ياشعر ليلى... شعر رامي ابو صلاح
يا شعر ليلى...
هل تراك تحبها
مثلي تقبل فجأة شفتيها؟
ياشعر ليلى..
هل تقول الشعر فيها
مثلما شعري يفيض مغازلا خديها؟
قل لي اذا يوما نزلت بصدرها
ورميت نفسك هائما
ترجو رحيق الحب من نهديها
ياشعر ليلى
هل ترى مجنونها؟
اتراه مافتيء الليالي ساهرا
يجد القصيد اذا التقى عينيها؟
ياشعر ليلى
قل لها اني وجدت الدفء
بين يديها
قل ان في قلبي الطفولة كلها
كالطفل ابدو ان نظرت اليها
ياشعر ليلى
كيف يقطف زهره
من يزرع الازهار
يسقيها..يخاف عليها
كيف الذي رسم الحروف قصيدة
ياتي بحرف قد يسيء اليها؟
ياشعر ليلى
انني احيا بلا قلب
فقلبي عندها
لا ارتجي الا هواي يعيش في قلبيها
ياشعر ليلى
لا اظنك منصفا
واراك مثلي هائما
تمضي الحياة معانقا كتفيها
ياشعر ليلى
كيف تنسى انني
شرقي وغيور اخاف عليها؟
ولربما آتيك يوم غاضبا
واقص كل ضفيرة
منحتك حق الاقتراب اليها
'يا شعر ليلى' والتكرار الدائري المستنفز للذاكرة
علوان السلمان
النص الشعري..ذات الشاعر المنتجة لمشاعره ورؤاه لتحقيق هدف الشعر الذي هو 'رؤية ما لايرى..' على حد تعبير رامبو.. فيختصر المسافات بتوظيف وسائل تعبيرية مكتظة بوظائفها الجمالية التي تتجسد بشكل رمزي ودلالي يقترن بالواقع..
والشاعر رامي ابو صلاح في نصه الشعري 'ياشعر ليلى' بمقاطعه التسعة التي تشكل صورا مشهدية متلاحقة باسلوب حكائي يعتمد اسلوب النداء المؤكد للانتباه والاهتمام .. المنسابة بعذوبة شفيفة تشبه عذوبة 'تبعثرالكستناء'.. بصورها التي تتلاحق باسلوب حكائي مستفز للذاكرة..والتي تكشف عن ذات مأزومة تعيش لحظاتها الندائية وانفعلاتها وعذاباتها واحلامها ورؤاها وانكساراتها على المستوى النفسي ابتداء من العنوان الخطابي الدال بفونيماته الثلاثة'حرف نداء+ منادى مضاف+ مضاف اليه' المكتظة بالتفاصيل الحوارية..
ياشعر ليلى...
هل تراك تحبها
مثلي تقبل فجأة شفتيها؟
ياشعر ليلى..
هل تقول الشعر فيها
مثلما شعري يفيض مغازلا خديها؟
قل لي اذا يوما نزلت بصدرها
ورميت نفسك هائما
ترجو رحيق الحب من نهديها
فالنص ينبثق من موقف انفعالي يتكىء على حقول دلالية(مكان/زمان/ حدث....).مع تكثيف العبارة وعمق المعنى بجنوح المنتج(الشاعر) الى التركيز والايجاز في التعبير عن لحظته باعتماد تقنية الانزياح الناتجة من توظيف العلوم البلاغية(المجاز /الجناس/الاستعارة..)..فضلا عن انه يتأثث من تلاحق الصورالقابضة على لحظة الانفعال مما يمكنه الانفتاح على تقنيات السرد الشعري البصري(المشهدي)الذي يتطلب حضور المكان الحاضن للفعل الشعري وانفعالاته..
هذا يعني ان النص يتخذ مسارين شعريين'الرؤية والرؤيا'و'الواقع والحلم'..وهما يعبران عن الحالة النفسية ويكشفان عن البعد الانساني المتصاعد في ارقى تجلياته وسلوكياته ببناء فني معنى ومبنى..مع رقة حس مواز للحالة النفسية المتشكلة بنمو شعوري يسمح بالتدفق العاطفي الواعي ..اضافة الى اعتماد الشاعر تكنيكات فنية واسلوبية كان في مقدمتها التكرار بوصفه اسلوبا دال على التوكيد وسمة شعرية بما تحمله من طاقات تعبيرية وايقاعية..والتي شكلت لازمة لتقوية الصور..اضافة الى اشتغالات الشاعر القائمة على بنى متعدد كان في مقدمتها' بنية اللغة الشعرية وبنية الصورة الشعرية وبنية الايقاع الشعري التي تعتمد على الوزن والقافية التي تترك اثرها على صعيد الايقاع والدلالة لما تمتلكه من طاقات صوتية وايحائية..
ياشعر ليلى
هل ترى مجنونها؟
اتراه مافتيء الليالي ساهرا
يجد القصيد اذا التقى عينيها؟
ياشعر ليلى
قل لها اني وجدت الدفء
بين يديها
قل ان في قلبي الطفولة كلها
كالطفل ابدو ان نظرت اليها
فالنص يكشف عن مهارة منتج يستبطن العمق الدلالي الحياتي ماديا وروحيا وتاريخيا وباستنطاقه واستقراء الفاظه ومعانيه نستجلي صورة المراة الوجود والفعل الذي يمنح الشاعر مساحة وجدانية قادرة على توليد طاقة جمالية لها وهج شعوري بعوالم ابداعية تتمثل في صهره حيثيات الواقع التاريخي بالوجداني عبر صوره المشهدية التي تقوم على بنى استعارية وكنائية ومناحي تصويرية مكتظة بالحركة تكشف عن قوة العلاقة بين الجانب الحسي والمعنوي..تلك العلاقة التي تربط بين المراة ككائن والحب الذي هو خروج عن الذات.. كعلاقة روحية محركة للمشاعر الانسانية..لذا فالنص'يمد يده الى الاشياء فيحييها كما فعل موسى'ع' والفارق الوحيد ان اداة موسى هي العصا واداة الشعر الكلمة..' على حد تعبير نزار قباني.. فحروف النص المتعانقة تكتسي برداء النغم فتضيء الزوايا المجهولة في جسد المراة كي يجعل منها قضية انسانية لا سلعة كمالية..
ياشعر ليلى
كيف يقطف زهره
من يزرع الازهار
يسقيها..يخاف عليها
كيف الذي رسم الحروف قصيدة
ياتي بحرف قد يسيء اليها؟
ياشعر ليلى
انني احيا بلا قلب
فقلبي عندها
لا ارتجي الا هواي يعيش في قلبيها
فالشاعر يحتضن الحياة بكل موجوداتها لخلق صوره المتوالدة من بعضها بصفتها اداة الكشف عن اصالة التجربة وجوهر المنجز الشعري وفيها تتحفف ذات الشاعر موضوعيا..لانه يعي ان الفن هو'التعبير بصور' والذي لا يتحقق الا بامتلاء المخيلة بمعطيات حسية يتفاعل معها المنتج بوعي.. فيتنقل بوع بين مساحاته المشهدية ليصف وضعه النفسي والمعشوقة حتى يصل مرحلة الحب ويكشف عنها بانها خروج عن الذات..
ياشعر ليلى
لا اظنك منصفا
واراك مثلي هائما
تمضي الحياة معانقا كتفيها
ياشعر ليلى
كيف تنسى انني
شرقي وغيور اخاف عليها؟
ولربما آتيك يوما غاضبا
واقص كل ضفيرة
منحتك حق الاقتراب اليها
فالشاعر يبوح بوحا اقرب الى حوار الذات ويستنطق المكان بصفته دال اشاري متشعب باحداثه التي شكلت بؤرة مركزية تجتمع فيها خيوط النص المؤنسن للجماد فيمنح نسيجه تماسكا ووحدة موضوعية عبر سرد شعري للمواقف المتوالدة من تفجير الفعل المخاطب'شعر ليلى'..
وبذلك قدم الشاعر نصا ميزته علامتان مضيئتان: اولهما البنية الدرامية..وثانيهما اللغة اليومية.. المنطلقة من ضمير المتكلم'نا'..
