وكالات:
قدم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بادرة طيبة للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب في ديسمبر/كانون الأول عندما آثر ألا يرد على طرد الولايات المتحدة دبلوماسيين روساً ومصادرة مجمعات دبلوماسية روسية.
لكن شهر العسل انتهى الآن.
فقرار روسيا طرد مئات الدبلوماسيين الأميركيين ووضع يدها على مجمعين أميركيين ربما يكون اعترافاً في موسكو بأن قدرة ترامب على تحسين العلاقات محدودة في أحسن الأحوال وبداية مرحلة جديدة من تراجع العلاقات.
واتخذت روسيا تلك الخطوة بعدما بعث مجلس الشيوخ الأميركي يوم الخميس بإشارة مثيرة مفادها أنه لا يثق في ترامب بشأن روسيا وذلك بإقراره مشروع قانون يفرض عقوبات جديدة على موسكو ويقيد يدي الرئيس إذا حاول تخفيفها.
ولم يوقع ترامب حتى الآن على مشروع القانون ولم يوضح الإجراء الذي سيتخذه بشأنه.
الروس أدركوا شخصية ترامب
وقال أندرو ويس الخبير السابق بشأن روسيا في مجلس الأمن القومي "(الروس) أدركوا شخصية ترامب، وفي حين يودون استغلال تعلقه الأبله ببوتين والإحساس الزائف بأنه يمكنك إبرام صفقات مع شخص مثل بوتين.. فإنهم يدركون أن أداءه البهلواني كرئيس يجعل من الصعب بالنسبة له فعل أي من الأشياء الكبيرة التي تريدها روسيا".
وعلى رأس قائمة الأمنيات الروسية تخفيف العقوبات الأميركية المفروضة بسبب ضمها القرم من أوكرانيا وزعزعتها الاستقرار في شرق أوكرانيا وهو أمر مستبعد بعد تحرك مجلس الشيوخ. ثمة مطلب ثان غير متصور وهو الاعتراف الأميركي بسيادة روسيا على القرم.
وقال ويس الذي يعمل حالياً في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي "أداء ترامب لم يترك بالتأكيد انطباعاً لدى أحد في موسكو بأنه رجل يمكنه تحقيق المتوقع منه".
فرغبة ترامب، التي عبر عنها كثيراً خلال حملته الرئاسية في 2016، تحسين العلاقات مع روسيا عرقلتها نتائج توصلت إليها أجهزة المخابرات الأميركية بأن روسيا تدخلت لمساعدة المرشح الجمهوري على حساب منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون.
وجعل تحقيق أجرته إحدى وكالات إنفاذ القانون الاتحادية والعديد من تحقيقات الكونغرس في تواطؤ حملة ترامب مع روسيا من الصعب على ترامب فتح صفحة جديدة مع بوتين.
وتنفي روسيا تدخلها في الانتخابات ويقول ترامب إنه لم يحدث تواطؤ.
وكان مجلس النواب قد وافق على مشروع القانون بواقع 419 عضواً واعتراض ثلاثة.
يضر بمكانة أميركا
ويجبر إقرار مجلس الشيوخ مشروع العقوبات بأغلبية 98 عضواً مقابل اعتراض عضوين ترامب إما على اتخاذ نهج متشدد تجاه موسكو أو نقض التشريع وإغضاب أعضاء حزبه الجمهوري.
ويعني الفارق الكبير أن الكونجرس يمكنه بسهولة تجاوز فيتو رئاسي.
وأشار ويس إلى أن تدني شعبية ترامب في الداخل وميله لإغضاب حلفاء في حلف شمال الأطلسي مثل ألمانيا وعجزه عن إقرار تشريع داخلي كلها عوامل تسهم في إدراك روسيا أنه يضعف الولايات المتحدة.
وقال ويس "(هذا) سيكون له مردود جيد على موسكو، إذ لن تكون هناك حاجة لإبعاده عن المسار الذي يتخذه بالفعل والذي ينطوي على تدمير ذاتي ويضر بمكانة أميركا على المستوى الدولي".
ولم يصدر بعد تعليق من البيت الأبيض.
وأمهلت روسيا الولايات المتحدة حتى أول سبتمبر/أيلول لخفض عدد موظفيها الدبلوماسيين في روسيا إلى 455 شخص وهو عدد الدبلوماسيين الروس الذين أبقتهم الولايات المتحدة بعدما طردت واشنطن 35 روسياً في ديسمبر/كانون الأول بسبب اختراق الانتخابات المزعوم.
كما قالت إنها ستصادر مجمعاً روسياً يستخدمه دبلوماسيون أميركيون وكذلك مخزناً للبعثات الدبلوماسية الأميركية.
وقال بعض المسؤولين السابقين إن روسيا قد تتخذ خطوات أخرى مثل السعي لمساعدة القوات المدعومة من موسكو للسيطرة على مزيد من الأراضي في شرق أوكرانيا أو محاولة الحد من العمليات الجوية الأميركية في سوريا في حين قال آخرون إن أي رد فعل ربما يكون أقل حدة.
وأفاد المسؤول السابق بأن روسيا قد تبحث فرض عقوبات اقتصادية مضادة على الولايات المتحدة قائلاً إنه يعتقد أن الرد الانتقامي في أوكرانيا أو سوريا أقل ترجيحاً لأنه من المحتمل بشدة أن يؤدي إلى رد أميركي مضاد.
وقال مايكل مكفول، السفير الأميركي في روسيا من 2012 إلى 2014، أنه لا يعتقد أن روسيا ستصعد التوتر مع الولايات المتحدة الآن لأن تأكيد ترامب رغبته في تحسين العلاقات مع موسكو يشجع بوتين على مواصلة السعي لنوع ما من التوافق مع الرئيس الأميركي.
وأضاف "لا أعتقد أنهم سيبتعدون عن ذلك (الموقف) الآن.. أعتقد أن بوتين لا يزال يعتقد أن هناك شيئاً ما يمكنه أن يفعله مع ترامب.