الأحد 23/10/1444 هـ الموافق 14/05/2023 م الساعه (القدس) (غرينتش)
فشل الإخوان المسلمين.... حمادة فراعنة


لم يتطور موقف الفريق الثالث الذي يقوده الثنائي همام سعيد المراقب العام ونائبه زكي بني ارشيد ، لدى حركة الاخوان المسلمين المثلثة الأضلاع كما هي اليوم ، من موقع التعالي السياسي الى التراجع نحو سياسات التواضع والقرارات الواقعية الرخوة ، لم يتطور موقفهم ، ولم يتقدموا كحركة سياسية حزبية في اتخاذ قرارات جريئة بسبب الأحساس العالي بالمسؤولية نحو الوطن وظروفه الصعبة وانعكاسات المحيط التدميري الملاصق بنا ، أو نزولاً في احترام المصالح العليا للدولة الأردنية ، بل جاء ذلك لدوافع حزبية سياسية ، أملتها عوامل التغيير في المعطيات السياسية المحلية والعربية ، حصيلة الفشل والاخفاق في الرهان على سياسة تفوق قدراتهم الذاتية ولا تتفق مع السجل التاريخي لحركة سياسية كانت بمجمل مكوناتها وجميع أطرافها حليفة للسياسات الرسمية لأكثر من خمسين عاماً ، وهذا هو سبب قوة الانتشار والتوسع والنفوذ الذي تمتعت به الحركة طوال مرحلتي الحرب الباردة دولياً والأحكام العرفية محلياً ، حيث كانت المؤسسات الرسمية حاضنة لهم في التربية والأوقاف والمساجد والجامعات ، فوصلوا الى ما وصلوا اليه من مكانة متميزة . 
لقد اتخذ فريق همام سعيد وزكي بني ارشيد قرارين في غاية الوضوح والأهمية  :
الأول : المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة في أيلول 2016 ، رغم عدم قبولهم لقانون الأنتخاب وعدم رضاهم عنه .
الثاني : تنصيب لجنة مؤقتة لأدارة الجماعة وتولي عبد الحميد الذنيبات رئاستها بما يوحي بعزل الثنائي همام سعيد وزكي بني ارشد طوعاً عن قيادة الحركة .
وهذا لم يكن ليتم لولا ثقل الفشل ودوافع الحفاظ على الذات ، بعد محاولات التقدم نحو اتخاذ سياسات معارضة للسياسة الرسمية ، بل والتقدم نحو قفزات سياسية جذرية ثورية متطرفة تمثلت بموقفين :
أولهما : حينما أعلن قيادي بارز في الاخوان عن استعداد الجماعة لتولي السلطة السياسية في الأردن ، على أثر نجاح حركة حماس الفلسطينية وحصولها على الأغلبية البرلمانية عام 2006 مما أهلها لتقود حكومة السلطة الوطنية منفردة بدون شراكة أي من القوى السياسية ، وهو موقف محق ان يقوله وأن يعمل من أجله وأن يسعى القيادي وتنظيمه للوصول اليه على أن يكون ذلك انعكاساً لعوامل محلية وطنية ، وأن لا يستقوي بعوامل خارجية للوصول الى سلطة اتخاذ القرار الأردني ، وأن يتم ذلك على قاعدة تداول السلطة وفق افرازات صناديق الاقتراع ، لا أن تكون الأنتخابات لمرة واحدة أسوة بما  حصل في قطاع غزة حيث سلطة حماس ، سلطة الحزب الواحد ، ولا مجال لاجراء أي انتخابات تشريعية أو نقابية أو في البلديات أو مجالس طلبة الجامعات منذ مرور عشر سنوات على تسلمهم للسلطة المنفردة بلا أي شريك ، بعد الانقلاب وقرار الحسم العسكري في حزيران 2007 .
وثانيهما : ما أورده برنامجهم الاصلاحي في المطالبة بتعديل المواد 34 و 35 و 36 من الدستور والتي تتعلق بصلاحيات رأس الدولة ، والعمل على تغييرها كي تتقيد صلاحيات رأس الدولة ، باتجاه ما سبق وعبر عنه زكي بني ارشيد غير مرة عن تطلعات الجماعة كي تكون “ شريكاً في القرار وشريكاً في الحكم “ ، وهذا التوجه لم يحظ بموافقة كافة توجهات الجماعة ، بل لقد فجرت هذه التوجهات الخلافات الداخلية ، وحصيلتها هذا التمزق الثلاثي الذي عصف بها .
مشكلة الاخوان المسلمين ليست في غياب الترخيص القانوني الذي حصلت عليه عام 1946 وجددته عام 1952 ، وبقيت بلا ترخيص قانوني مستجد على الرغم من مرور عشرات السنين على وضعها بلا غطاء قانوني ولكنها ملكت غطاء ما هو أهم من الترخيص القانوني وأقوى وهو الترخيص السياسي والشرعية السياسية ، وكان ذلك غطاء لها طوال فترة تحالفها مع السياسات الحكومية الرسمية ، وفقدتها حينما فكت تحالفها مع الحكومات المتعاقبة واتخذت قرار المعارضة وأسلوب وسياسات المعارضة ، فشاركت مع الأحزاب اليسارية والقومية ، والنقابات المهنية ، ومجموعة أحمد عبيدات ، في تشكيل الجبهة الوطنية للاصلاح عام 2011 ، حيث أخفقت في الحفاظ على استمرارية الجبهة لأن سقف الاخوان المسلمين السياسي ومطالبتها بتعديل الدستور ، وطرح شعار “ الشراكة في الحكم “ لم يرق للأحزاب القومية واليسارية فأدى ذلك الى انفراط الجبهة وانسحاب الأحزاب اليسارية والقومية والنقابات المهنية  من عضويتها وبقيت الى اليوم لاسم بلا مضمون وبلا هيكل .
 لقد تولى عبد المجيد الذنيبات موقع المراقب العام عام 1994 حتى عام 2006 ، بعد أن شغل موقع نائب المراقب العام ، وتولى سالم الفلاحات موقع المراقب العام منذ 2006 ، أي أنهما توليا المراقب العام بعد استئناف الحياة البرلمانية ، والترخيص للأحزاب السياسية ، والغاء الأحكام العرفية عام 1990 –1991 ، وهذا يعني أن كليهما تولى موقع المراقب العام بنفس الترخيص القديم عام 1946 – 1952 ، ولم يحاولا تجديد الترخيص ، وان حاولا فقد أخفقا ، مما يدلل أنهما أيضاً اعتمدا على الترخيص السياسي من قبل الحكومات المتعاقبة انعكاساً لمواقفهم المعلنة في التحالف مع السياسات الرسمية ، ومع ذلك خرجا من رحم الجماعة التقليدية ، ليكون الأول مراقباً لجمعية جديدة ، ويكون الثاني شريكاً في الفريق القيادي الأنتظاري الذي يتوسل ولادة تجربة سياسية ليست ذات صلة بالجماعتين التقليدية القديمة والجديدة المستحدثة .
قرارات جماعة الثنائي همام سعيد وزكي بني ارشيد في المشاركة بالانتخابات بدون التوصل الى صفقة متوازنة على غرار سنوات الدلال ، وقبولهما الأنطواء عن قيادة الجماعة وهما في قلب قيادتها تراجع وانحسار وتسليم علني بالفشل مهما تم تغليف القرارات بعناوين ومفردات وغطاءات مختلفة ، ويدلل على أن التراجع شمل الأطراف الثلاثة وان كان الفريق الأول بقيادة عبد المجيد الذنيبات تراجع بقناعاته ، وفريق سالم الفلاحات الثاني بعدم رضاه ،  أما الفريق الثالث فقد تراجع مهزوماً أمام قوة التغيير بعد فشل أغلبية فصائل حركة الاخوان المسلمين في مصر وسوريا واليمن وغزة ، وعجزها عن تقديم نموذج أفضل من الأنظمة الديكتاتورية ، وأنظمة الحزب الواحد ، واللون الواحد والطائفة الواحدة ، وفي الأردن وان لم يحققوا أهدافهم ولكنهم فشلوا في اختيار البرنامج الواقعي العملي التدريجي ذات الطابع الديمقراطي التعددي وحاولوا القفز الى الأمام فانكسرت طاقتهم وباتوا أسرى لمعطيات لن يستطيعوا تجاهلها أو انتكاسة يصعب تغييرها الى مدى غير منظور  .
[email protected]

2016-06-16