الإثنين 17/10/1444 هـ الموافق 08/05/2023 م الساعه (القدس) (غرينتش)
أحمد التايب يكتب: إسرائيل ضمن دول حوض النيل

 يبدو أن هذا العنوان سيكون المانشيت الرئيسى للصحف العالمية والمحلية قريبًا، بعد الصراع الدائر حاليًا فى أراض القارة السمراء، حول مياه النيل الأزرق، وبعد الاتفاقات السرية والزيارة المريبة والمفاجئة لرئيس وزراء إسرائيل، وبعد عودة أفيغدور ليبرمان إلى الواجهة مجددًا، صاحب التصريحات العدائية شديدة التطرف، فلسطينيًا وعربيًا وحتى إسرائيليًا، وصاحب فكرة ضرب السد العالى، ليتولى منصب وزير الدفاع، وبعد أن أصبحت القارة السمراء مرتعًا لرجال المخابرات العالمية فى أشرس حرب بالقارة العجوز لأن الغنيمة سمينة وغالية، وبعد أن تم إقامة السدود على أطراف نيلنا العظيم، والانتهاء من بناء سد النهضة فى إثيوبيا ووصول سفينة المفاوضات المصرية الإثيوبية إلى طريق مسدود، وصولا لزيارة نتنياهو لـ7 دول أفريقية مؤخرًا، ليزداد المشهد سخونة وتعقيد وجليا فى نفس الوقت بعد هرولة وزير الخارجية المصرى سامح شكرى لتل أبيب ومقابلة رئيس وزراء الصهاينة متحدثًا معه بأفضل العبارات والجمل الحانية وكلمات الأخوة والصداقة والمحبة.

وبعد اكتمال مشاهد السيناريو وأركانه يبقى السؤال الذى يطرح نفسه، هل نجد أنفسنا فى القريب العاجل أمام خيار واحد، إما المياه لإسرائيل عبر قناة السلام فى السويس، أو هلاك الشعب المصرى، بتخزين حصة مصر وراء السدود الأفريقية، وعلى رأسها سد النهضة بإثيوبيا؟

وقبل الإجابة نقول، من المعلوم إن مطامع الصهاينة فى مياه النيل مطامع قديمة بدأت حتى قبل قيام دولة إسرائيل، فالكل يعلم تقديم ثيودور هيرتزل، مؤسس الحركة الصهيونية، عام 1903 دراسة فنية إلى اللورد كرومر المندوب السامى البريطانى فى مصر لنقل مياه النيل عبر قناة السويس إلى سيناء، ومنها إلى فلسطين بحجة تنمية شمال سيناء، ولكن كرومر أهمل عرضه.

ومن المعلوم أيضًا أن الجانب الإسرائيلى فى محادثات "كامب ديفيد" قد اقترح أن يكون هناك تعاون مشترك بين مصر وإسرائيل فى مشروعات مشتركة لتطوير موارد مياه النيل، وكان الطلب الإسرائيلى يشتمل على أن يتم تحويل 1% من مياه النيل لإسرائيل عبر أنابيب تمر تحت قناة السويس، لكى تحول ما يعادل 8 مليارات متر مكعب من مياه النيل سنويا إلى إسرائيل لرى صحراء النقب، وبعد هذا الاقتراح أكد مراقبون أن السادات وافقهم على ذلك، بدليل أنه أعلن فى حيفا للجمهور الإسرائيلى، أنه سوف ينقل مياه النيل لصحراء النقب فى إسرائيل بقناة سماها قناة السلام، بل أن السادات بعث لمناحيم بيقن بخطاب يقول له فيه: "إننا شرعنا فى حل شامل للمشكلة الفلسطينية وسوف نجعل مياه النيل مساهمة من الشعب المصرى باسم ملايين المسلمين كرمز خالد وباقى على اتفاق السلام، وسوف تصبح هذه المياه بمثابة مياه زمزم لكل المؤمنين أصحاب الرسالات السماوية فى القدس، ودليلا على أننا رعاة سلام ورخاء لجميع البشر، إلا أن الأمر تم تجميده وتجميد العمل مؤقتًا بعد مقتل السادات.

والأمر لم ينتهِ بمقتل السادات، بل أن النخبة الحاكمة من بعد السادات فى مصر قد خضعت بدورها لنفس تلك التهديدات، وأنهم قد استجابوا مثله لمد إسرائيل بحصة من مياه النيل، ولكن استجابتهم كانت سرية، بينما ظلوا فى العلن يعارضون مشروع مد إسرائيل بمياه النيل.

وقد يظهر وينكشف مشروع مد إسرائيل بمياه النيل إلى العلن فى الوقت الذى تراه إسرائيل ومصر مناسبًا ليكون أمرًا واقعًا، وإسرائيل ليست من دول حوض النيل، ولكن أن وصلها نصيب من مياه النيل فسوف تصبح بحكم القانون الدولى، ورغم أنف الجميع من ضمن دول الحوض، ويصبح لها الحق بالمطالبة بنصيب أكبر.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

2016-07-17