حين تشرع بالكتابة عن شخصية اعتبارية وذات كاريزما منفردة بامتياز ، تشعر حينها بالاعتزاز ، ولكن هنا تهرب الكلمة في فضاء الكون الواسع ، عندما نقوم بالكتابة عن انسان صنع الفكرة والثورة معا ، صنع البعد الثوري لقضية عادلة على حدود الزمن المنسي ، قاد شعبا نحو حلم الحرية والاستقلال وانتزعه من براثن القيد واللجوء والخيمة ... أنه الانسان والقائد ياسر عرفات ، الذي أعطى بعدا ومفهوما حضاريا للمناضل والفدائي الثائر الذي يحارب من أجل قضية انسانية عادلة ، وقد جسدها عندما أطلق عليه لقب رجل الحرب والسلم معا ، فعندما ألقى خطابه الشهير عام 1974داخل أروقة الأمم المتحدة لشعب يبحث عن دولة وقال هاتفا " لقد جئتكم بغصن الزيتون الأخضر في يدي وببندقية الثائر في يدي ، فلا تسقطوا غص الأخضر من يدي " فكانت الرسالة فلسطينية بامتياز ذو قرار وطني مستقل بأن شعبنا الفلسطيني شعب محتل ومن حقه العيش بحرية واستقلال عبر دولة المستقلة.
واستمر الثائر الانسان ياسر عرفات عنوان خط المواجهة الأول ضد الاحتلال وضد من أرادوا للقضية الفلسطينية العادلة أن تتبعثر أوراقها بين عواصم الدول وتذهب أدراج الرياح ، وهنا نستذكر بيروت قلعة الصمود العرفاتية والتي كان لها شرف الدفاع عن الأمة العربية بالتصدي للغزو الصهيوني لبيروت عام 1982وما رافقه من حرب المخيمات على فتح وعلى اللذين قالوا نعم للقرلر الوطني المستقل .
ياسر عرفات في محطات حياته الطويلة لم يكن اليأس يعرف طريقا اليه برغم المؤامرات وتكالب الأزمات ، كان عنوانا للأمل الذي ينبض في قلب الفدائي المقاتل من خلال بندقية ثائرة لم يكتب في تاريخ حياتها بأنها قاطعة طريق ، بل كانت للفدائي خير رفيق.
ياسر عرفات كان صمام الأمان للوحدة الفلسطينية ، فلم يسجل في تاريخ حياته بأنه كان داعما لأي انشقاق ومساندا لأي شقاق ، كان برغم المؤامرات التي تحاك ضده سدا منيعا في وجه الاختلافات وموحدا للرؤى عبر قواسم مشتركة تجتمع عليها كل المكونات .
ياسر عرفات كان نصير الفقراء ولسان حال الضعفاء والبسطاء ، كان الشعب في عهده ينعم بالخير والعطايا والمساعدات ، يعالج المرضى ويسأل عن الجرحى ويجتمع دوما مع أهالي الشهداء والأسرى ويساعد الطلبة وسائلا باستمرار عن المواليد من الأشبال والزهرات وتقديم لهم كل اللوازم والامكانيات.
ياسر عرفات لا يخلو بيت من رسم صورته وسيرته العطرة ، فأطفال فلسطين عندما يبدؤوا بادراك الاشياء من حولهم ، وعندما نأتي بصورة الخالد عرفات ، ونحن نقول لهم من هذا ...؟ فيجيبون بلكنتهم الجميلة " أبو عمار "
ياسر عرفات في ذكرى رحيلك كل الأشياء تبعثرت واختلطت المفاهيم والقيم لأنك وحدك أنت الذي كننت حاضرا وشامخا بفلسطين بين الأمم ، وهنا تزداد معالم الحسرة والألم لفقدان عزيز مدافعا عن شعبه ضد الماسي والظلم ولهذا ستبقى جموع الجماهير تحفظ العهد وتردد ... وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر لأن ياسر عرفات وردة الروح في بستان العشق الأخير