الأربعاء 19/9/1446 هـ الموافق 19/03/2025 م الساعه (القدس) (غرينتش)
ورقة موقف صادرة عن مجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية بشأن قرار إحالة موظفين عموميين إلى التقاعد المبكر

مقدمة

مجلس منظمات حقوق الإنسان ينشر هذه الورقة بعد إصدارحكومة الوفاق الوطني الفلسطيني في رام الله، قراراً بإحالة (6145) من الموظفين العموميين في المحافظات الجنوبية(قطاع غزة)، إلى التقاعد المبكر، وذلك في جلستها التي عُقدت يوم الثلاثاء الموافق 4/7/2017م. ويأتي هذا القرار في ظل حالة الانقسام السائدة، وما لهذا القرار من تداعيات اجتماعية واقتصادية وأبعاد قانونية.

وتحتكم هذه الورقة إلى التنظيم القانوني الفلسطيني صاحب العلاقة، والذي أرسى مجموعة من القواعد القانونية الناظمة لشؤون الوظيفة العمومية، وتهدف إلى توضيح المعايير القانونية التي كفلتها القوانين الفلسطينية المعمول بها، والتي من بينها قانون الخدمة المدنية رقم (4) لسنة 1998م وتعديلاته، وقانون التقاعد العام الفلسطيني رقم (7) لسنة 2005م وتعديلاته، والتي أوضحت حالات ومعايير التقاعد.

إن فكرة التقاعد وفلسفته تقوم على حماية وصون كرامة المواطن (الموظف)، بحيث لا يقع تحت طائلة العوز والحاجة وتوفير مستوى لائق من العيش يسمح له بالاستغناء عن العمل والحاجة للآخرين؛ لذا فقد تم تخصيص معاش تقاعديللموظف يحفظ كرامته. إن الحقوق التقاعدية تعتبر أهم فروع الضمان الاجتماعي من الناحية الإنسانية، فهي حقوق مكتسبةلأولئك الذين أعطوا كل جهدهم وطاقتهم أثناء حياتهم الوظيفية المنتجة، لذا كان لابد من تخصيص معاش للتقاعد ليحفظ كرامتهم ويؤمن حياتهم وذلك من خلال إقرار وسن التشريعات التقاعدية التي تنظم وتحدد إجراءات وآليات استحقاق التقاعد للموظف العام.[NA1] هذه التشريعات التي يجب أن تقوم على فكرة التضامن بين الحكومة والموظفين من خلال إقرار الحقوق التقاعدية التي تهدف إلى تغطية أخطار الشيخوخة والوفاة والعجز وما يترتب على ذلك من انقطاع للدخل، فجاء قانون التقاعد هادفاً إلى منح الضمان والاستقرار للمتقاعد وأفراد أسرته الذين كان يعيلهم فيصبح حقاً يتلقاه المستحقون من نظام التقاعد مباشرة.

 

تستعرض هذه الورقة في المحور الأول مبررات القرار المذكور وكذلك جملة من الإجراءات السابقة، وفي المحور الثاني المعالجة القانونية، وفي المحور الثالث تخلص الورقة إلى مجموعة من التوصيات على النحو الآتي:

 

 

أولاً: القرار ومبرراته:

قامت حكومة الوفاق الوطني باتخاذ خطوات عملية تتعلق بالموظفين في المحافظات الجنوبية، والتي مهدت لإحالة عدد (6145) موظف إلى التقاعد المبكر، تستعرض الورقة هذه الإجراءات وصولاً لقرار الإحالة على النحو الآتي:

  1. قررت حكومة الوفاق- في جلستها رقم(145) التي انعقدت بتاريخ 28/مارس 2017،[1] إحالة مشروع "قرار بقانون التقاعد المبكر لقوى الأمن" إلى أعضائه لدراسته وتقديم الملاحظات بشأنه. وذلك تمهيداً لإحالته للرئيس في جلستها التالية للمصادقة عليه لكي يصبح نافذاً وفق الإجراءات المتبعة بعد الانقسام استناداً للمادة (43) من القانون الأساسي التي تجيز للرئيس إصدار مثل تلك القرارات في حالات الضرورة التي لا تحتمل التأخير في غير أدوار انعقاد المجلس التشريعي.ونشر القرار "القرار بقانون"  في الجريدة الرسمية في العدد مئة واثنين وثلاثين ويحمل رقم (9) لسنة 2017،  بشأن التقاعد المبكر لقوى الأمن الفلسطينية[2].
  2. كما أقدمت حكومة الوفاق بتاريخ 4/4/2017م، على الحسم من مرتبات موظفي القطاع عن راتب شهر مارس 2017م، حيث فوجئ الموظفون العموميون في القطاعين المدني والعسكري لدى توجههم إلى البنوك لاستلام رواتبهم بخصم الحكومة نسب متفاوتة من رواتبهم تراوحت بين ٣٠ و٦٠٪ من الراتب، وقطعت رواتب (543) من عاملي جامعة الأقصى الحكومية في غزة، دون أي إعلان مسبق، ومن ثم أعادت صرف رواتبهم بإيقاع نسبة الحسم شأنهم شأن الآخرين.
  3. كما قامت بقطع راتب شهر مايو/ أيار 2017م، لحوالي (277)  من الموظفين على بند الأسرى المحررين في قطاع غزة والضفة الغربية، دون إبلاغهم بأسباب القطع،هذا ولم يصدر أي تصريح من قبل حكومة الوفاق الوطني في رام الله حول هذا الإجراء.[3]
  4. أصدرت حكومة الوفاق الوطني في جلستها المنعقدة بتاريخ 6 يونيو2017 قراراً بتنفيذ قرار الإحالة إلى التقاعد المبكر لقوى الأمن في المحافظات الجنوبية (قطاع غزة) لسنة 2017[4].
  5. صدر قرار مجلس الوزراء - الحكومة- القاضي بإحالة (6145 موظف) من المحافظات الجنوبية (قطاع غزة) إلى التقاعد المبكر.

 

وقد برر المتحدث الرسميباسم الحكومة يوسف المحمود، أن الحكومة شددت على أن هذا الإجراء والإجراءات السابقة وأية إجراءات أخرى، قد تتخذ في هذا الإطار هي إجراءات مؤقتة ومرتبطة بإنهاء الانقساموسيطرة حركة حماس على غزة، ووقف كافة خطواتها في هذا الإطار، التي تقود إلى الانفصال.

كما تعهدت الحكومة أنها سوف تعود عن كافة إجراءاتها التي اتخذتها في حال تراجعت حركة حماس عن خطواتها الانفصالية، وأكدت الحكومة على أنها سوف تتحمل كافة مسؤولياتها في قطاع غزة، مدعية وجود أزمة مالية لدى السلطة الفلسطينية من جهة وكذلك بأنه أحد الإجراءات المتخذة ضد حركة حماس من أجل إنهاء الانقسام وحل اللجنة الإدارية وتمكين حكومة الوفاق الوطني من العمل في قطاع غزة.[5]

 

ثانياً الموقف القانوني

بالرجوع إلى الضوابط القانونية المتعلقة بالقرار التي أحالت بموجبه السلطة التنفيذية –حكومة الوفاق- (6145) موظف من القطاع المدني إلى التقاعد المبكر، فقد تبين جملة من شبهات المخالفات القانونية تستعرضها الورقة على النحو الآتي:

  1. إن تعهد الحكومة بالتراجع عن إجراءاتها الخاصة بالإحالة للتقاعد المبكر للموظفين العموميين بأنه مؤقت ومحددة بفترة زمنية معينة، لا يمكن التسليم بهباعتبار أن التقاعد استحقاق يحمل صفة الاستمرارية والديمومة بطبيعته، ولا يحمل صفة التأقيت وربطه بفترة زمنية معينة. إن إحالة الموظف للتقاعد المبكر وإعطاؤه حقوقه يرتب وينشأ عنه مراكز قانونية وحقوقية من الناحية العملية والواقعية فلا يصبح موظفاً؛ بل متقاعداً متوقفاً عن أداء مهام وظيفته.
  2. يتبين من القرار أن المستهدفين بالتقاعد المبكرهم من موظفي المحافظات الجنوبية (قطاع غزة) دون موظفي المحافظات الأخرى، الأمر الذي يشكل مخالفة للمادة (9) من القانون الأساسي-والتي نصت على " الفلسطينيون أمام القانون والقضاء سواء لا تمييز بينهم بسبب العرق أو الجنس أو اللون أو الدين أو الرأي السياسي أو الإعاقة.[6]"
  3. هذا وقد حدد قانون المدنية رقم (4) لسنة 1998م وتعديلاته، وقانون التقاعد العام رقم (7) لسنة 2005م وتعديلاته، الحالات التي يمكن فيها إحالة الموظف إلى التقاعد. وتستعرض الورقة هذه الحالات على النحو الآتي:
  • حصرتالمادة (68) من قانون الخدمة المدنية لعام 1998 وتعديلاته التقاعد في الحالات الآتية: إذا ثبت ارتكاب الموظف مخالفة للقوانين والأنظمة والتعليمات والقرارات المعمول بها في الخدمة المدنية، أو في تطبيقها فتوقع عليه إحدى العقوبات التالية: (8-الإحالة إلى المعاش.."،
  • جاء في المادة (70) المعدلة بموجب المادة (5) من قانون الخدمة المدنية رقم (4) لسنة 2005م: "لا توقع على موظفي الفئة العليا إلا إحدى العقوبات التأديبية التالية: 1-اللوم 2-الإحالة للمعاش...".
  • نصت المادة (101) من قانون الخدمة المدنية رقم (4) لسنة 1998م، على حق الموظف بتقديم طلب التقاعد المبكر من تلقاء نفسه شريطة أن يستوفي شروط السن وعدد سنوات الخدمة، حيث نصت على أن: "تنتهي خدمة الموظف بإحالته إلى المعاش في حالتين: أ-وفقاً لأحكام المادتين (68و70) من هذا القانون، ب-بموافقة من رئيس الدائرة الحكومية بناء على طلب خطي من الموظف شريطة ألا يقل عمره عند تقديم هذا الطلب عن خمسين سنة وبشرط استيفاء الحد الأدنى من السنوات لاستحقاق معاش التقاعد."
  • قيدت المادة (117) من قانون التقاعد العام رقم (7) لسنة 2005م، والمعدلة بموجب المادة (17) من القرار بقانون رقم (5) لسنة 2007م، صلاحيات مجلس الوزراء عند قيامه بإجراء إحالة الموظفين للتقاعد العام عندما أزاحت إمكانية استناد المجلس على اعتبارات المصلحة العامة من المادة الأصلية، حيث أصبح نص المادة المعدلة: "يجوز لمجلس الوزراء أن يحيل أي موظف على التقاعد المبكر إذا أكمل خمس عشرة سنة خدمة مقبولة للتقاعد دون أن يخصم من مستحقاته الإلزامية." 

 

الخلاصة والتوصيات

يرى مجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية، بعد أن احتكم إلى التنظيم القانوني الفلسطيني بشأن التقاعد العام، أن قرار حكومة الوفاق بشأن إحالة موظفين عموميين إلى التقاعد والقرار بقانون رقم (9) لسنة 2017م بشأن التقاعد المبكر لقوى الأمن الفلسطينية، يعكس النزعة الإجبارية للإحالة للتقاعد المبكر، وينطوي على مصادرة للحق في حرية الاختيار المبني عليها التقاعد المبكر، ويفتقر إلى المعايير والضوابط الواضحة.

كما يعكس القرارمدى التعسف في استخدام السلطة، من خلال عدم مراعاة ما ورد في قانون الخدمة المدنية رقم (4) لسنة 1998م وتعديلاته، وقانون التقاعد العام رقم (7) لسنة 2005م وتعديلاته.هذا وبالرغم من أن المادة (117) من قانون التقاعد العام، منحت الصلاحية لمجلس الوزراء لإحالة الموظف للتقاعد، إلا أنه لا يجوز التوسع في استخدام تلك الصلاحيات، كما أنه لم يتسنَ للمركز معرفة مدى مواءمة القرار للشروط والمعايير القانونية الواردة في تلك المادة، كما يُشير المركز إلى انتفاء حالة الضرورة التي لا تحتمل التأخير، في القرار بقانون، التي يجب توافرها في القرارات بقوانين بموجب المادة (43) من القانون الأساسي الفلسطيني المعدل لعام 2003م.

 

وعليه فإن مجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية يطالب:

  1. مجلس الوزراء الفلسطيني بالعدول عن قرار إحالة موظفين للتقاعد المبكر، وإزالة كافة التبعات المترتبة عنه.
  2. مجلس الوزراء الفلسطيني بضرورة مواءمة قرارات الشأن الوظيفي مع المعايير والضوابط القانونية.
  3. مجلس الوزراء الفلسطيني بعدم القيام بأية إجراءات مستقبلية تجاه موظفي المحافظات الجنوبية، دون اتباع الأصول القانونية ذات العلاقة.
  4. إلغاء القرار بقانون رقم (٩) لسنة 2017 بشأن التقاعد المبكر لقوى الأمن الفلسطينية.

 

انتهى

 

أعضاء مجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية:

 



Adameer

مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الانسان

سحر فرنسيس - المدير العام

aaldameer

مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان

هالة القيشاوي جبر-  المدير العام

Al-Haq-Small

مؤسسة الحق

شعوان جبارين - المدير العام 

Mezan

مركز الميزان لحقوق الإنسان

عصام يونس - المدير العام 

DCI

الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال - فرع فلسطين

خالد قزمار - المدير العام 

بديل - المركز الفلسطيني لمصادر حقوق المواطنة واللاجئين

نضال العزة - المدير العام 

 Hurryyat

مركز الدفاع عن الحريات والحقوق المدنية - حريات

حلمي الأعرج - المدير العام 

PCHRS

مركز رام الله لدراسات حقوق الإنسان

صهيب الشريف - المدير العام 

JLAC

مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان

عصام عاروري - المدير العام

pchr-gaza-logo

 

المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان

راجي الصوراني – المدير العام

 

 

 

[1] الموقع الرسمي لمجلس الوزراء الفلسطيني http://www.palestinecabinet.gov.ps/Website/AR/ViewDetails?ID=41043

[2]  العدد مئة واثنان وثلاثون من الجريدة الرسمية من موقع ديوان الفتوى والتشريع –رام الله http://www.lab.pna.ps/ar_new/index.php?p=main&id=414

[3] بيان صحفي بتاريخ 6/6/2017، مركز الميزان/ يطالب السلطة الفلسطينية بالوفاء بالتزاماتها تجاه موظفيها والتقيد بنصوص القانون

http://www.mezan.org/post/23657/

[4] القرارات الرسمية لمجلس الوزراء الفلسطيني  http://www.palestinecabinet.gov.ps/Website/AR/ViewDetails?ID=41074

[5] انظر تصريح الناطق باسم الحكومة: https://www.alwatanvoice.com/arabic/news/2017/07/04/1064246.html

[6] حسب نص المادة (9) من القانون الأساسي المعدل.


 [NA1]هذه الجملة معلقة!

2017-07-14