حققت منظمة التحرير الفلسطينية حضورها التمثيلي للشعب الفلسطيني، وحصولها على الأعتراف العربي في قمتي الجزائر 1973 والرباط عام 1974، على أنها الممثل الشرعي الوحيد للفلسطينيين بفعل ثلاثة عوامل هي :
أولاً : عملها الدؤوب لاستعادة الهوية الوطنية الفلسطينية الموحدة للشعب الفلسطيني، بعد التبديد والتشظي والانعدام الذي صاحب وأعقب نكب الشعب الفلسطيني المثلثة، حيث تم احتلال أكثر من ثلثي مساحة فلسطين واعلان قيام المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي على ما تم احتلاله، وتم تسمية ما تبقى من الفلسطينيين على أرضهم في مناطق الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة بـ “ عرب اسرائيل “ و “ مسلمي اسرائيل “ و “ مسيحي اسرائيل “ و “ دروز اسرائيل “ و “ بدو اسرائيل “ في محاولة لتمزيق نسيجهم الوطني القومي الموحد، وتشويه هويتهم الفلسطينية الموحدة وشطبها، وتم ضم الضفة الفلسطينية الى خارطة المملكة الأردنية الهاشمية، واعلان الوحدة وتحول مواطنو الضفة الفلسطينية الى امتياز المواطنة الأردنية، بينما تم تقديم قطاع غزة وتحويل هوية مواطنيه الى صفة “ الغزازوة “ و “ غزاوية “ وفصلهم عن شعبهم وهويتهم الوطنية، وهكذا ضاعت الهوية ولم يعد ما يربطها سوى معاناة الواقع وقسوته وتطلعات الحلم بعيد المنال، حيث أحيت منظمة التحرير هذا الحلم بالخطوة الأولى باستعادة الهوية الفلسطينية الجامعة، وجعلها عنواناً سياسياً لشعب مشتت جغرافياً وسياسياً .
ثانياً : حينما تشكلت منظمة التحرير، عمل رئيسها والمكلف من جامعة الدول العربية لعقد اجتماع وجهاء فلسطين وشخصياتهم من مختلف تجمعاتهم في فلسطين والقريبة من فلسطين، عمل ذلك بانتقائية مفرطة ولكنها ممزوجة بالتعددية الضرورية، وقد صمدت هذه التعددية وتعمقت في عهد الرئيس الراحل ياسر عرفات، وباتت صفة ملازمة حيوية لمسار منظمة التحرير وتماسكها الداخلي وأحد أهم نجاحاتها، وأهم انجازاتها وتفوقها في معركتها المستديمة ضد العدو، وفي مواجهة الأنقسام والشرذمة والتمزق، فلا روابط القرى الاسرائيلية، ولا جبهة الأنقاذ، ولا جبهة الرفض، ولا حركة حماس بكل مالديها من قوة وسند حركة الاخوان المسلمين كأقوى حركة سياسية عابرة للحدود في العالم العربي، استطاعت المس بشرعية منظمة التحرير، وحق تمثيلها للشعب الفلسطيني، ويعود ذلك الى صفة التعددية التي حافظت عليها منظمة التحرير، فبدون التعددية تتحول منظمة التحرير الى يافطة حزبية وغطاء لهذا الطرف أو ذاك، وهو سبب فشل حركة حماس على الرغم من حصولها على الأغلبية البرلمانية في انتخابات المجلس التشريعي عام 2006، ولا تزال، وفشلها يعود الى الأنقلاب الأحادي المنفرد وتسلطها الحزبي ولونها الواحد على قطاع غزة .
ثالثاً : دورها الكفاحي على كل المستويات القتالية والسياسية والدبلوماسية ومبادراتها الخلاقة بتقديم البرامج والخطط اللازم للتكيف مع المعطيات السياسية المستجدة، وفق امكانات شعبها وظروفه الحسية، ووفق معطيات الواقع العربي بما يحمل من تناقضات وتعارضات وحروب بينية، وظروف دولية معقدة، وتفوق العدو الاسرائيلي وقدراته المتعددة .
العوامل الثلاثة : 1- استعادة الهوية، و 2- سلاح التعددية والجبهة الوطنية، و 3- المعارك الكفاحية لاستعادة حقوق الشعب الفلسطيني بشكل تدريجي متعدد المراحل هي التي فرضت منظمة التحرير ونيلها حق تمثيلها للشعب الفلسطيني، وما المحاولات الجارية داخل الوطن عبر انقلاب حماس الأحادي، ومحاولاتها لعقد اجتماعات تحمل صفة التعددية في ظاهرها كما حصل في مؤتمر الشتات في اسطنبول في شباط 2017، عبر ترأس سلمان أبو سته وأنيس القاسم ومنير شفيق سوى تضليل متعمد لاخفاء مظاهر نفوذ حركة الاخوان المسلمين، لن يحبطها سوى تطوير أدوات ومفاصل مؤسسات منظمة التحرير عبر الحفاظ على التعددية التنظيمية والحزبية الفلسطينية وتطويرها، وضخ دماء جديدة من التوجهات السياسية والشخصيات الاجتماعية وفعاليات مؤسسات المجتمع كي تبقى منظمة التحرير بحق ممثلة الشعب الفلسطيني على طريق استعادة حقوقه الكاملة غير المنقوصة في المساواة في مناطق 48، والاستقلال وفق القرار 181، وعودة اللاجئين الى المدن والقرى التي طردوا منها عام 1948، واستعادة ممتلكاتهم منها وفيها وعليها وفق القرار الأممي 194 .