الجمعة 10/10/1445 هـ الموافق 19/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
التطرف في الاسلام....جليل عماد الدين

 

 عندما نريد أن نبحر في قيم ومعاني الإسلام فأول المشوار هو السلام وما أجمل ترانيم السلام التي ننشدها بين أرجاء العالم ،فما جاء الإسلام إلا للغة السلام بين كل أطياف الناس فلا تمييز عنصري ولا عرقي ولا طائفي مقيت بل الكل سواسية ،فالإسلام هو رسالة السماء أُنزلت لتهتدي به البشرية جمعاء وتبتعد عن التخبّط في ميادين الوهم والزيغ والظلال ،فالدين الإسلامي هو دين التسامح والمحبّة والسلام والدعوة إليه تقوم على الحكمة والموعظة والأخلاق الحسنة واللين والطيبة قال تعالى: ((ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (125)، ورسالة الإسلام رسالة إلاهية، يبلغ الرسول عنها ما أنزل إليه من ربه؛ (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ) [المائدة: 67]، فهي ليست من إنتاج عقل الرسول، ولا من وحي نفسه، وإنما هي وحي يوحى إليه، فهي منهاج إلاهي. ولذلك كان الإسلام رسالة خالدة لأن تعاليمها مستوحاة من الذي يعلم السرّ وما يخفى، فنهج الرسول فينا هو نهج وشرع الله نقتدي به ونسير بهديه فنبثها مودة وإخاء لا تكفير وعداوة وبغضاء كما يترجمه لنا اليوم دعاة الفكر المتطرّف والذي يحسبُ أنه يجسّد في كل أفعاله تعاليم السماء لكن حين نطالع أفكاره السقيمة والمستقاة من لغة إقصاء المقابل وتكفيره على مجرد إختلاف في الرأئ، وحين نطالع قول رسول الله فينا أن إختلاف أُمتى رحمه وقتها نتيقين ان هذا الفكر هو فكر متطرّف قائم على مبدأ الفكر الواحد والرأئ الواحد وأن لا حرية للاخر في إعتقاده او إبداء رأيه بما ينسجم وشريعة السماء فنجد التكفير قائم على قدم وساق وعلى أبسط البديهيات دون أن تستند تلك الفتاوى الى شرع الله فلا أصل لها لا في كتاب الله ولا في سنّة نبيه، وهذا ماسار عليه بن تيميه في كل فتاواه وعليه كان لزاما على كل ذي عقل ولبّ أن ينبري في التصدّي لهكذا فكر منحرف هادم صروح الإسلام وتعاليمه بأفكار ضالة مضلة فلا شرع الله يطبّق فينا ولا ضمير تردع بهِ فنسلم على أنفسنا منه، ومع كل ماصدر ويصدر من مرجعيات إنتحلت الدين إلا أننا لا نقول فيهم إلا كما قاله رجل الدين الصرخي في محاضرته العقائدية حيث قال: وأيضًا أقول لا مشكلة لنا مع تدليسهم ومن شاء التصديقَ بهم وتقليدَهم في معتقدهم، فلا مشكلة لنا معه ولا معهم، ونحترم اختياره واختيارَهم، لكن لماذا اَنتم يا تيميّة لا تتصرّفون بعقل وأخلاق الإسلام ورسول الإسلام وأهل بيته وأصحابه صلى الله وسلم عليه وعليهم؟! فلماذا لا تحترمون الآخرين وتحترمون اختياراتِهم ومعتقداتِهم كما كان الحال العام والسلوك والنهج العام في صدر الإسلام؟! ولماذا تبحثون عن أخطاء ومواقف شاذّة من هنا وهناك فتجعلونَها هي الإسلام والمنهج والسلوك العام فتخدعون أنفسكم وتشوّهون صورة الإسلام ورسالته السمحاء ودعوته إلى مكارم الأخلاق؟!!!

جاء هذا في المحاضرة {14} من بحث: " وقفات مع.. توحيد التيمية الجسمي الأسطوري" ضمن سلسلة محاضرات تحليل موضوعي في العقائد والتأريخ الإسلامي.

https://up.harajgulf.com/do.php?img=1469120

2017-02-09