تشتد حمى الانتخابات الرئاسية الأمريكية التى ستجرى كالعادة في نوفمبر القادم, حيث يتابع العالم بأسره هذه الحملات بين كلا المرشحين الديمقراطية " هيلارى كلنتون " و الجمهوري " دونالد ترامب" بترقب كبير وكل طرف يتابع حسب احتياجه فالدول تتابع حسب مدى العلاقات مع هذه الدولة الكبيرة, والشركات العالمية تتابع من منظورها الاقتصادي , والكل يجتهد في هذا الإطار, ولكن ورغم كل ما يجرى من متابعات كل حسب رؤيته تبقى الرؤية الأمريكية هى التى ستحسم الجدال, فمن المعروف بديهيا وسياسيا أن الولايات المتحدة الأمريكية وحسب النظام الانتخابي فإن انتخاب الرئيس يمر بعدة مراحل منها : انتخابات أولية " primary elections" يجريها كل حزب داخل الأطر الرسمية , ومن ثم المجمع الانتخابي "Electoral College " بحيث لا يتم انتخابه بشكل مباشر من قبل الشعب, ولكن ما يهمنا هنا هو ليس طريقة انتخابه بالدرجة التى تستوقفنا بان الشعب الأمريكي بكل مكوناته يشارك بطريقة غير مباشرة على انتخاب رئيس يدير شئون الدولة التى تؤثر على سياسات العالم بأسره, ولأن العالم يشهد حالة من التوترات الغير مسبوقة, حروب هنا وسقوط انظمة هناك وارهاب مصطنع يضرب في أماكن متعددة وبحسابات مدروسة للتأثير على سياسات البلدان المستهدفة واقتصاد العالم, إلى ملف العملية السلمية بين الفلسطينيين والإسرائيليين وغيرها من الملفات الدولية المعقدة, كل تلك الملفات وغيرها هي أجندة الرئيس القادم للولايات المتحدة الأمريكية والسؤال الذى يطرح نفسه : كيف سيواجه الرئيس القادم مجمل الملفات المتشابكة دوليا؟ وإلى أي مدى سيكون هناك تغييرا في توجهات السياسة الامريكية الخارجية تجاه تلك الملفات؟ وهل سيكون هناك فروقات في تنفيذ سياسات الديمقراطيين عن الجمهوريين بعد الفوز؟ وإلى أي مدى ستلعب البيئة النفسية لكلا المرشحين تأثيرا على اداراته؟ وما هي حجم المؤثرات الداخلية وأهمها اللوبيات في التأثير على سياسة الرئيس القادم؟. أيا كان الفائز فان سياسات الولايات المتحدة الامريكية الخارجية الاستراتيجية ثابتة وهى مصلحة عليا ولكن ما يتم هو تغيير في بعض الأدوات والأساليب والوسائل, فـ" هيلارى كلنتون" ستواصل سياساتها التى عمدت عليها فترة وجودها على رأس الدبلوماسية الأمريكية وهى تنفيذ أمين لما يحصل من "فوضى خلاقة" علما بأن هذا البرنامج لم يكن برنامج زوجها الرئيس الديمقراطي" بيل كلنتون", بل كان برنامجا للحزب الجمهوري فترة "جورج الابن" وقدمته رايس " وهى أحد مفاصل ادارة" بوش الابن" ورغم ذلك وكما اوردت " هيلارى كلنتون" في كتابها " خيارات صعبة" باتت أحد منفذي برنامج الجمهوريين السابق , إذا في حالة وصولها لكرسي الرئاسة ستقوم بتطوير هذا البرنامج حيث أخطر ما فيه هو استمرار الوضع الحالي بما يسمح لاستمرار جنى ثمار هذا البرنامج الى المدى البعيد. أما " ترامب" فالخلفية الشخصية له وبقراءة متواضعة فهو شبيه "لبوش الابن" من حيث التركيبة النفسية والشخصية فكلاهما كانا من رجال الأعمال الجمهوريين واللذان يحاولا الوصول إلى أقصى درجات القوة الامريكية وكلاهما يتلحفان بالبعد الديني فخطاب "بوش الابن" كان صريحا أثناء الحرب الكونية , وهذا "ترامب" يعلن جهارا نهارا الحرب على التطرف الإسلامي , ويتعمد ربط الارهاب بالإسلام لكى يواصل برنامج سابقيه في هذا البعد , ولذلك نرى بأن القادم أمريكيا هو الاستمرار في تقوية نتنياهو وحكومته الأكثر تطرفا في تاريخ اسرائيل باعتراف قادة أمنيين وسياسيين اسرائيليين , كما سوف تستمر داعش في صولاتها وجولاتها لتحقيق مشروع تقسيم ما هو مقسم وتجزئة ما هو مجزأ على أوسع حال, فلا تغيير في توجهات الرئيس القادم إلا من خلال تغيير بعض الأدوات والوسائل فقط, وسوف يسيطر على المشهد القادم " ترامب, نتنياهو, داعش".