خيبت الولايات المتحدة الأمريكية التي تعيش مرحلة حملات إنتخابية أمال الأمين العام للأمم المتحدة الذي سيبدأ زيارته لإسرائيل والاراضي الفلسطينية المحتلة يوم الإثنين المقبل ، وذلك بعد إرجاءها إصدار تقرير اللجنة الرباعية الذي كان متوقعاً صدوره أمس الخميس.
وبالأمس وصل الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى العاصمة النمساوية فيينا بعد زيارته القصيرة للعاصمة البلجيكية بروكسيل وإلقاء خطابه أمام البرلمان الأوروبي فيها والذي لم يخلو في رأي المراقبين من لغة إنشائية لم تعد جذابة أو مقنعة كما كان مخرجينها ينجحون في الترويج لها في السابق ، حيث أنها لم تحمل معها أي جديد وباتت مكررة ومملة بدون أي مضمون لخطوات عملية تحمل معها خطة وطنية منطقية تتناسب مع المرحلة وتحدياتها، لذلك كانت نتيجة تقبل ما جاء في هذا الخطاب من قبل الشارع الفلسطيني مخيبة للأمال ولم يحظى على أي شعبية بالمطلق .
بالأمس أيضاً في فيينا كما كان أول أمس في بروكسيل إنطلق لسان أعضاء الوفد المرافق للرئيس الفلسطيني محمود عباس بالشكوى من فقدان الأمل بالوضع السياسي القائم لكل من إلتقوا بهم من أبناء الجالية الفلسطينية في كلا العاصمتين وعبروا لهم عن تشاؤمهم من أي نتائج مرجوة أو حقيقية في الأفق في المنظور القريب!.
يقول المراقبون لهذه الزيارة بأن الرئيس محمود عباس يعيش مرحلة عدم إتزان سياسي وإنعزال عن الواقع حتى لو حاول أن يظهر بأنه متماسك ، فالأخطاء المتكررة باتت واضحة والتخبط بات أكثر وضوحاً، لأنه يعرف أكثر من غيره بأنه لم يعد لديه شئ ليقدمه لشعبه سوى الوهم من خلال الإنتظار وتكرار الخطاب حتى يحين موعد تسلمه قرار إنتهاء المرحلة والذي تشير المعطيات بمجملها بأن هذا القرار لن يتأخر عن نهاية هذا العام!.
لذلك وبعد أن تبخرت أمال الفرصة الأخيرة لتحقيق أي إنجاز سياسي يذكر الواحد تلو الأخر، وذلك بعد تقرير الرباعية الذي تم تأجيله، والذي كان يتأمل الجميع منه أن يحمل في طياته فرصة لصدور لغة دولية متفق عليها بين أطراف الرباعية تحدد العراقيل القائمة حالياً أمام استئناف مفاوضات ذات معنى بين الفلسطينيين والإسرائيليين، لتحدد خطواتها المقبلة لوضع تصورها للخطوات العملية التي يجب أن تتخذ للعودة الى المفاوضات بالتزامن مع المؤتمر الدولي المرجو عقده في الخريف المقبل في مدينة جينيف السويسرية التي تلقب بمدينة السلام وذلك بحضور طرفي الصراع في المنطقة، والذي أوصى به مؤتمر باريس الدولي الذي عقد مؤخراً والذي رفض التعاطي معه الإسرائيلين ، وأجمع عليه الفلسطينين باستثناء القلة القليلة، من المفاوضين واللاعبين ، الأكثر ارتباطا وإنخراطا في مسلسل اللهاية الفلسطينية المنغمس والمنخرط فيه أركان القيادة السلطة الفلسطينية ، باستثناء هؤلاء، بأنه كان فاشلاً ولم يرتقي للحد الأدنى من التطلعات الفلسطينية في بيانه الختامي ، هذا وسط تراجع الآمال المعلقة على مؤتمر السلام الدولي الذي تقود لجان عقده العاصمة الفرنسية باريس وذلك إلى حدها الأدنى، فماذا تبقى لهذه القيادة الفلسطينية الضعيفة ؟!.
لذلك لابد من طرح سؤال مشروع يتمثل في ما الذي تبقى لدى الرئيس محمود عباس ومنظومته ليقدموه بعد كل هذه الخيبات المتلاحقة والمتكررة؟!، والتي كان أخرها فوز إسرائيل مؤخراً برئاسة اللجنة السادسة التي تمثل اللجنة القانونية في الأمم المتحدة، والذي أدى إلى الكشف عن فضحية حالة العجز التي تعاني منها الدبلوماسية الفلسطنية التي من المفترض أنها تمثل رأس الحربة في رسم السياسة الفلسطينية إلا أنها أثبتت في هذه المرحلة بأنها كانت تمثل خنجراً في خاصرتها فأضعفتها وأنهكتها وتسببت في تراجع القضية الفلسطينية سنوات إلى الخلف في أولوياتها بعد تفريغها من مضمونها وتسجيل الخسارة تلو الخسارة الدبلوماسية في الساحة الدولية مما أدى إلى شطب أهمية فلسطين عن خرائط المنطقة ، هذا عوضاً عن الفضائح المهنية المتلاحقة التي لازمت وزيرها ، وضعف الأداء المهني الذي وصل إليه حال كادرها!.
من هنا نلاحظ أن النتيجة هي، فوضى مؤسساتية ، تخبط في القرارات السياسية والداخلية ، فشل مهني وسياسي ودبلوماسي غير مسبوق ، تعميق الخصومات ، فشل المصالحة ، خيبات أمل ، صراع حول النفوذ ، فساد ، إهدار المال العام ، تذمر في الشارع الفلسطيني ، لا أفق سياسي، مما يعني أن كل تلك ما هي إلا عوامل تشير إلى أن النهاية لهذه المرحلة باتت قريبة جداً، ولكن يبقى الأمل بأن لا تتبعها مرحلة صراع دموية خاصة في ظل الإستقطابات والتحالفات الأمنية المتسارعة، فهل يعي صاحب القرار خطورة المرحلة وتبعياتها؟!.