الأحد 27/11/1446 هـ الموافق 25/05/2025 م الساعه (القدس) (غرينتش)
عباس و حماس ورحلة البحث عن الشرعية المفقودة....محمود شاهين

  بعد أن لاحت في الأفق بوادر جدية للتقارب و تخفيف وطأة الإنقسام عبر المضي قدما في إجراء إنتخابات بلدية تشمل كل التراب الفلسطيني من خلال ضغط دولي و عربي على طرفي الإنقسام, ظن كل طرف منهما أنه سيجد ضالته في شرعنة وجوده من خلال أصوات الجماهير و صندوق الإقتراع , فاجئتنا محكمة العدل العليا الفلسطينية في رام الله بقرار وقف الإنتخابات لعدم تمكن لجنة الإنتخابات من تنظيمها في مدينة القدس و ضواحيها الرازحتين تحت الإحتلال الإسرائيلي و سلطته المطلقة, و هو ما لم يكن داعيا لوقفها في إنتخابات سابقة كتلك الرئاسية التي جلبت عباس للحكم , ولا كذلك التشريعية التي أعطت حماس أغلبية المجلس التشريعي .

أعقب ذلك القرار الأخير الذي ساق مبررا جديدا -لعله أكثر منطقية- هذه المرة , و هو أن إجراء الإنتخابات البلدية لا يمكن له أن يتم تحت إدارة محاكم غزة و عبر مؤسساته , تلك التي سقطت شرعيتها بإنقلاب حماس في القطاع عام 2007, الذي لا تعتبره حماس إنتزاعا للسلطة بل تصويبا لوضع خاطيء آنذاك .

- عباس يبحث عن الشرعية و حماس تبحث عن السلطة و القبول الدولي

كان قرار محاكم القطاع التابعة لسلطة حماس برفض خمسة من قوائم حركة فتح في بلديات غزة , كذلك الملاحقة و المضايقة الأمنية من قبل السلطة بالضفة لكل مرشح يحسب على حماس ضمنا أو جهرا , القشة التي قصمت ظهر البعير

و كذلك إجراءات قياس مدى القبول و جس نبض الشارع عبر طواقم فتح و كوادرها التي أظهرت في غالبها أنه لن تكون للحركة الأغلبية المطلقة في الإنتخابات و أن الأصوات ستتشتت لصالح قوائم مدعومة من حماس و تيارات يسارية وشخصيات مستقلة .

- مؤتمر باريس و شرعية عباس 

في الآن الذي يواصل الرئيس محمود عباس معاركه السياسية مراهنا على أنها الحل الأمثل لمشاكل الوطن و الدولة , فإن القوى الضابطة للسياسة الدولية و بفعل المتغيرات الإقليمية في الشرق الأوسط , تريد للمسألة الفلسطينية نوعا من السبات طويل الأمد , و هو ما يقبل به عباس ولا يستطيعه , حيث أن الغالبية الفلسطينية ترفض أي أوسلو جديد و ترى أن النضال يكون على كل الجبهات السياسية منها و العسكرية ,, و هو ما يرفضه أبو مازن جملة و تفصيلا

كذلك عدم سيطرة الرئيس عباس الفعلية على قطاع غزة , ما لن يضمن فعالية أو نجاعة أي اتفاق جديد على غرار مؤتمر باريس.

لذا أراد الرئيس محمود عباس أن يثبت دوليا تمكنه من مفاصل الدولة الفلسطينية الحديثة و قبول الشعب له , فبحث عن الشرعية الرمزية التي كان من الممكن أن تتأتى عبر الانتخابات البلدية , مما يقوي موقفه خارجيا و داخليا , لكن أتت رياح غزة بما لم تشتهي سفن عباس , فكانت قرارات محكمة العدل العليا السياسية بامتياز.

- الدوران في حلقة مفرغة 

هذه القرارات و ما تبعها من موقف الحكومة الفلسطينية و حركة حماس , عمقت الشرخ العمودي بين مكونات الوطن على كافة الصعد السياسية منها و المجتمعية , و زادت التفسخ القائم أصلا بين الضفة و غزة , ما يؤخر كل بوادرتغيير الواقع الصعب القائم حاليا خاصة في القطاع , و كذلك يعيق إنتقالنا إلى خطوة ما بعد الإنقسام و سيادة صوت الشارع ,, مما يتيح لنا التفرغ للقضايا الأساسية للشعب الفلسطيني , التي شهدت تحييدا و انزواء خلال عشر سنوات من الإنقسام ..

2016-10-06