كان صديقي المصري سعيد جداً بفوزة بالجنسية البريطانية . فقد جائت بعد عناء ومثابرة . كانت سعادتة الأكبر عندما تلقي رسالة تبلغة بأن له الحق فى المشاركة في أستفتاء ستكون نتائجة بقاء بريطانيا في الأتحاد الأوروبي أم المغادرة . سعادتة تلك لم يشعر بها من قبل . فلم يحدث من قبل أن يتم دعوتة لأبداء رأي في وطنة أو مستقبله . كانوا هناك يحددون النتائج قبل إجرائها . المهم ، أستعد صديقي لهذا الحدث الكبير . أرتدى أجمل ثيابة وتوجه الى مركز الاستفتاء . لاحظ عدم وجود أى شرطي هناك . لأول مرة يشعر صديقي بأنه غير مراقب من الشرطة او المخابرات . لم يسمع أحد يملي علية بالأختيار . لم يسمع حتى بهتافات من قماشة (الاتحاد الأوروبي وبريطانيا ايد واحدة) . ولم يقول احد هناك (بقائها او فوضتها).. كان الجميع هادئون . في ذلك الصف الطويل داخل قاعة الآقتراع . أعطتة فتاة ورقة ليضع عليها أختيارة (البقاء أم الخروج) . لاحظ صديقي أن لا أحد مما جاوروة بالصف قام بسؤالة : بما تنوي أن تختار . كان أمر غير أعتيادي على صديقي . لأول مرة لا يشعر صديقي بالقلق من فوز أي اختيار . كانت لدية قناعة بأن السلطة البريطانية لا تدعو الى أقتراع لتخسرة . وأن أجهزتها بالتأكيد ستجد وسيلة لضمان النتائج لهذا كان مطمئناً . وكغير عادته فأي النتائج لن تعكر سعادتة بالحصول على الجنسية وتلك الفرصة السعيدة التى يقرر فيها مستقبل بريطانيا . ذهب الى بيته وكان يطمئن نفسة . العقل البريطاني أعقل من جماهيرنا . قد يعبر عن تذمره من بروكسيل وبيروقراطيتها . والسلطة الغير منتخبة ومشاكل المهاجرين . والهويات والعولمة والشركات الكبيرة . لكن صديقي أجزم بأنه لن يغامر بالتأكيد بأحداث خلل في المبنى الأوروبي أو خلخلة بيتة البريطاني الجديد . أستيقظ مبكراً . كان الصباح مفحم بالحيوية . أخذ صديقي يتابع التلفاز كان ديفيد كامرون يطالب الجماهير بالتفكير في مصالحهم ومصالح ابنائهم وحذرهم من الوقوع في فخ الشعارات مثل (بريطانيا قبل كل شئ) . ولكن الغلبة كانت لمشاعر الأمبراطورية القديمة ونسوا الشراكة والتعدد . أحس صديقي بالخوف على الأمل المُعقد . فقد فضل الشعب البريطاني مظلة الأمبراطورية القديمة على مظلة البيت الاوروبي . راح صديقي يراقب التلفاز . تكررت كلمة زلزال و أعصار كثيرا . كانت الخسائر كثيرة في الأسواق والبورصات . أرقام الخسائر مخيفة كأرقام قتلى في حرب مخيف . المذيع تحدث عن المنعطف التاريخي . أنه يضاهي انهيار جدار برلين . وقال ضيفه ان تلك الضربة التي وجهتها بريطانيا في البناء الاوروبي تعادل الضربة التي وجهها جورباتشوف الى الاتحاد السوفييتى . بعد دقائق قليلة عاد ديفيد كامرون ، قال الشعب البريطاني قال كلمته وسنحترم أختيارة . وقرر الأستقالة ليترك رئاسة الوزراء الى عُهدة رجل أخر . أحضر صديقي كوب ماء والقاه على وجهه . لعله يحلم . ماذا فعل كامرون ليغادر منصبه . الذى سرطن طعامنا لم يستقيل . لم يستقيل من أهدر مقدرات الوطن . لم يستقيل من يبيع أرض الوطن . عفواً ليس في ثقافتنا المصرية مسئول يعتذر او يستقيل . الحاكم عندنا يبقى ولا يذهب الى إذا ذهب الوطن الى الهاوية . فرحة صديقي لم تطول بالجنسية البريطانية . بريطانيا الأن مقدمة على التقلص والتمزق . مشاعر خروجها تصاعدت في اسكتلندا وإرلندا ، أصبح الدور الاوروبي ايضاً مرشح للتراجع أمام التنين الصينى وشراهة القيصروبلاد ترامب . هذا هو القدر ، فقد خسر صديقي المصري مرتين . ومن عادة المصري أن يخسر مرتين ..