أبدع الأسير القيادي مروان البرغوثي في سجنه في صياغة مقاله الذي قرأته بالانجليزية والذي يعتبر خطاب أو مناشدة عادلة فيها تفاصيل خطيرة تدين الاحتلال وسلوكياته داخل السجون مع الاسير البرغوثي وباقي الأسرى، وذلك باللغة التي يفهمها الغرب والمجتمع الأمريكي تماما، وذلك مع أولى أيام إضرابه عن الطعام، الأمر الذي أقام دولة إسرائيل ولم يقعدها، فقد انتفض رئيس الوزراء الإسرائيلي ورئيس الدولة ووزراء كثر، وعبروا عن استيائهم وغضبهم من صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية. ومن شدة غضبهم قال احد رؤساء الأحزاب أننا كان علينا قتل مروان وليس فقط إيداعه في حبس انفرادي،، المقال كان له وقع ضرب المدافع على إسرائيل لأنه يثير الرأي العام الأمريكي وهو أهم رأي عام، دأب الاحتلال على إقناعه بان الأمريكي المسيحي لا يمكن أن تكتمل مسيحيته إلا بالمسحة الصهيونية، وما جاء في العهد القديم بخصوص دولة إسرائيل.
وأعتبر البعض أن المقالة بمثابة دعم كبير لحركة "بي دي إس"، وحركة نزع الشرعية عن دولة إسرائيل، مطالبين بإجراء تحقيق في كيفية تمكن البرغوثي من إيصال مقالته لصحيفة "نيويورك تايمز"، واصفًا احدهم إياه بأنه "ينفذ ضدنا عملية في الحلبة الدولية من داخل زنزانته في السجن" ويعتبر وصول مثل هذه الرسالة اختراق كبير في ساحة مهمة ما زالت إسرائيل تسيطر عليها، لأنها تشرح للرأي العام الأمريكي مباشرة معاناة الفلسطينيين وذلك بدون تدخل الرقيب الإسرائيلي وبعيدا عن رواية إسرائيل المزيفة عن ما يجري داخل منطقة الصراع في فلسطين.
كما وقد تكون هذه القناعة ترسخت لدى البرغوثي بعدما بدأ مؤشر الأمل للخروج من الأسر يؤول إلى الصفر أن يعزز الجانب الإنساني الذي يعتبر مدخلا مقبولا لدى الغرب، وان يوصل رسالة أصيلة بان هذا النوع من النضال مارسه غاندي ومانديلا، وان موضوع الاعتقال له ولزملائه الأسرى قد تفعله وتحركه وتنشطه بعض المؤسسات والهيئات الدولية والإقليمية.إن نجاحه في نشر المقال كله وبجميع تفاصيله لهو اختراق أضافي يعظم من قيمة العمل. فهو يحمل تفاصيل وأحداث تجرح صورة إسرائيل بل تشوهها لدى الرأي العام الأمريكي، بل قد تصل به إلى حد الصدمة.
وككاتب باللغة العربية واللغة الانجليزية ومن خلال إدراكي للغة التي يدركها الغرب، فان المقال عبارة عن نموذج للكتاب والصحفيين والأدباء الفلسطينيين الذي يودون نقل صورة المعاناة للشعب الأمريكي والغربي بشكل سليم ومقنع.
وما أقلق الأوساط الإسرائيلية أن المقال أكد على توصيل رسالة بأننا كفلسطينيين لسنا إرهابيين كما تدعي إسرائيل. والأكثر خطورة أن يعرف الرأي العام بان هذا الفلسطيني المعتقل منذ 15 سنة هو عضو مجلس تشريعي.
فمن كل قلوبنا نوجه كل التحية والاحترام للقائد مروان البرغوثي، صاحب تخصص (العلاقات الدولية) وصاحب التجربة النضالية الرائدة والتحية لزوجته فدوى البرغوثي، التي لا تكل ولا تمل من رفع منسوب الوطنية الفلسطينية لدى المجتمع وإبراز معاناة جميع الأسرى والدفاع عن زوجها في تعبير وفي وأمين قل نظيره.
كاتب ومحلل سياسي
فلسطين- غزة