب التي لا نقوى بالطبع على حصرها، نعم أصبح هنالك ثقوب في الأنظمة الاجتماعية والسياسية وغيرها من أنظمة ومكونات ودعائم الحياة بشكل عام.
لربما الكلمات بسيطة والتعابير سهلة وسلسة، والفكرة بحد ذاتها واضحة ومفهومة، فبعض الكلمات وتركيبة الجمل عادية وأقل من عادية في أحيان، لكن الشيء غير العادي هو حقيقة الفكرة بحدوث تفسيرات وأمور قلبت حياتُنا رأساً على عقب، فلا شيء صحيح ولا مُتقبل، وهذا لدى الجميع فمن الصعب أن يحدثك شخصٌ ما عن يومياته وما يواجه من صعوبات، لكنه بينه وبين نفسه مُقر بحدوث أمر جلل لا يعرف أسبابه، وهذا ينطبق عليّ وعليك وعليهم، وكأن الجميع في خندقٍ واحد، وما عليهم إلا تلقي الضربات التي تنهال عليهم كالسهام من كل صوبٍ وحدب، وهنا لستُ محبذاً الدخول بتفاصيل وتحليل الأسباب والدوافع التي غيرت من مسار حياتنا على كافة الصُعد، لأن كل واحد فينا مدرك لمواطن الخلل التي وقع فيها، وفطن بما فيه الكفاية لمعرفة الإخفاقات التي حدثت له نتيجة قيامه بأمور ما، ولكن الشيء المحبذ ذكره أن الصور والأشكال تعدت كل المتوقع، فأصبح لكل شخص نصيب من حدث ما أو أمرٍ مدبر.