الجمعة 10/10/1445 هـ الموافق 19/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
إنتصار الأقصى . صموداً ورباط...جبريل عوده

 أحد عشر يوما من الصمود الأسطوري , والرباط اليومي والإحتشاد الضخم , في أداء الصلوات الخمسة في أزقة البلدة القديمة وعلى أبواب الأقصى المبارك , رفضاً للبوابات الإلكترونية والكاميرات الذكية وكافة الإجراءات الصهيونية , التي حاول الإحتلال من خلالها تمرير مخطط السيطرة على الأقصى , وتواصل الإشتباك المباشر مع جنود الإحتلال ومستوطنيه في القدس ومدن الضفة المحتلة , وتقديم الأرواح الطاهرة فداءً للأقصى المبارك , حيث إرتقى خمسة شهداء في معركة الدفاع عن الأقصى وأصيب أكثر من ألف فلسطيني , ورغم القمع الوحشي للمرابطين رجالاً ونساءً وأطفالا , بالرصاص وقنابل الغاز , أخفقت قوات الإحتلال في فض جماهير القدس , وأهل الأقصى المحتشدين , لحماية مسرى رسولهم الكريم , وبقيت الجماهير على عهدها في الدفاع عن الأقصى المبارك , ولا تبالي لو فاضت الأرواح أو مزقت الأجساد , في معركة الطهر والشرف الفلسطيني لمواجهة الخبث والنجاسة الصهيونية .

 

بعد أحد عشر يوما من الإصرار على الحق , والتمسك بقدسية المكان , والرفض لتهويده أو تدنيس باحاته , إنتصرت إرادة المقاومة المنغرسة في نفوس الأطهار من رواد الأقصى وأبناء القدس الأبطال , إنتصرت عزيمة المرابطات الماجدات , وهن يرابطن على أبوابه , تفوح من جنبات حلقاتهن عطر آيات الإسراء ,إنتصر الأطفال المقدسيين وهم يوزعون إبتسامة الإستبشار بمستقبل الأمة الواعد بين صفوف المرابطين على أبواب الأقصى , ويقهرون الجنود الصهاينة , وقد عزموا على الدخول للأقصى , رغما عن شروط الكابنيت الصهيوني , إنتصرت الأمهات ودموعهن المنهمران في محراب الدعاء للأقصى وفرسانه , بأن ينصرهم الله ويبطل كيد يهود , إنتصرت سماء القدس , وقد أشرقت على شموس الحق ترابط مع نداءات الفجر , حي على الجهاد حي على الرباط , إنتصرت جبال القدس , وهي تتهلل فرحا بصمود المقدسيين كالأوتاد , في وجه سيول التهويد الأسنة , إنتصرت بلابل القدس وقد تغنت بتراتيل النصر مع زهو المنشدين الواثقين بالنصر عند باب الأسباط في كل ليلة رباط , إنتصرت فلسطين وهي تدفع الشر الصهيوني عن الأقصى , إنتصرت فكرة المقاومة وثقافة الصمود , إنتصرت إرادة التحدي والإصرار على الحق , إنتصرت جنين وأم الفحم , إنتصرت غزة ونابلس , إنتصرت رفح ورام الله , إنتصر كل الوطن وأبنائه , إنتصر رماة الحجارة على الطرق الإلتفافية ,إنتصر الملثم الغزاوي وهو يرسل برسائل الردع والقوة , لتزداد كفة المرابطين والمعتصمين في قدسنا , ويزداد ثقلها المرعب على طاولة الكابنيت بغلاته ومتطرفيه  , فيهرب صاغرا من ساحات الأقصى , لينهي كافة إجراءاته العدوانية, إنتصرت فلسطين من بحرها إلى نهرها , وهي تنافح عن الأقصى المبارك بفلذات أكبادها , في غفلة كثير من المسلمين اللاهثين خلف ناعقي فضائيات التطبيع , فكانوا بعض العرب على دين إعلامهم  الخبيث , فأصبح لديهم حارس الأقصى إرهابيا , والمعتدي الصهيوني المجرم حمامة سلام.

إنتصر الأقصى , وجدد المنتفضين الأخيار في قدسنا , سيادتنا كعرب ومسلمين على أقصانا الشريف , وأحيوا في نفوس الأمة , قدرة التحرير وإمكانية تطهير الأقصى , وأن جيل صلاح الدين يولد على عين الثورة المقدسية في فلسطين , وأن أوان المعركة الفاصلة قد إقترب من أجل إسترداد قدس المسلمين , وأن المقاومة خيار أصحاب الحق, فلا تسترد الحقوق إلا بالإعتصام والقوة والتمسك بالحق دون تنازل أو تهاون أو نسيان أو تفريط .

لقد كثر الحديث عن جهود الزعماء والملوك العرب , في فتح أبواب الأقصى المبارك , حديث يثير السخرية والإستهجان , ما هكذا تستهدف العقول في زمن الإنفتاح , والتنوع المعرفي والنقل المباشر للأحداث , فلم نرى جيوشاً للملك أو حشوداً للرئيس ترابط على حدود فلسطين , لردع العدو عن إستباحة أقصانا , لم نشاهد مؤتمراً أو حديثاً عاصفاً لملكٍ أو رئيسٍ يندد بعدوان نتانياهو وجنوده على المسجد الأقصى  , ألا يستحي إعلامكم ألا تخجل إذاعاتكم , , فلقد إستمرت معركة الدفاع عن الأقصى أحد عشر يوما , حقق فيها شعبنا المرابط في قدسنا الغالية , إنتصاراً لا يضاهيه إنتصار في زمن الخنوع والإستسلام للإرادة الصهيوأمريكية ,  ولم نرى مسيرة واحدة في عواصمكم أو طرداً لسفراء الصهاينة من عقر داركم , لقد أفشل شعبنا الفلسطيني وحدة , وفي المقدمة منه مرابطي ومرابطات القدس الأبرار , وأهلنا المنغرسين في الأرض المحتلة عام 48 , كل مخططات التهويد التي إستهدفت الأقصى المبارك , وأعادت الرسالة قوية لقادة الإحتلال في مؤسسة العسكرية والأمنية والدينية , أن المسجد الأقصى خط أحمر , وأن المساس بالأقصى  سيؤذن بزوال كيانكم الهش, وأن ما يحصل في شوارع القدس وما يجاورها من مدن الضفة المحتلة والمثلث والنقب والجليل , ما هو إلا سيناريو مصغر عن الجحيم الذي سيطال كل الرؤوس التي تريد الشر وتسعى للكيد ضد المسجد الأقصى المبارك .

وإن كان من رسالة في هذا اليوم الأغر , الذي إنتصرت فيه عزائم الأحرار على مخططات الفجار , نقول بأن المقاومة ودفع العدو بكل ما نملك هو الخيار المجدي والسبيل المعتبر من أجل إسترداد حقوقنا وصون مقدساتنا , وأن وحدة الصفوف ورص الجموع  الفلسطينيين , على هيئة تلاقي المرابطين في صفوف الصلاة , لنشكل معا وحدة متينة راسخة قائمة على التمسك بالحقوق والعمل على إنتزاعها بالقوة من بين أنياب الإحتلال , حيث أن البرنامج الوطني الفلسطيني الذي يجمع بين ترسيخ الوحدة وتعزيز المقاومة , قادر على النهوض بالقضية والسير بها نحو مسارات التحرير والخلاص من المحتل.

كاتب باحث فلسطيني

28-7-2017م  

 

 

2017-07-27