السبت 11/10/1445 هـ الموافق 20/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
قطر ونظام التدوير الأمريكي للمهمات...عدنان الصباح

 ليس بعيدا ابدا ذلك اليوم الذي تركت في امريكا نظام شاه ايران حليفها الاقوى في الشرق الاوسط لعقود وعقود ولا يجد زعيمه مكانا يأوي اليه بعد أن كان سند الامبريالية والصهيونية الاول وقد استطاع فقط ان يجد في شخص السادات من يحفظ له كرامة شخصه واسرته بحدها الادنى, والسادات نفسه الذي اتقن اهداء مصر للإمبريالية الامريكية لا احد حتى اللحظة يدري من كان خلف مقتله وكذا كان نصيب خليفته الامريكي الاوضح حسني مبارك.

أحد ممن وثق يوما بالنوايا الامبريالية بقناعة ام بأمنيات بما في ذلك الذين اعتقدوا انهم قد يتحالفون مع الامبريالية لخدمة مصالح بلادهم أيا كان بدءا من الاقوى في تجربة السادات مع الاتحاد السوفياتي واسرائيل وهو صاحب الشعار الأسوأ ان 100% من اوراق الحل بيد امريكا وانه سيعطي ما يريد ان يعطي ولن يأخذ منه احد شيئا لا يريد هو ان يعطيه فسرقوا منا مصر على يديه وحتى الرئيس صدام حسين الذي اقتنع يوما انه قد يتحالف مع امريكا ضد ايران لنجد انفسنا ليس بدون صدام فقط بل وبدون العراق.
أغرب حكايات العشق الأمريكي في المنطقة جاءت على يد قطر واحدة من أصغر وأغنى دول العالم وقد استخدمتها أمريكا بأوسع ما يمكن لتنفيذ السياسات الأمريكية في المنطقة وقد استطاعت هذه الدولة الأصغر ان تلعب دورا رئيسيا في احداث العالم العربي وبعض دول الجوار أكثر من أي وقت مضى واتقنت استخدام الاعلام بشكل لافت للنظر لتضع نفسها في مقدمة الدول صانعة السياسة وكان لافتا جدا للنظر قدرتها على اقامة تحالفات وعلاقات متناقضة في ان معا فهي تقدو نفسها علنا كصديق لأمريكا واسرائيل وتعتبر القاعدة الامريكية هناك من اكبر القواعد في العالم بينما تقيم علاقات ايضا مع حزب الله والاخوان المسلمين وفي مقدمتهم حركة حماس وهي تأوي علنا قادة حركة حماس وتقدم المساعدات العلنية لهم في غزة وقد كانت يوما من اكبر حلفاء سوريا حتى انقلبت عليها بالمطلق حين يئ على ما يبدو من جعلها تنفذ ما تمليه امريكا واسرائيل في المنطقة.
حين بحث خالد مشعل ورفاقه عن ملاذ آمن بعد الخروج من الأردن لم يجدوا سوى قطر وحين بحث عزمي بشارة عن ملاذ آمن حين خرج من وطنه لم يجد غير قطر, وهي البلد العربي الوحيد الذي ملك الجرأة على مجاهرة العداء لدول مثل السعودية ومصر وعملت بالعلن ضدهم في اكثر من مناسبة, قطر وعبر محطتها الفضائية الجزيرة كان البوابة الاعلامية للقاعدة وفيديوهات زعيمها اسامة بن لادن, ومع كل ذلك فان احد لم يجاهر العداء لقطر من كل القوى الثورية في العالم العربي بل سعد قادة هذه القوى بان الجزيرة باتت تعطيهم مساحة من وقت على شاشتها والبعض بدأ يخشى غضب الجزيرة عليه حت صار استرضائها غاية لدى الجميع وع ان احد منهم لا يشك ابدا في حميمية العلاقة الامريكية القطرية ولم يتقدم احد بالسؤال علنا عن حقيقة هذا التعارض العلني بين سلوك قطر وتحالفاتها وبين مصالح امريكا واسرائيل.
كانت امريكا ولا زالت معنية بان تستخدم عملائها الى اخر لحظة ممكنة وبكل شكل ممكن فقطر دولة صغيرة جدا وغنية جدا واعطائها اي مكانة لن يمكنها على الاطلاق من الانقلاب يوما على الاوامر الامريكية فهي محتلة بالكامل من قبل امريكا وقطر الراغبة بدور سياسي كبير وغير مبرر ستريح خزينة الولايات المتحدة بتقديم العطايا للغير وتقريبهم اليها تنفيذا للمصالح الامريكية وهي في نفس الوقت عصا تهش بها على من يحاولا الافلات ليعود لاهثا طالبا حماية الولايات المتحدة وعبر قطر نفسها التي تصادق الاعداء في ان معا دون خجل ودون تبرير في ان معا.
خطوة قطع العلاقات مع قطر بقيادة السعودية ومصر والاتهام العلني لقطر بدعم الارهاب وتبرئة السعودة من ذلك علما انها الشريك الرئيس لها في سوريا والعراق وليبيا وغيرها جاء بعد قمة مسلمي ترامب بوجود قطر والسعودية ومصر وغياب دولة مثل ايران وقد قصد بهذا المؤتمر الذي حيت به اسرائيل وغابت عنه القضية الفلسطينية اللهم الا من ذكر حماس الارهابية علنا كان القول بان المسلمين هم السنة فقط وان الشيعة اعداء الاسلام وقد ظهر المؤتمر كإعادة رسم للمحاور والاحلاف في المنطقة وليصبح جوهر الصراع في المنطقة هو بين العرب والسنة وبين الشيعة ممثلة بايران وهو ما سيفتح شهية صانعي السلاح الأمريكيين لبيع سلاحهم للدول العربية وعلى مالكي المال ان يدفعوا لفقراء ليشتروا السلاح ايضا والا فان عليكم ان تستعدوا للرحيل.
السعودية فتحت خزائنها علنا لعلي بابا الامريكي وقطر اصلا خزائنها محروسة منه تاريخيا والباقي مباح هو ماله كالعراق وليبيا والمطلوب اليوم لإعادة ترتيب الاوراق ونهب خيرات الشرق كله ايجاد وكلاء بالنيابة للحرب على ايران وهم العرب بقيادة السعودية ومصر وبذا تبيع امريكا سلاحا اكثر وتنفذ الحرب بدماء الارهابيين السنة ضد الارهابيين الشيعة وتستبيح ارض ايران الاغنى بالنفط والغاز فلا يبقى في الشرق لاعب حقيقي غير امريكا عبر اسرائيل.
السؤال الذي يجتاح كل متابع عربي لما جرى بعد قمة ترامب الاسلامية في السعودية ولماذا الان وما المطلوب والى اين ستصل الامور ولماذا قطر بالتحديد وهل ستزداد الهوة مع قطر ان ستنحسر غدا ولا احد قطعا يعرف الحقيقة وراء كل ما جرى ويجري حتى بعد ان اعلن اكثر من ناطق ومسئول قطري ان قطر لم تخطو خطوة واحدة تجاه حماس او حزب الله او غيرهم الا بالتنسيق مع اسرائيل وامريكا ورضاهم.
السيناريوهات المحتملة هي اما ان تقوم قطر اليوم لاسترضاء السعودية وامريكا وقد يكون هذا بالتوافق المسبق بالزام حماس مثلا بالقبول بالمشروع الصهيو امريكي بالمنطقة واعلان غزة كدولة فلسطين المستقلة أو ان تقوم قطر بالذهاب الى التحالف مع ايران ومعها طبعا حماس ومن لف لفها فستصبح الحرب على ايران هي حرب على الارهاب ايضا وقد تشمل هذه الحرب الحرب على غزة نفسها برغبة مصرية وقد يكون ذلك اقرب لان تركيا التي غاب رئيسها عن قمة ترامب الاسلامية وعاد غير راض من زيارته للبيت الابيض يعلن عن نشر قوات امريكية في قطر فهل هذا استعداد لخروج قاعدة العيديد الامريكية واستبدالها بالأتراك.
هل ستنطلي على ايران حكاية الخلاف القطري الامريكي وهل سيصل ذلك الى موسكو وهل ستذهب حماس مع قطر لتتحالف مع ايران وموسكو وهل سيبقى لمبادي ء من لهم مباديء معنى على الاطلاق وقطر التي صادقت حزب الله اثناء الحرب الصهيونية عليه وعلى لبنان وحاربته بقسوة في سوريا من خلال جماعات الارهاب ومشاركة امريكا والسعودية تدافع عنه اليوم علنا في مواجهة كل العالم وفي المقدمة امريكا.
يبدو ان خارطة التحالفات في المنطقة سيتم اعادة رسمها من جديد لتحقيق المصالح الامريكية علنا ونهب خيرات الشرق كله اما بالتهديد والوعيد والترهيب والترغيب كما في حال السعودية والامارات او بالاستخدام المفرط لإيران كعدو للسنة والعرب او بالتوريط كحال قطر وتركيا والايام القادمة حبلى بكل ممكن مهما كان فلم يعد يهم امريكا الا مصالحها الاقتصادية وما يخدم ومن يخدم هذه المصالح وكيف فهل يمكن لعاقل ان يصدق ان قطر اعلنت الحرب على امريكا ومصر والسعودية ام ان تلك نكتة سياسية بامتياز علينا ان نبكي لها فالضحكي عادة يصير بكاء من هول النكتة.

2017-06-10