الثلاثاء 7/10/1445 هـ الموافق 16/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
مظاهرات التغير بين'بوخارست' وساحة التحرير ....حميد الحريزي

لخمسة أيام  متتالية  غير منقطعة ،  تفور ساحات  رومانيا  بتظاهرات  غاضبة ، تطالب  الحكومة بإلغاء  مراسيم حكومية  ، سيعفى  بنفاذها  العديد  من  المسئولين الفاسدين  لا تتعدى  تهمتهم   أكثر من ((48))  إلف دولار  فقط

لا غير ..

ونتيجة لهذا الضغط الشعبي الجاد  والمتواصل  والواعي ، اضطرت  الحكومة الرومانية على لسان  رئيسها  بسحب  وإلغاء هذا المرسوم ...

رغم ذلك  لا تزال  التظاهرات  مستمرة  لأنها فقدت الثقة بمثل هكذا  حكومة حاولت  إصدار  مرسوم  يعفي  الفاسدين  من العقوبة ، لذلك  فالجماهير تطالب  باستقالة   هذه الحكومة  لأنها  لم تعد  تحظى بثقتهم  وعليها  الرحيل  استجابة  لأمر الجماهير ...

نريد  أن  نقول   إن  تظاهرات  الشعب  الروماني  تميزت  بمايلي:-

أولا وضوح  الهدف ، فهي تعرف  ما تريد  بالضبط ، حيث  ركزت  مطلبها  على المطالبة بإلغاء  المرسوم .

ثانيا   تميزت  التظاهرات  بالطابع  السلمي  المتحضر  والمنسجم مع  الروح  الديمقراطية للبلاد .

ثالثا \ التظاهرات   لم تكن  متقطعة  ولا  رتيبة ولا متقطعة  بل  استمرت  طوال  خمسة أيام  متواصلة  لحد  الآن  وما زالت .

              

ولو قارنا  هذه  التظاهرة مع  تظاهرات  ساحة التحرير وبعض  المحافظات  في العراق ، لما وجدنا  أي وجه  شبه  بينها  وبين  تظاهرات  ((بوخارست))، بل  يمكن مقارنتها    بال((هايد بارك)) اللندني  حيث   يتجمع  ويخطب  ويزعق  العديد  من  الناس في مختلف  المواضيع  ثم  يتفرقون دون  تحقيق  أية  نتيجة ...

فتظاهراتنا  غالبا ما  تحمل حزمة  طويلة عريضة من المطالب قد  لا يجمع  بينها جامع .مما افقدهاها الكثير من القوة  وافقدها  التفاف  الجماهير حولها

كما  أنها  أصبحت  روتينية ومملة  بامتياز  في  أيام الجمع  وكأنها تحاكي  خطبة الجمعة  وليست تظاهرة شعبية   لديها مطالب  واجبة التنفيذ والاستجابة من قبل السلطة ،  مما جعل  السلطة  لا تهتم  بها   وكان  الأمر لا يعنيها ، إلا إن  تسور  هذا  العدد الضئيل  من المتظاهرين  بحشد  من قوات  الأمن  والشرطة  عددهم  يفوق  عدد  المتظاهرين بعدد  من المرات ، مما  يوحي بعدم الأهمية  للصوت  المعارض  المطالب بحقوق  مغدورة  أو  مكاسب  مهدورة ،  والنتيجة   في مثل   هكذا  إيحاءات  تصب  في   نهر السلطة  وتقوية  مركزها ...

مما يعني إن الأغلبية من  الجماهير  لا تشارك  هذه((الشرذمة)) من  المتظاهرين  شعاراتهم ، ويدل  على  عدم  شرعية هذه  المطالب ولا تعدو  عن  إن تكون مطالب  أقلية  لا تأثير لها .

كما  أنها  تعني  مدى ديمقراطية السلطة   واتاحتها  حيزا كبيرا  من الحرية للشعب  للتعبير عن  مطالبه  حتى وان  كانت  قلة قليلة  وما هذا  الحشد  الأمني  إلا   لحمايتها  ورعايتها ...!!

كما  إن  من الضروري  جدا  غلق  الطريق  أمام  بعض  أحزاب السلطة  الذي  تحاول  أن  تركب  موجة بعض  التظاهرات ولي اذرع   شركائها  في السلطة لإحراز مكاسب  خاصة بها  ولا علاقة  لها  بمطالب  الجماهير ، بل إنها  سرعان  ما تتنكر لهذه الجماهير  وتطعنها  بالظهر  حال  حصولها  على مكاسبها  الضيقة ، وقد  تمكنت  إن  تفسد  هذه  التظاهرات  وتزرع  خيبة الأمل  واليأس بين  صفوف  الجماهير المقهورة  

من كل ذلك  نأمل  إن    نستفاد  من  تجارب  الآخرين  في  تنظيم   التظاهرات  من حيث تكثيف  المطالب  والإصرار على تحقيق  الأهم  منا  ثم  الانتقال  إلى المهم ،  ثم  الحرص  على  تواصل  التظاهرات   وإلغاء  تظاهرات  يوم الجمعة  الذي  أصبحت  غير منتجة ...

الحفاظ على سلمية التظاهرات  واستيراد  القادة الحقيقيين   للتظاهرات ، وعدم السماح  للانتهازيين  والمدسوسين  ومحبي  الظهور  والشهرة  من  أصحاب (( السيلفي))  بالهيمنة عليها ،  واستغلالها  مع  فبركة عمليات  ضرب أو حجز  وحتى اختطاف  لتكون  جواز  سفر  وأعذار  قبول  للجوء الإنساني  أو السياسي  في  بلدان  المهجر  مما يسيء كثيرا إلى   التظاهرة وسمعة المتظاهرين

مع  تقديرنا  العالي  لكل من  شارك  وتفاعل  بصدق  وحماسة  في كل  هذه  التظاهرات   في   ساحة التحرير أو في  المحافظات  العراقية  المختلفة  ولكننا   نأمل  إن تكون  أكثر فاعلية وتنظيما  وتأثيرا ...

2017-02-11