في ظل التعنت الإسرائيلي لبحث مفاوضات الوضع النهائي ,ومع تزايد النشاط الاستيطاني على وقع ازيز الرصاص وصوت المدافع وقصف الطائرات ,وفي ظل الانقلاب التي ما زالت حركة حماس في حالة إصرار على ديمومته , وعلى الرغم مما يحصل من تباينات وتداعيات داخل البيت الفتحاوي أيضا, كما هو حال كل الحركات التي لا تستند الى أيديولوجية تقيد برامجها ولا تبعية في استراتيجيتها, وفي ظل ما يحدث من خراب وتدمير لدول عربية ما بين مؤيدة لحركة فتح وداعمة لها ,وما بين معادية لها محاولة القضاء عليها يأتي انعقاد مؤتمر حركة فتح السابع ,فما هي الآمال المعقودة على هذا المؤتمر في ظل هذه المتغيرات؟ ، وهل ستنجح حركة فتح كما كانت دوما كطائر الفنيق في الخروج من بين الرماد وتحمل معها امال وتطلعات شعبنا وصولا الى الدولة المستقلة؟ ، ام ان الخيبات المأمولة في انتظار هذا المؤتمر حال انعقاده كما يسعى الغير ويتمنى ان يكون هدا المؤتمر بمثابة إعلان شهادة وفاة للحركة، وليس للملمة صفوفها وتياراتها المختلفة ؟.
أسئلة كثيرة تتبادر الى الأذهان عند الحديث عن مؤتمر حركة فتح السابع في الوقت الذي يدرك فيه المتابعون ,سواء كانت هذه المتابعة بفعل الانتماء ,او انها جاءت على قاعدتي العداء والحياد بان الأجوبة حتما لن تكون سهلة, ولن تصل الى مستوى الحد الأدنى من عمليتي الاقناع والارضاء وفقا للأمزجة المختلفة التي تفاقمت في ظل الواقع الفلسطيني أولا ,وفي ظل الواقع العربي المتردي والمترهل ثانيا ,مع استمرار سطوة الولايات المتحدة الأميركية أيضا وهي الداعمة لإسرائيل والحامية لها والمانعة لأي اعتداء عليها في ظل عالم احادي الجانب.
ما بين انعقاد مؤتمر فتح الأول عام 1964 ومؤتمرها السادس عام 2008, فان وقائع خطيرة وتحديات أكبر كانت هي الأصعب امام حركة فتح فلسطينيا وعربيا ودوليا ,فمنذ أن قدمت حركة فتح نفسها كأول حركة وطنية فلسطينية تقاوم الاحتلال الإسرائيلي ,فإنها كانت وما زالت سواء في ارض المعارك والمحافل الدولية ,او في كل مؤتمر كان يتداعى له أعضائه تثبت دوما انها صاحبة ابداعات متأصلة ومتجذرة جعلتها الأكثر ابداعا في صياغة برامج متصلة ومتلاحقة من اجل التحرير وبناء الدولة الفلسطينية , وهذا ما اثبتته حركة فتح في مؤتمرها المنعقد في دمشق عام 1967 ردا على ما أصاب العرب من هزيمة ,وذلك من حيث استمرار فتح في اطلاق العمل الفدائي وتصاعده مع تطوير قدرات قوات العاصفة كذراع ضارب مؤثر وفعال لإعادة الامل والحيوية لنفوس كسرتها ما أصاب العرب وجيوشهم من هزيمة وانكسار, فكانت حرب الكرامة عام 1968 تجسيدا لتلك القرارات وتأكيدا على مصداقية ما تطرحه حركة فتح من برامج وتوصيات ,الامر الذي اكدت عليه وعبر مؤتمرها الثالث عام 1971 انها الأصلب في حماية شعبنا من اطماع الصهيونية العنصرية وذلك من خلال عملياتها في كامل الارض المحتلة، ودورها على جبهات المواجهة في الأردن وسوريا ولبنان واعادة ظهور الشخصية الفلسطينية واستقلاليتها كممثل وحيد للشعب الفلسطيني في المجال العربي والدولي ,ولذلك فإنها كانت قد عملت على تطوير برامجها وزادت من توصياتها ,حيث عملت على توثيق العلاقات بين فصائل المقاومة من خلال منظمة التحرير وارساء اسس ثابتة للتعاون والعمل المشترك أساسها احترام الوحدة الوطنية وآراء الاخرين على قاعدة التزام الأقلية بقرارات الأغلبية واحترام الأغلبية لرأي الاقلية من اجل العمل الجاد على ترسخ الوحدة الوطنية بعيدا عن الوصاية والاحتواء ,ذلك الشعار الذي طرحته في مؤتمرها الرابع عام 1981 الذي دعا الى تطوير الجوانب الايجابية في مواقف الدول العربية، بشرط الا يتأثر بذلك امن الكفاح المسلح واستمرار تصاعده، وأن فتح لا تتدخل في الشؤون المحلية لهذه الدول بالقدر الذي لا تسمح فيه لاحد بالتدخل في شؤون الثورة او عرقلة كفاح الشعب الفلسطيني لتحرير وطنه.
اعتقد ان حركة فتح ما زالت تعلم أن الآمال معقودة على سواعد من ينتمي اليها فكرة وتطبيقا، ولذلك فما عليها الا ان تجدد العمل على مبادئ، واهداف واساليب الحركة ونظامها الداخلي استمرارا لما جاء في قرارات المؤتمر العام الرابع لحركة فتح وهي قادرة على ذلك حتما فلسطينيا وعربيا ودوليا.
أما على المستوى الفلسطيني فهي مطالبة بأن تؤكد على ان الثورة الشعبية المسلحة هي طريق ما زالت عيوننا مفتوحة علي إعادة السير فيه لتحرير فلسطين وذلك ردا على غطرسة الاحتلال وعنصريته ,مع العمل على إعادة احياء منظمة التحرير الفلسطينية لضمان فعاليتها بما يكفل تطوير لوائحها واجهزتها على نحو من الاستقلالية في كافة مؤسساتها مع الفصل ما بينها وما بين فتح ,وما بين السلطة ومؤسسات منظمة التحرير من اجل تصعيد المقاومة الشعبية التي يجب استحداث وزارة لها وموازنة مع لجنة إعلامية امنية لمواكبتها والاشراف على فعالياتها تحقيقا لأهدافها لنيل حرية الشعب الفلسطيني واستقلاله, وان الديمقراطية هي التي تحكم العلاقات في الساحة الفلسطينية وبأن الحوار الديمقراطي هو الاسلوب الصحيح لتطوير هذه العلاقات وذلك من خلال العمل على تعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية عل كافة المستويات داخل وخارج الارض الفلسطينية كخطوة اولى نحو إعادة غزة الى الشرعية على قاعدة النضال المشترك مع كافة قوى وفصائل العمل الوطني وصولا الى الوحدة الكاملة والشاملة ردا على امعان حركة حماس في ممارسة ارهابها ضد كل من يدعو لإنهاء انقلابها.
أما على الصعيد العربي وحيث ان فلسطين هي جزء من الوطن العربي ,والشعب الفلسطيني جزء من الامة العربية وكفاحه جزء من كفاحها، ولما كانت الثورة الفلسطينية في طليعة الامة العربية في معركة فلسطين ,فإن على حركة فتح وخاصة في ظل التطور الإعلامي ووسائل التواصل الافتراضي ,وما يمكن ان تلعبه أيضا في فضح عنصرية وعنجهية الاحتلال وفاشيته ان تعمل على احياء العلاقة مع الجماهير العربية والتأكيد بان العلاقة معها هي علاقة استراتيجية تحتم مشاركة اوسع لهذه الجماهير في حماية الإنجازات المتراكمة لنضالات الشعب الفلسطيني وخاصة الجماهير في دول الطوق ,تلك الدول التي يجب اعطائها اهتماما خاصا بإعادتها قاعدة ارتكازية اساسية من قواعد النضال والكفاح ضد العدو وتوظيف طاقات الجماهير للوصول الى الدولة المستقلة .
ان على الأنظمة العربية ان تُدرك ,وهدا ما يجب ان يؤكد عليه مؤتمر حركة فتح السابع بان حركة فتح قادرة على مواجهة كافة حلول التصفية واسقاطها والوقوف بحزم امام اية محاولة لإعطاء حلول تصفوية او دعم مراكز قوى والمساهمة في تنمية طفيليات , وذلك ردا على ما تتعرض له القيادة الفلسطينية من ضغوط مما يسمى الرباعية مع الإعلان ان الأولوية هو ان تقف تلك الانظمة امام مسئولياتها التاريخية في مساندة الشعب في ظل ما يتعرض له من ضغوط دولية وابتزاز إسرائيلي ,لا ان تحاول مجددا التدخل في شؤوننا الداخلية لتنفيذ ما يتوافق مع خارطة اميركا وإسرائيل بإنهاء نزعة التحرر والهاء المقاومة عن أهدافها في محاولة منها خلق الانسان الفلسطيني الجديد الذي يتوافق مع العقلية الإسرائيلية ,وبما يُنهي الصراع لمصلحة إسرائيل الكبرى.
نعم علينا أن نُقر بأن الشعب الفلسطيني ما زالت امامه تحديات صعبة واولويات مفروضة ,وفي مقدمتها تحديد العلاقة مع إسرائيل على ضوء ما تمارسه من غطرسة ورفض الدولة الفلسطينية ,مع ضرورة العمل على فرض حلول عملية لقضية الانقسام الفلسطيني ، بالإضافة لتحديات تطوير وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية، وهذا ما يجعلنا نعقد الآمال على حركة فتح التي مارست الديمقراطية الثورية في ساحات المعارك فهي الاصلب في حماية الديمقراطية الدستورية التي تعتبر الحل الأمثل في تجاوز ما نحن فيه من انقسام وتشرذم من اجل الخروج باليات عمل واقعية وتصورات تتجاوب مع استحقاقات المرحلة القادمة تحقيقا لأمال معقودة وافشالا للطفيليات ومراكز القوى التي حاولت الأنظمة افتعالها داخل الحركة وصولا للخيبات المأمولة.