الجمعة 10/10/1445 هـ الموافق 19/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
بين يقظة وجنون......ديمة ميقري

 ذات صحوةٍ.. تشعر أن كل ما يدور حولك ليس إلا وهم..

وأن الحياة.. هي ذاك الشيء المعقد الذي لم تستقر ملامحه بعد ولم تتناهى

وأنه ربما لولا ذاك الشيء المعقد لكُنا كلّنا سواء..

إذا نحن الأصل في تلك اللعبة، فكُلٌّ يلعب دوره حسب رؤيته ومفهومه للحياة

ذاك الفضاء الذي نعبث به..نتحرش به .. ونسخر به..

حتى أننا أحياناً نُجَنّ به. .

الحقيقة أننا غالباً لم نفهم تلك اللعبة، ولم نتعلم كيف نتقي جنونها

إنّك إن لم تتحرش بالحياة..فأنت ميّت..تعيشها بلا معنى

ولكن يا صديقي..عليك أن تكون حذراً من جنونها وسخطها

والحذر ليس جبناً

الجبان؛ ذاك الذي أعرض عن الحياة مستسلماً للخوف..ساجناً نفسهُ داخلَ قوقعتهِ الصغيرةِ..خائفاً من الفرح ، من الحياة ، من الحبّ، من الموت، من المسؤولية

وعلى أساس هذا الخوف تترتب الكثير من الكوارث

أما المتهوّر..فهو أيضاً لم يفهم تلك اللعبة

المتهور سجين الأنا..ذاك الذي يعيش دائماً حياةً شائكةً غير مفهومة، ( أنا ومن بعدي الطوفان) تلك القاعدة التي حرمتهُ لذة الحب والعطاء والمشاركة..بيد أنهُ غرق في ظلم من حوله كثيراً

فالحياة ليس أن تطلق أناك لتدهس بها إنسانيتك

إذاً من منا على خطأ؟ من منا على صواب؟

من الذي استطاع أن يعبر من خلال ذلك الفضاء ..دون أن يعبث معه ويحرض جنونه

من الذي عرف الوقت الذي عليه ان يتحرش به..بالحياة؟

ثم ماذا يعني الصواب؟ هل الصواب الذي نراه بعيوننا؟

ماذا وإن كانت عيوننا ملوثة؟

إذا ما الصواب على وجه الحقيقة.. ما الخطأ.. ما الخطيئة؟

هناك الكثير ممن تسرعوا في الإجابة، فما كانت إلا وليدة رؤية ملوثة..حسب مصالحهم وأهوئهم الشخصية

منحازين بجنون لدرجة أن يخلطوا الخطأ والصواب..بدينهم ومذهبهم وطائفتهم وأحزابهم

غيرَ آبهين لقانونٍ كونيٍّ يجمع البشر وكل الأديان بعضهم ببعض

هذا الحبل السريّ الذي قطعناهُ بسكين مهترئة صدِئة .. فتفرق كل منا في هذا الفضاء الساخط.. مُطلِقاً جنونهُ وتعجرُفهُ عليهِ..غير آبهٍ  بغضبهِ

هنا.. اليوم.. في هذه الحرب اللعينة أدركنا كم نحن جزارين ماهرين

نحن لم نكتفِ بظُلمِ أنفُسنا أو حتى ظلم من حولنا وسط علاقاتنا الاجتماعية الفاشلة..

بل تمادينا بطغياننا حتى ظلمنا الإنسانية بأكملها

الصواب يا صديقي هو إنسانيتنا الجريحة.. والخطيئةُ هي الجَرحُ والظّلمُ

وترانا رغم كل هذا الخراب المحيط نعيش جميعَ مراحلِ حياتنا بلا تردد

حتى إن الكثير منّا وُلدوا.. والكثير أيضاً ماتوا

ولكن.. كيف لنا أن ننعم بحياتنا ..وإلى جانبنا إنسانيتنا جريحة..

والظلم قد أصبح أبونا وإمامنا

2017-09-09