الجمعة 16/3/1446 هـ الموافق 20/09/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
وطن تائه !!..بقلم اسماعيل السعيد

هل رأى أحدكم وطناً تائهاً ؟!
أبحث عنه في كل مكان ، وأتنسم أخباره في الهواء .. ولا أجده ..
قيل ان لصوصاً اختطفوه ، ويريدون فدية من كل شخص يفكر في البحث عنه ..
وقيل أنهم يشربون دمه ، وقيل أنهم يسحقونه تحت عجلات سياراتهم الفارهة .. وحوافر فسادهم الذي لا يشبع ابداً ..
وقيل أنه لم يعد كما كان ..
مع أني لا أعرفه أصلاً ، ولا أستطيع تخيل كيف تغير ..
وتكثر الإشاعات .. عن كائن نسمع به ولا نعرفه .. سموه وطناً فقلنا آمين !

ما علينا ..
إن رأيتم وطناً يبحث عن رعايا تائهين فاخبروه أنهم لا يريدون أن يجدوه حتى لا تموت أحلامهم فالأحلام تموت حين تتحقق !

ثم أما ما لا أعنيه :
هل أتاكم حديث معاليه وهو يطلب من الناس أن يتكيفوا مع الغلاء وأن يغيروا عاداتهم الغذائية ؟!
هل لبس رداء ” التقشف ” وترزز به في قصرة حتى يأتي بهذه الحكمة البليغة ؟!
لكنه رغم بلاغته ـ حماه الله من العين والحسد ـ لم يتفضل على هذا الشعب ويخبرهم ماذاً يأكلون بالضبط ؟
ماهو الشيء الذي لم يرتفع سعره حتى ” يطفحه ” هذا الشعب ؟!
التراب أصبح أغلى من أن يسد به أحد رمقه ..
والتبن أصبح مرتفع السعر لدرجة أنه لا يستطيع اقتناؤه إلا علية القوم ..
ولعل مائدة معاليه تزدهر بأنواع التبن الفاخر بعد أن اصبح عزيزاً على بني البشر في هذا الوطن !
فماذا يأكلون ؟!
إن رأيتم إنساناً ” يأكل تراب ” فهو لص يحاول أن يأكل من تراب الوطن قبل أن يحوله أحدهم إلى مخطط تصبح فيه لقمة التراب أغلى من الكافيار !
وإن رأيتم إنساناً ” ياكل تبن ” فهو لص آخر يحاول أن يقلد علية القوم من المخلوقات في هذا الوطن ..

وبرغم ذلك يبقى الرهان قائماً على مدى استعداد المواطنين على تحمل المزيد من الارتفاع في الأسعار بعد تعويم الجنيه وخفض الدعم على المنتجات النفطية، وتحديداً البنزين والسولار، بالاعتماد على نفس أسلوب السيسي شديد العاطفية في وطنيته والقائم على شحذ الهمم والدعوة إلى تحمل كل الصعاب من أجل بقاء الوطن، مصر. وفي عدة مداخلات قام بها السيسي، بدا عليه الضيق من تراجع الحشد الشعبي الذي كان قائما حوله في “التفويض” الذي طلبه في نهاية يوليو 2013 ، وبعد انتخابه رئيسا في مايو 2014، مذكرا المصريين بأنهم انتخبوه بناء على اتفاق أن يقفوا إلى جواره في “الحرب” التي يخوضها لإعادة بناء مصر من دون أن يجرأوا على الشكوى أو إبداء الضجر . ولذلك كان مثال “ثلاجة الرئيس” التي لا تحوي سوى زجاجات المياه على مدى عشر سنوات لافتا ومقلقا بالنسبة لي، ليس لأنه بدا مبالغا في صعوبة تحقيقه على أرض الواقع، ولكن لأنه يعني أننا بالفعل مقبلون على مرحلة شديدة الصعوبة قد نضطر معها إلى الاكتفاء بشرب الماء لملء البطون. ما يفوت الرئيس ونظامه هو أن غالبية المصريين يرون أنهم تحملوا وصبروا لسنوات وعقود طويلة بالفعل، دائما في انتظار تحقيق وعود تطلق لهم باقتراب الخير والرخاء الاقتصادي في بلد غالبيته العظمى من الفقراء. وما وعدهم به السيسي في مرحلة ترشحه لانتخابات الرئاسة هو أنهم سيرون خيرا وفيرا بعد عامين فقط من توليه لمنصبه، وقال بالنص، “ما حدش يحاسبني قبل سنتين”. كما أن السعي المبالغ فيه لخلق حالة من التفاؤل وقرب توقع الرخاء عبر تنظيم الاحتفالات الضخمة الملكية بافتتاح توسعة قناة السويس، وبعدها المؤتمر الاقتصادي بشرم الشيخ الذي انهمرت فيه مليارات الدولارات وعودا بالمساعدة والاستثمار، والتي لم يتحقق منها شيء، أدى لتراجع واضح في مصداقية النظام، وقدرة المصريين على تصديق وعوده. شاهد أيضا «المؤتمر» يؤيد السويدي لرئاسة «دعم مصر» ويؤكد: قادر على لم الشمل نص كلمة السيسي في المؤتمر الصحفي المشترك مع رئيس وزراء الهند ننشر توصيات المؤتمر الأول للتميز في مخاطر الأدوية بالقليوبية ولذلك ربما يكون المؤتمر الوطني الأول للشباب في شرم الشيخ هو الفرصة الأخيرة لاختبار مصداقية الوعود التي يطلقها الرئيس، وسط حشود كبيرة من الشباب والشابات، وكذلك عواجيز، بعضهم تنافس وتبارى في إطلاق جمل النفاق والسعي لترسيخ صورة الرئيس الأب الذي يجب على الجميع الاصطفاف خلفه وتصديقه من دون أي محاسبة أو مسائلة، وهو أمر لم يعد من الممكن لغالبية الشباب من الجيل الحالي القبول به في عصر تدفق المعلومات والتواصل. الكثير من شباب ثورة 25 يناير، والذي شارك أيضا في 30 يونيو وواجه سعي الإخوان لاحتكار الحكم باسم الدين، قرر عدم المشاركة في المؤتمر، تحديدا لأنهم فقدوا الثقة في تنفيذ نظام الحكم لوعوده العديدة السابقة بالإفراج عن عشرات الشباب الذين تم حبسهم واعتقالهم على مدى السنوات الثلاث الماضية سواء احتياطيا أو بعد صدور أحكام قضائية بسبب اشتراكهم في تظاهرات سلمية يكفلها الدستور، والأسوأ استمرار سياسة القمع والتوسع في الاعتقال وتوجيه الاتهامات على الأرض في مواجهة أي محاولات سلمية للتعبير عن الرأي، كما حدث في المواجهات بين الأمن والمتظاهرين المعترضين على التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للمملكة السعودية في 25 إبريل الماضي. كان يمكن للرئيس أن يكسب هذا القطاع من الشباب مجددا لو كان أطلق مبادرته لإخلاء سبيل الشباب المحبوس على ذمة قضايا تظاهر، احتياطي وحاصلين على أحكام، قبل مؤتمر شرم الشيخ، وحينها كان سيشعر الجميع ويقر بأنه جاد في رغبته فتح صفحة جديدة، خاصة وأنه هو شخصيا الذي كان يتبرع بالوعود بإطلاق سراحهم في حواراته مع رؤساء تحرير الصحف القومية، والتي لم يتحقق منها شيء. ورغم ما صرح به أعضاء في المجلس القومي لحقوق الإنسان بأنهم سبق لهم وأن تقدموا 12 مرة بقوائم للشباب المطلوب إطلاق سراحهم ممن لم يتورطوا في أعمال عنف إلى الرئاسة ووزارة الداخلية، بجانب أطراف أخرى عديدة سبق لها تقديم هذه القوائم عشرات المرات لنفس المؤسسات، فإن أحدا لن يمانع إعادة تقديم قائمة جديدة تتضمن المطلوب الإفراج عنهم من المحبوسين احتياطيا على ذمة قضايا واهية واتهامات مطاطة من أمثال الصحفي هشام جعفر والباحث إسماعيل الإسكندراني وآية حجازي وزوجها وزملاؤها في مؤسسة بلادي التي كانت تسعى لمساعدة أطفال الشوارع وعدد من الصحفيين. وفي نفس الوقت، المطلوب أيضا إصدار عفو، في إطار سلطات الرئيس، عن الشباب الذين صدرت بحقهم أحكام نهائية في قضايا التظاهر السلمي مثل أحمد دومة وأحمد ماهر ومحمد عادل، وعلاء عبد الفتاح وأحمد عبد الرحمن وكوجي وموكا، ود.أحمد سعيد ومن معه في القضية المعروفة بتظاهرة كوبري قصر النيل، حيث أن التوصية الصادرة من شرم الشيخ هي النظر في الإفراج عن المحبوسين احتياطيا ممن لم تصدر بحقهم أحكام قضائية نهائية. رؤية هؤلاء خارج السجون في أقرب وقت هو التطبيق العملي لأي وعود تم إطلاقها في شرم الشيخ، وإلا سينضم المؤتمر الأخير لسابقيه من تجمعات التقاط الصور ومحاولة بيع الوهم ..

2016-10-31