محمود عباس وعدد قليل من أعضاء حكومة رام الله ، يتحكمون بكل " الغلة " التي تملكها السلطة ، وعباس بشكل استفزازي يغدق الأموال حسب ما يريد ، وما وزارة المالية الفلسطينية سوى واجهة اعلامية تستخدم وقت الضرورة للتغطية على الكثير من الاسقاطات التي تتراكم يوماً بعد يوم .
من وجهة نظر المعارضة و المراقبين ، هناك قلة قليلة تتحكم بكل واردات السلطة ، وهذه الواردات تتبعثر بدون حسيب أو رقيب وروائح الغش والمحسوبيات تنبعث من كل مكتب من مكاتب وزارة المالية ، ومن بين العوامل التي تساعد عباس ومن حوله على التحكم بهذه الأموال ، ان جميع المساعدات وأنواع وحجم الفتات الذي يقدم لسلطة رام الله ، يدخل حساب عباس الخاص في البنوك خارج الضفة الغربية ، بعدها يتم التحويل حسب مقاييس واعتبارات كثيرة يقررها عباس وحده .
أما واردات الضرائب والجمارك التي تتحكم بها سلطات الاحتلال ، هذه الأموال لا تصب في خزينة السلطة الا بعد موافقة الأخيرة على كافة الشروط المطلوبة التي تفرضها سلطات الاحتلال ، في مقدمة هذه الشروط المذلة ، موافقة سلطات الاحتلال على توزيع هذه الأموال ، ومنع وصولها الى كافة الأطر والجهات والفصائل التي تقاوم الاحتلال .
هذه السياسة تضاف الى سياسة زيادة شد الاحزمة على البطون التي أخذ عباس وحكومته إتباعها لكسر شوكة كل الذين يعارضون سياسته بالتواطؤ مع الاحتلال ومع محور الولايات المتحدة ، وتدعى المعارضة بأن سياسة التجويع هذه هي جزء من سياسة تصفية الحسابات مع قوى كثيرة بدأت في الضفة الغربية المحتلة ، بدأها عباس بخصي نسبة كبيرة من رواتب المعلمين والموظفين ، لإذلالهم أكثر ومنعهم من الوقوف في وجه سياسته المتخاذلة مع الاحتلال ، خاصة فيما يتعلق بمنع التظاهر واعتقال كل المقاومين خدمة للسياسة الإسرائيلية .
بعد خصي رواتب الموظفين في الضفة الغربية انتقلت فاتورة الملاحقة والعقاب الى قطاع غزة ، فقد طالت سياسة القهر المادي آلاف الموظفين والعاملين في قطاعات مختلفة ، كما انها طالت العديد من المؤسسات التعليمية والجامعات والنوادي الرياضية ومحطات توليد الطاقة وغيرها .
كل هذا يتم بمراقبة سلطات الاحتلال وموافقتها ،آخر الأطر التي امتدت ووصلت اليها سياسة الأرض المحروقة التي تشعلها إسرائيل ، قرار محمود عباس قطع الميزانية عن نادي الأسير الفلسطيني ، وقد اعترفت صحيفة " هآرتس " واسعة الاطلاع في عددها الصادر يوم الأحد الماضي ، بأن عباس اتخذ هذه الخطوة غير المسؤولة إرضاء لسلطات الاحتلال وبطلب من الولايات المتحدة .
على الرغم من أن السيد " قدورة فارس" رئيس النادي المذكور رفض التعقيب على هذه الخطوة الضلالية ، لكن عدداً من النشطاء في هذا النادي ، اعترف بهذا الاجراء وقد اعترفوا بأن عباس قام بهذا الاجراء تلبية لمطالب سلطات الاحتلال ولإرضاء السفارة الامريكية في تل أبيب ، ومن هؤلاء النشطاء من اعترف بأن خطوة عباس انتقامية ، وتصفية حسابات مع الاسرى خاصة من حركة فتح أولئك الذين أصروا على المشاركة بالأضراب الذي قاموا به داخل سجون الاحتلال ، وقد ادعت سلطة الاحتلال وسلطة رام الله ان من وقف وراء هذا الاضراب هو الأسير مروان البرغوتي ، وما هو جدير بالذكر ان سلطة رام الله عارضت هذا الاضراب ووقفت مكتوفة الأيدي حياله .
اذا كانت هذه المعلومات صحيحة يكون عباس قد ارتكب خطوة إجرامية تراجعية غادرة ضد اسرى الحرية داخل سجون الاحتلال ، انهم بالنسبة لأبناء الشعب الفلسطيني رأس الحربة في نضاله ضد الاحتلال ، وهم بمثابة الشهداء الأحياء في سجون الاحتلال ، بفضلهم وبفضل دماء الشهداء يمشي محمود عباس على السجاجيد الحمراء وهو يتنقل بين عواصم دول العالم ، بفضل تضحياتهم وتضحيات الشهداء ، ينعم عباس واسرته وامراء السلطة بالعيش في قصور منيفة في رام الله وغيرها .
في خطوته هذه ينضم عباس لإسرائيل في محاولاته كسر روح اسرى الحرية الثورية والوطنية ، لكنه سيفشل كما فشلت إسرائيل التي لم تترك اسلوباً قمعياً لم تستعمله ضدهم ، من السجن الانفرادي ومنع الزيارات وحرمانهم من الاتصال مع المحامين الذين يدافعون عنهم ، هذا عدا عن سياسة التعذيب والتنكيل بهم . معروف ان سلطة رام الله تعتبر جميع سجناء الحرية عصاة غلاظ ترفض اسلوبهم المقاوم ، لذلك لا نستغرب التعاون مع سلطات الاحتلال للتخلص منهم بكافة الطرق والأساليب ،وعلى ما يبدو أن سلطات الاحتلال كانت صادقة عندما ادعت دائماً أن شبح مروان البرغوتي الثوري لا يطاردها وحدها ، بل يلاحق محمود عباس وكل الذين يقفون بالطابور لوراثته .
ان نادي الأسير الفلسطيني الذي يعمل في الضفة الغربية ، ضمن جمعية خاضعة للقانون الفلسطيني تتلقى ميزانية من سلطة رام الله ، للقيام بنشاطاته الإنسانية ، بالإضافة الى التبرعات التي تصله من جهات أخرى ، ومن بين المهام التي يقوم بها هذا النادي تقديم الدعم والمساعدات للأسرى الذين تحرروا من سجون الاحتلال ، تساعدهم على التأهل لأي عمل مهني حتى يعيشوا بكرامة ، كما يوفر لعدد من الموقوفين رجال القانون للدفاع عنهم .
جدير بالذكر بأن هذا النادي لا يقدم أي دعم او تمويل لأسر سجناء الحرية ، وقد اعترف النشطاء في هذا النادي ، بأن نادي الأسير يمر بمرحلة حرجة ومهددة بالإغلاق ، وهذا ما تنتظره سلطات الاحتلال .
ان هم محمود عباس اليوم كسب ود واشنطن و إسرائيل ، كي يستمر تدحرج فتات الذل الى خزينة السلطة ، عندها يستمر العبث بمصير هذا الشعب . ان نشاط نادي الأسير الفلسطيني والى جانبه جمعية انصار السجين ، لا يهددان أمن سلطة محمود عباس ، لكن هذه السلطة كانت وستبقى أداة وجزء من الفساد القيادي الذي عانى منه الشعب الفلسطيني على مر السنين ، واغلاق هذا النادي لا يزيد اسرى الحرية الا اصراراً على مقاومة الاحتلال في صبرهم وجلدهم وانتظارهم .