الخميس 9/10/1445 هـ الموافق 18/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
هل هناك صهيونية اسلامية؟!... بقلم:محمد النوباني

  قد يبدو هذا العنوان غريبا, ولكن الغرابة سرعان ما تتبدد اذا ما عرفنا انه بالاضافة الى الصهيونية اليهودية هنالك صهيونية مسيحية سبقت ظهور الاولى بزهاء 250 عاما و يقوم معتقدها على ان اقامة اسرائيل و هدم المسجد الاقصى و بناء الهيكل الثالث على انقاضه هي ضرورة لا بد منها لعودة المسيح المنتظر و بالتالي لماذا لا يكون هنالك ايضا صهيونية – اسلامية تستند الى نفس المعتقد و تؤمن به؟ من باب تحريض الاسلام و ابعاده عن النهج المحمدي الاصيل. وحتى لا نعقد المسالة في اطارها المعرفي فانه لا بد من الاشارة الى ان هنالك تيارات تكفيرية اسلامية اصولية تؤمن بالعودة الثانية للسيد المسيح و قيادته للمعركة الفاصلة مع الكفر قبل قيام الساعة و تمارس نفس الممارسات التي تمارسها الحركة الصهيونية في تعاملها مع الاخرين مثل التكفير و القتل و رفض الاخر.مما يؤكد بانها ليست اسلامية الا بالاسم

و لكي نفصل اكثر فقد كان لافتا على سبيل المثال لا الحصر ان اسرائيل التي وجهت ضربات متتالية للقوات السورية و الرديفة منذ اندلاع الحرب في سوريا 2011 لم توجه اي ضربات مماثلة لداعش و النصرة و اخواتهما بل و اكثر من ذلك, فقد قدمت العلاج لجرحى الاخيرة في المستشفيات الاسرائيلية عندما كانوا يتعرضون للاصابة في معاركهم مع الجيش السوري في المناطق المحاذية للشريط الحدودي في هضبة الجولان السوري المحتل, كما حاولت توظيفهم لاقامة منطقة عازلة على طول خط وقف النار مع القوات السورية اسوة بما فعلته في جنوب لبنان قبل تحريره عام 2000, بواسطة قوات سعد حداد و انطوان لحد العميلة, في حين ان التكفيرين من جهتهم لم يتعرضوا ابدا للقوات الاسرائيلية و لو لمرة واحدة, او حتى من باب ذر الرماد في العيون. و رب معترض هنا يقول بان السبب في ذلك قد يعود لنوع من تلاقي المصالح بين اسرائيل و التكفيريين حيث كلاهما يلتقيان حول هدف واحد, و هو اسقاط النظام السوري و محاربة النفوذ الايراني و منع حزب الله من البقاء في سوريا على مقربة من الحدود مع اسرائيل و ليس لاسباب تتصل بقرابة فكرية او عقائدية.

ولكن وجاهة هذا الاعتراض سرعان ما تتلاشى اذا اعدنا الى الذاكرة حقيقة ان اكثر من مسؤول في تلك العصابات التكفيرية زار ايضا اسرائيل و اشاد بها و ابدى استعداده للتحالف معها ضد العدو المشترك للطرفين , مما ياكد وجود معتقدات و قيم مشتركة ايضا. و مما ينطبق على هذه التنظيمات التكفيرية ينطبق على بغض الانظمة العربية التي ساهمت في قيام اسرائيل و تخلت منذ امد بعيد حتى عن المساندة اللفظية للقضية الفلسطينية ووصل بها الامر مؤخرا و تحديدا بعد زيارة ترامب الاخيرة للسعودية, و القمم الثلاث التي عقدها هناك, الى الشروع باتخاذ اجرائات تمهيدا لتطبيع علاقاتها مع اسرائيل بصورة علنية و اقامة تحالف سياسي و عسكري معها تحت مسمى "حلف نيتو اسلامي-عربي-اسرائيلي" بقيادة واشنطن ضد الخطر الايراني و الشيعي المزعوم.

 وقد اتضحت معالم ذلك بشكل جلي في اعقاب اقدام القوات الاسرائيلية على اغلاق بوابات المسجد الاقصى بعدعملية الجبارين في الرابع عشر من تموز الفائت و محاولة تثبيت البوابات الالكترونية, و الجسور الحديدية و كاميرات المراقبة الذكية و غير ذكية على ابوابه, و تمكن الفلسطينيين و في مقدمتهم المقدسيين من افشال    ذلك بجهودهم الذاتية, في ظل صمت مطلق من عرب و مسلمي " النيتو" و حتى بتأييد واضح للموقف الاسرائيلي من قبل علماء السلاطين اياهم المدفوع ثمن فتاويهم سلفا من اموال البترودولار. . بل استطيع الذهاب لاكثر من ذلك لاقول بان كل النخب السياسية و الفكرية و الثقافية , الاسلامية و العربية التي تؤيد مواقف و سياسات اسرائيل و تدعوا الى التفريط بالحقوق الفلسطينية انطلاقا من مصالح طبقية هي ايضا نخب صهيو عربية اسلامية سواء شاءت تلك النخب ام ابت. فكما انه ليس بالضرورة ان يكون كل يهودي صهيونيا , فان الصهيوني ليس بالضرورة ان يكون يهوديا.

2017-08-06