المستقبل الصحراوي حاورته : دولت بيروكي.
تشهد الساحة الدولية جدالا واسعاً حول إعلان الإستفتاء في كردستان العراق الذي يعتزم إجراءه في 25 من أيلول 2017،بين مؤيد ومعارض، فالحكومة العراقية إعتبرته ظلما كبيرا ، بينما تباينت أراء المجتمع الدولي ، حيث وصفته واشنطن بالفكرة الغير جيدة أو الخطوة غير صحيحة في الوقت الراهن. فمنذ عقود و لازالت القضية الكردية تحتل المشهد في التحالفات والحروب بالشرق الأوسط، فالأكراد يبلغ تعدادهم في المنطقة حوالي أكثر من 40 مليون نسمة ، ويتوزعون على أربع دول وهي تركيا ، العراق ، إيران وسوريا. إن موقف الكورد من قضية إستقلالهم يختلف كثيرا عن الموقف الدولي الرافض لهذا الإعلان، ولقد أظهرت الدعوات التي إنطلقت من المناطق السنية بإيران ذات الأغلبية الكردية ، مساندة لهذا التوجه العام ، ففئة الكرد بإيران كان مشهدها معتما عن الإعلام الدولي ، فمنذ سنوات القمع التي تعرضت له مع بدايات الثورة الإسلامية بإيران ، والذي كانت فيه الحكومة الإيرانية ترفض بحزم مطلبهم الداعي إلى دولة كردستانية شرق إيران ،رفضا قطعيا. ومع إقتراب موعد الإستفتاء ، ولتسليط الضوء على القضية الكردية ومستقبل الدولة القادمة وموقفها من القضايا الدولية خاصة قضية الصحراء الغربية، يسعدني محاورة رئيس حزب سربستي كوردستان السيد عارف باوه جاني* ، في دوافع الإستفتاء و قراءة للمرحلة القادمة بعد الإستقلال :
س_ في البداية نرحب بكم ضيفاً على مجلة المستقبل الصحراوي : ونود معرفة أسباب غياب قضية أكراد إيران عن مشاهد الإعلام العربي ، وهل إستقلال كردستان العراق سيساعدكم لتعزيز موقفهم الداعي للاستقلال بشرق إيران؟.
الجواب : قضية الاستفتاء في جنوب كوردستان (اقليم كوردستان) من الجانب القومي يخص الامة الكوردية بأجمعها ، لكن في الجانبين السياسي والجغرافي يخص جنوب كوردستان بذاته ، إلا أن تحرير أي جزء من كوردستان سيضع الأرضية لتحرير الأجزاء المحتلة من ارض كوردستان، أول دولة كوردية مدنية متحضرة تشكلت بعد الحرب العالمية الأولى في الشرق الاوسط في الجزء المحتل من قبل إيران بزعامة الشهيد قاضي محمد وفي ذلك الوقت التحق الجنرال مصطفى البارزاني مع المئات من مقاتلي البيشمركة ذهبوا الى مهاباد عاصمة الجمهورية لدعمها والدفاع عنها. اعتقد ان ما يعانيه الكورد في في شرق كوردستان (كورد تحت احتلال ايران) ک ١٢ ملیون نسمە له عدة أسباب ، اولا أن النظام الإيراني يسعى دوما لرمي الكرة في ملعب الدول الإسلامية والعربية للتملص من المسؤوليات المترتبة عليه أي يصدر الأزمات والمشاكل والخلافات الى الدول الاخرى، ويسعى من خلال ذلك التظاهر زورا أن النظام لا ينتهك حقوق الشعوب الايرانية والأقليات الدينية. السبب الثاني هو أن إيران اليوم معروفة بقوة نووية في المنطقة وتشكل خطورة على السلم العالمي ولذلك قضية اضطهاد القوميات والأقليات الدينية لا تبرز للإعلام بشكل صحيح او يمكن القول ان هذا الامر هو طي النسيان. ومن جانب آخر يمكن القول، للاسف ان الدول العربية في المنطقة قد شعروا بالخطر الايراني عليهم في وقت متأخر، ولذلك الان ايران لها سطوة كاملة على أربع عواصم عربية وتمتد بهيمنتها الى دول اخرى ، كان من الاجدر ان تعرف الدول العربية عبر وسائل إعلامها حقيقة النظام الإيراني للرأي العام العربي والعالمي ، وان بدأت الآن بتلك الحملة لفضح خطورة النظام الايراني لابأس أن هذه الخطوة هي محل تقدير ولكن ينبغي أن تستمر تلك الحملة الاعلامية وان لا ينصاعوا لتهديدات نظام الملالي.
س_ لماذا لاتكون هناك دولة موحدة كوردية يجتمع فيها الكورد ، الموزعون بالدول المجاورة؟.
الجواب: لاشك هذه امنيتنا وطموحنا جميعا ، لكن تقسيم ارض كوردستان بين دول محتلة على مر العقود الماضية جعل نوعا من التمايز الجغرافي والسياسي في كل قسم، وهذا يعني ان تشكيل أربع دول في الاجزاء الاربعة اسهل بكثير من تشكيل دولة كوردية موحدة نظرا لطبيعة المنطقة والظروف السياسية الإقليمية والدولية التي تشهدها المنطقة، على سبيل المثال الفرصة السانحة للقسم الجنوبي من كوردستان لتشكيل كيانه المستقل ، خلق نوعا من التغيير في سياسة ونظم المنطقة و باعتقادي ستسنح فرص للأجزاء الأخرى أيضا ، لذلك يكون من السهل على كل جزء الذي تصبح الأرضية له مهيئة ان يعمل لوحده ، من الطبيعي وجود اربعة دول كردية في المنطقة وبالنتيجة وجود اربعة ممثلين دول كردية في الامم المتحدة سيعزز ويقوى الموقف الكوردي على المستوى الدولي أكثر من دولة واحدة ، وفي المستقبل يمكن لبرلمانات الدول الأربعة مجتمعة ان تجري استفتاء عاما ويصبحوا دولة واحدة أو كونفدرالية اربعة دول لدولة كوردية واحدة.
س_ في حالة الإستقلال المنطقة تعيش على أزمات ونزاعات وسيكون هناك طبعا تعارض وقد تجد الدولة الكردية القادمة نفسها معزولة، بسبب الضغوطات الدولية، فما هي خياراتها؟ وهل الدولة القادمة ستبني روابط إقليمية أكبر من حدودها؟.
جواب: هناك حملة دعائية مضادة من الدول الاربعة المحتلة لأرض كوردستان، لترويع الناس في الجزء الذي سيجري فيه الاستفتاء خلال الشهر الحالي ، هناك من يدعي انه ستشن هجمة عسكرية شاملة على اراضي اقليم كوردستان و هناك من يتحدث عن اغلاق الحدود من قبل ايران وتركيا وتجويع الشعب الكوردي في جنوب كوردستان ودعايات اخرى من هذا القبيل ، لكن الشعب الكوردي مَرَّ بتلك التجارب المُرّة وسوف لن تشكل تلك الممارسات ان حدثت فعلا شيئا جديدا او طارئا على الناس ، للعلم الجزء الذي يريد ان يجري الاستفتاء خلال هذا الشهر تعرضوا الى مجازر بشعة في عمليات الانفال السيئة الصيت وحدها تم ابادة اكثر من 182 الف كوردي بريء بين طفل وامرأة ورجل فضلا على استشهاد الاف اخرين في مدينة حلبجة ومناطق اخرى باستخدام الاسلحة الكيماوية والجرثومية المحرمة دوليا ناهيك عن ملايين النازحين واللاجئين الى الدول المجاورة والعالم ، كذلك تم هدم وتدمير الاف القرى والقصبات والمدارس والجوامع وحرق الغابات وتجفيق ينابيع المياه وكل ذلك ولم يتنازل الشعب الكوردي او يساوم على حقوقه المشروعة. في عام 1991 انتفض الشعب الكوردي في الجزء الجنوبي على نظام البعث وتمكن من تحرير معظم أراضي كوردستان وطرد المحتلين منها وبرغم تجاوز مراحل صعبة وشاقة منذ ذلك الوقت إلى الآن ، تمكن الشعب الكوردي من أن يحيي ارضه ويقوم بحملة إعمار شاملة على مختلف الصعد وتمكن من إعمار غالبية المدن والقرى المدمرة ، ولكن تعرض اقليم كوردستان في عام 2014 إلى حملة إرهابية بربرية من قبل تنظيم داعش الإرهابي ادى الى توقف عملية التنمية نظرا لتكلفة الحرب الباهظة ولكن في النتيجة تمكنت قوات البيشمركة من دحر العدو وتحرير كامل التراب الكوردستاني المحتل من قبل تلك المنظمة الإرهابية ، وفي نفس الوقت ساهمت قوات البيشمركة في الدفاع عن العالم الحر الذي بات مهددا من قبل الارهاب وهذا بدوره أضاف زخما للدعم الدولي لإقليم كوردستان وقواته المسلحة التي قاتلت ببسالة في الخنادق الأمامية للحرب ضد الارهاب ، وهذا ما أعطى انطباعا لدى الشعوب الحرة ودول العالم ان الشعب الكوردي تواق للحرية ويعمل من أجل نظام ديمقراطي من اجل ترسيخ الامن والاستقرار في المنطقة. ومن جانب آخر المنظومة الدولية سوف لن تسمح لمحتلي كوردستان مرة أخرى من تهديد أمن وسلامة الإقليم واليوم اصدقاء الكورد على مستوى المنطقة والعالم كثيرون أيضا العالم الانساني الحر لا يسمح بالتعرض للشعب الكوري من قبل كائن من يكون ، لو ننظر الى الاحداث الاخيرة في ميانمار وما تعرض له المسلمون من جرائم وحشية نرى ان عدا الدول الإسلامية هناك منظمات إنسانية و منظمات دولية هبت لمساعدة المظلومين من كل حدب وصوب ، وعين التعاطف سيكون لصالح شعب كوردستان اذا ما تعرض لعدوان جديد. في الجانب الاقتصادي اعتقد ان كوردستان افضل بكثير من بعض الدول المستقلة في العالم، بالتأكيد لو كانت الدول المحتلة لأرض كوردستان متيقنة من عدم وجود ثروات طبيعية وإمكانيات اقتصادية في المناطق الكوردية، لشجعونا على الاستقلال منذ عقود، كما يعلنون الآن عن دعمهم لتشكيل الدولة الكردية من دون كركوك والمناطق المستقطعة الأخرى، وذلك لوجود عشرات الآبار النفطية المكتشفة والغير مكتشفة. على الصعيد الدفاع والحفاظ على الحدود ، اليوم هناك أكثر من مئة ألف بيشمركة مقاتل ومدرب على أحدث أنواع الأسلحة وأساليب القتال المختلفة وكما وقفوا وقفة مشرفة بوجه الدواعش الارهابيين اليوم بامكانهم ايضا الوقوف بوجه أية قوة غاشمة تحاول النيل من أرض كوردستان كالحشد الشعبي الذي شكلته إيران وأية قوات أخرى ، ومن هذا المنطلق اليوم الشعب الكوردي بأكمله مستعد للدفاع عن أراضيه وحدوده ومياهه والجميع جنود متطوعين للذود عن حياض الوطن.
س_ كيف تقيمون ردود الفعل الدولية بين الرفض والترحيب بهذا الإستفتاء؟.
جواب : نحن متيقنون ونعلم جيدا ان البلدان الأربعة المحتلة لأرض كوردستان سيقفون وبقوة ضد الاستفتاء ومنذ فترة ليست بالقصيرة بدأو اجتماعاتهم الرباعية وبالأمس اجتمعت كل من إيران وتركيا بهذا الشأن في كازاخستان ، تهديداتهم مستمرة ويسعون لخلق ضغط دولي ، وكذلك زيارة السيد احمد ابو الغيط الأمين العام للجامعة العربية لأربيل والتي جرت يوم السبت الماضي كانت محاولة أخرى في عين الاتجاه ، لكن كل تلك المحاولات لم تحقق هدفها الأساسي في ثني الكورد عن اجراء الاستفتاء او تاجيله ، والكورد سوف لن يساوموا على حقوقهم المشروعة تحت اية ضغوطات وتهديدات.
س_ كصحفية صحراوية، تعتبر القضية الصحراوية من قضايا تصفية الاستعمار الأخيرة بالقارة الإفريقية وهي أيضا من القضايا التي تنتظر الحل بالاستفتاء، ماهو موقف الدولة الكردية القادمة من القضية الصحراوية ؟وهل من الممكن الاعتراف بالدولة الصحراوية وربط علاقات دبلوماسية معها كدولة عربية وإفريقية في ظل الانفتاح الإقليمي الذي تسعى إليه أي دولة كردية قادمة؟.
جواب : أعتقد أن الدولة الكوردية التي ستشكل في المستقبل ستكون داعمة لجميع الشعوب التي ترضخ تحت وطأة الاحتلال والهيمنة في العالم ، الكورد يتمنون حل جميع الخلافات والمشاكل للأقليات مع الحكومات المحلية عبر الحوار والتفاوض والتعامل الحر والديمقراطي ، وبالأخص قضية الشعب العربي الصحراوي ، نحن نؤمن بأن هذا الشعب من حقه أن يعيش بحرية وكرامة أسوة بجميع شعوب العالم. لانقل لك نموذج من موقف حكومة جنوب كوردستان من شعب الصحراء الغربية ، قبل أعوام ماضية قليلة كانت هناك دورة بكرة القدم في اربيل عاصمة اقليم كوردستان للشعوب الفاقدة غير المستقلة في العالم، و كانت هناك مساعي حثيثة كي تحرم الصحراء الغربية من المشاركة في الدورة ، لكن مسؤولي الإقليم وقفوا بالضد من تلك المساعي واصروا على مشاركة فريق الصحراء الغربية في الدورة وشارك فريقهم بالفعل فيها.
س_ في ختام حوارنا ماهي أهمية هذا الاستفتاء بالنسبة للشعب الكوردي ؟وماهي الأسس التي ستؤطرها الدولة الكوردية للترابط مع العرب أو المصالحة إن صح التعبير ؟
. جواب : أهمية الاستفتاء تأتي من ان الشعب الكوردي أثبت من خلال صموده وتحديه انه شعب مقاوم ولن ولم يساوم على حقوقه على مر التاريخ ، الى ان وصل الى مرحلة المطالبة بالاستقلال ، حاول اعدائنا بشتى السبل والوسائل المتاحة أن يمسحوا هويتنا القومية الكوردية ولغتنا وطمس تاريخنا وعادات وتقاليدنا ، لكننا قاومنا وببسالة وبأبسط الوسائل والامكانيات المتواضعة المتاحة للحفاظ على هويتنا وتراثنا ولغتنا وثقافتنا بشكل عام وان نكون في طليعة الأمم التي ناضلت من أجل عدم وانصهارها في بودقة ثقافة الشعوب المهيمنة علينا. وستكون الدولة الكوردية في المستقبل من أفضل دول الجوار للشعوب العربية والغير عربية في المنطقة. ولكم كل الشكر و التقدير.
المصدر:صحيفة المستقبل الصحراوي