مرحبًا أيُّها المرقّع، تمكثُ في هذا المكان المعتم منذ ثلاث ساعات، لا تفعل شيئًا سوى النظر إلى السقف، هل أضعتَ عينيك؟
هل أُغلقت أبوابُ الكونِ في وجهك؟
تقف هكذا كجدارٍ متآكل، تحطُّ على صدره الغربان، كم أنت هشٌّ، قد غلبك الزمان، قد نالَ منك، كم بدا منظرُك مؤسف، وأنت تعتصر بين يديه كقطّة، لا تُقاوم، تكتفي بالصراخ.
أعرف كلَّ ما يدور في رأسك السميكِ هذا، حتى ضرسك الأيسر من فكك السفلي، أعرف أنّك تُفكّر في خلعه بيديك، لأنّه يؤلمك منذ الصباح، وتُفكّر في الهروب أيضًا، وكلمّا هممت بذلك، التحفتْ خطواتُك بالسواد، وارتعشت قدماك أمام الظلام، وانكمشت على نفسك، حتى بدوتَ كخطيئة، هل يهربُ الانسانُ نحو الظلام؟
أيُّ خطيئةٍ أنت؟
هل تُفكّر في الهروب مجددًا؟
لن تنجو، لقد تلاشيت بالكامل، هل تسمعُني؟
أنت غبار. يا صاحب الملامح الشاحبة، يا أسير الخيالات السوداء، كم كبرت يا هذا، كم شاخَ ضلعك، واهتزّت الحياةُ فيك.. عندما كنت في السابعة، كنت تفتعل البكاء ليشتروا لك الكنافة، واليوم، وجهك -كورقةٍ يحتضنُها البحر- مليءٌ بالدموع، وصحن الكنافة على الطاولة منذ أسبوع، وليس لديك رغبة بأكل شيء.
لحظة... هل هذه مرآة؟
يا إلهي!
اكسرها فورًا، قد كشفت سرّك.
راميا. كاتبة فلسطينة