الأربعاء 11/5/1446 هـ الموافق 13/11/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
حول لقاء القمة بين الرئيس ترامب والرئيس عباس ....م . زهير الشاعر

أود أن أبدأ مقالي هذا بالتعبير عن بالغ إعجابي بالهدية التي قدمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس للرئيس الأمريكي دونالد ترامب ، حيث أنه مما لا شك فيه أن اختيار الرئيس الفلسطيني محمود عباس لهدية مصممة بهذا الشكل الأنيق والمبدع والتي احتوت بداخلها على صورة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، هي خطوة مدروسة بعناية وتستحق الثناء بجدارة، حيث أنه استطاع بذلك أن يخاطب مشاعر الرئيس دونالد ترامب الإنسانية ويغزو قلبه مستفيداً على ما يبدو من انطباعات كونها الرؤساء والملوك العرب الذين استقبلهم الرئيس دونالد ترامب في البيت الأبيض خلال الأسابيع الماضية.

اختيار هدية الرئيس الفلسطيني محمود عباس يدلل على الأهمية البالغة التي أولاها فريق مستشاريه لزيارته الحالية إلى الولايات المتحدة الأمريكية والتي حظيت بالفعل باهتمام بالغ في وسائل الإعلام العالمية، وهذا يؤكد على أنها قد أخذت حيز كبير من اهتمامهم حتى تحظى بالإخراج الذي حظيت به ولضمان تأسيس انطلاقة جديدة في العلاقات الأمريكية الفلسطينية.

الرئيس الفلسطيني محمود عباس والرئيس الأمريكي دونالد ترامب ظهرا وكأنهما متفقين على خطوط عريضة يحاكي كل منهما الطرف الذي يهمه وبدا مرتاحين للغاية في المؤتمر الصحفي الذي عقداه عقب محادثاتهما وتحدثا طوال ستة عشر دقيقة بروح إيجابية وتوافقية ونظرة تفاؤلية عالية .

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وصف الرئيس الفلسطيني محمود عباس بأنه يعمل بشجاعة من أجل السلام ، وعبر عن أمله بأن يحصل شيء رائع بين الفلسطينيين وإسرائيل،  مشيرا الى انه ملتزم بالعمل مع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي للتوصل إلى اتفاق تاريخي بينهما وعبر عن رغبته بأنه سيحقق السلام قائلاً " We will get it done" .

 الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجاهل بذلك تعقيدات عقود من الزمن عرقلت جهود قادة الولايات المتحدة الأمريكية السابقين  حيث أكد على أن هناك إمكانية للعمل سوياً مع الإسرائيليين والفلسطينيين لعقد صفقة Brushing aside the complexities of a decades-old conflict that has bedevilled successive US leaders, Trump told Abbas that together with the Israelis they could bag "the toughest deal to make" .

 كما أنه أكد على أنه لا يعتقد صراحةً بأن الأمر صعب كما اعتقد الناس على مر السنين  " It is something that I think is frankly, maybe not as difficult as people have thought over the years" ، لذلك فهو سيلعب دور الوسيط أو الحكم أو المُيَسِر بين الطرفين he would play the role of "a mediator, or an arbitrator, or a facilitator"، في إشارة منه على ما يبدو على تصميمه على إنجاح الصفقة التي يريد تحقيقها في عهده بين طرفي الصراع.

الرئيس الفلسطيني محمود عباس من جهته رد بكلمات مدروسة بعناية حيث قال أن الخيار الاستراتيجي للجانب الفلسطيني هو إحلال السلام  Our strategic option, our strategic choice is to bring about peace ، مشيداً بالقيادة الشجاعة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب وقدرته التفاوضية praising Trump's "courageous stewardship" and "great negotiating "ability .

الرئيس الفلسطيني محمود عباس خاطب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنسانياً حينما قال "سيدي الرئيس نحن نؤكد على أننا نربي أولادنا على ثقافة السلام ونسعى لأن يعيشوا بأمن وحرية وسلام كباقي أطفال العالم I affirm to you that we are raising our youth, our children, our grandchildren on a culture of peace like other children in the world" .

هنا في تقديري أن زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى البيت الأبيض حظيت بالنجاح وحظيت بدعم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع التأكيد على أنه لا يوجد أي ضمانات لاستمرار هذا الدعم من جهة أو حتى الحصول على نتائج مؤكدة لصناعة السلام المنشود بالفعل بين الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي خلال مرحلة محددة وبسقف زمني محدد، حيث أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كان واضحاً بذلك بأنه سيعمل من أجل الوصول لاتفاق بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي ولكنه أكد على أن الولايات المتحدة أو أي دولة أخرى لا تستطيع أن تفرض أي اتفاق I’m committed to working with Israel and the Palestinians to reach an agreement, but any agreement cannot be imposed by the United States or any other nation.

 هذا يعطي مؤشر بأن الأمور لا زال أمامها الكثير من الجهد حتى تتمخض بارقة أمل حقيقية في هذا السياق ،  ولا يمكن إغفال الجهود التي بذلت من الجانبين الأمريكي والفلسطيني من أجل إنجاح هذه الزيارة منذ بدايتها  لتؤسس بالفعل لعلاقات مستقبلية هدفها خلق شراكة استراتيجية حقيقية بين الجانبين الفلسطيني والأمريكي تسهم بالفعل صناعة سلام حقيقي بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.

كما أنه يبدو بأن الطاقم التفاوضي الذي سبق زيارة الرئيس الفلسطيني إلى واشنطن الأسبوع الماضي والمتمثل في عضو اللجنة التنفيذية د. صائب عريقات ورئيس جهاز المخابرات العامة اللواء ماجد فرج ورئيس صندوق الاستثمار الفلسطيني محمد مصطفى ، هذا بالإضافة إلى جهود السفير الفلسطيني في العاصمة الأمريكية واشنطن حسام زملط استطاعوا بالفعل أن يضعوا برنامج مكثف لهذه الزيارة حتى تخرج بالمعايير المطلوبة للنجاح.

السؤال هو ، هل توافقت الرؤى بالفعل في الجلسات المغلقة بين الرئيسين الأمريكي والفلسطيني حول ضمانات واضحة لإمكانية  الوصول لاتفاقية سلام عادلة أم أن التركيز كان على الإخراج الإعلامي الذي يصب في صالح الطرفين في سياق التحديات التي تواجههما كل في موقعه أكثر من التركيز على التفاصيل العامة التي تتعلق بآليات واضحة تتعلق بمستقبل عملية السلام وخلق حالة من الأمل بمستقبل أفضل لشعوب المنطقة برمتها ؟1.

كما لا يفوتني أن الرسالة الأهم التي قرأتها من هذا اللقاء وبرنامج الزيارة كانت تتمثل في مضمون إظهار العلاقة الأمريكية الفلسطينية بأنها مبنية على علاقة شراكة استراتيجية وهذا أمر مهم للغاية ، كما أن هناك إشارات مهمة للغاية أيضاً تدلل على أن هناك طبخة في الطريق ستشمل توافق الكل الفلسطيني ، حيث أنه تم التعبير عن الشراكة الاستراتيجية في النواحي الأمنية وخاصة فيما يتعلق بمحاربة داعش والإرهاب بشكل عام بدون التطرق إلى حركة حماس التي دعاها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضمنياً بأن تكون ضمن الصف الفلسطيني الموحد حيث حذر بشكل واضح بأنه لا يمكن ان يكون هناك سلام دائم ما لم يتكلم القادة الفلسطينيون بصوت موحد ،  والعمل على نبذ العنف والكراهية there can be no lasting peace unless the Palestinian leaders speak in a unified voice” and renounce violence and hate،  في إشارة منه إلى الانقسام بين السلطة الفلسطينية التي تسيطر على الضفة الغربية وحركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة a reference to the split between the Palestinian Authority, which controls the West Bank, and Hamas movement,  which controls the Gaza Strip.

في النهاية يبقى الأمر في يد الفلسطينيين أنفسهم إن أرادوا بالفعل أن ينتقلوا إلى مرحلة الانخراط في عملية السلام موحدين لقطف الثمار والبناء والحصول على وطن يستحقونه إن أحسنوا الأداء في المرحلة القادمة بدلاً من المعارك الجانبية فيما بينهم وإهدار الطاقات  إن تخلوا عن مفاهيم الصدام والانقسام والشقاق، حتى يحصلوا بالفعل على تعاطف دولي يساند مطالبهم المشروعة بقيام دولة مستقلة تكون جزءاً من المجتمع الدولي وتحترم متطلباته وقوانين مؤسساته ، فهل هذا الأمر ممكن أم أنه بات بعيد المنال؟!.

2017-05-04