الإثنين 10/4/1446 هـ الموافق 14/10/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
نجاح الاستفتاء...حمادة فراعنة

 

 كعرب نحترم أنفسنا، لا نملك إلا أن نحترم الأخر؛ لأن شعبنا العربي من محيطه إلى خليجه، يعيش الشراكة مع الكرد في العراق وبلاد الشام، ومع الأمازيغ في بلدان شمال أفريقيا العربي، ومع الأفارقة في بلدان منطقة القرن الأفريقي، لأننا كذلك نقر بالتعددية كمسلمين ومسيحيين وعرب وغير عرب، لذلك لن نقف ضد حق الكرد في الاستفتاء؛ لأن العدو الصهيوني ومشروعه الاستعماري التوسعي الإسرائيلي يؤيد استفتاء كردستان ويعلن تأييده لاستقلالها، وهو يفعل ذلك ويعمل على أن يحصل الشيء نفسه في سوريا وتركيا وإيران بهدف تمزيقهم وإضعافهم، فموقفنا مبدئي ينبع من عروبتنا وإسلامنا ومسيحيتنا التي تقر بوجود الأخر وتحترمه، على خلاف موقف عدونا القومي الإسرائيلي الذي يتطلع ويعمل على تفتيت الوطن العربي وتمزيقه وتدمير معايير التعايش والشراكة والتعددية بين مواطنيه، ليبقى المشروع الاستعماري الإسرائيلي وحده قوياً متنفذاً فارضاً سياساته الاستعمارية وخياراته التوسعية على العرب وعلى المسلمين على أرضنا وفي منطقتنا التي يسمونها تعسفاً لنسف هويتها القومية على امتداد العالم العربي بعد تسميتها بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وكأننا بلا هوية وطنية وقومية.

 

وفي الوقت نفسه لا نقف مع حق الكرد بالاستفتاء وتقرير المصير حتى الاستقلال إذا رغبوا وهذا حقهم، نكاية بتركيا وإيران، فتركيا وإيران ليستا أعداءنا فهما جاران وشريكان لنا في التاريخ والثقافة والدين، مهما اختلفنا مع سياساتهما وتدخلاتهما الفظة في بلادنا في سوريا والعراق واليمن والبحرين ولبنان، فنحن مع الكرد؛ لأنهم قومية أخرى غير قوميتنا، ونحن وإياهم شركاء أيضاً في التاريخ والحوار الجغرافي والمرجعية الإسلامية، مهما اختلفنا معهم سابقاً أو لاحقاً.

بغداد غير الديمقراطية التي يتحكم بقراراتها قاسم سلماني، يحق أن تحتج وأن تعمل كل الإجراءات الدستورية والقانونية ضد استفتاء وتقرير المصير واستقلال كردستان عن الدولة العراقية، هذا حقها للحفاظ على وحدة العراق وجغرافيته، ولكن لماذا تحتج تركيا وإيران وترفضان الاستفتاء وتعتبرانه غير شرعي، طالما أن الاستفتاء يقتصر على أرض العراق، وفي إقليم كردستان، ولا صلة لتركيا وإيران به، إلا إذا عانى أكراد تركيا وإيران ما واجه كرد العراق من الشراكة غير المتكافئة، وإلا لماذا تتحرك أنقرة وطهران ضد خطوة كردستان إلا إذا خشيتا نقل التجربة من العراق إلى البلدين المجاورين، ويتبع كرد تركيا وإيران خطوات أشقائهم في كردستان العراق، فالإحساس بالظلم أو الرغبة في الاستقلال هو الذي حرك كرد العراق، فلماذا يتحرك كرد تركيا وإيران إن لم تكن لديهم الظروف نفسها المماثلة لدى كرد العراق، والتطلعات القومية نفسها؟؟ فالمطلوب معالجة وضع الكرد في البلدين وأن يحصلوا على حقوقهم في المساواة والشراكة والعدالة .

الحصار المعلن الذي بدأت خطواته التركية والإيرانية البري والجوي بأشكال اقتصادية وأمنية وسياسية ودبلوماسية ضد كردستان مثيل للحصار الإسرائيلي المفروض ظلماً وتسلطاً على قطاع غزة من فلسطين، وهذا يدلل على أن المواقف السياسية المتضاربة بين تل أبيب وطهران وأنقرة، تتلاشى حينما تكون ضد التعددية وضد الديمقراطية وضد حقوق الإنسان وضد الأخر الذي يملك حق الاختيار وتقرير المصير، وتصبح الأطراف الثلاثة متماثلة في الموقف ضد الأخر .

العرب تمزقوا بفعل مخطط الاستعمار البريطاني والفرنسي عبر اتفاق سايكس بيكو، والكرد كذلك تم تقسيم أرضهم وتوزيعها بين البلدان الأربعة، ويعود ذلك لسببين :

الأول : لزرع بذور الفرقة والتدمير في أحشاء البلدان العربية والإسلامية، على أساس الفكرة الاستعمارية فرق تسد.

أما الثاني : فهو العمل على تقوية إيران وتركيا وتوسيع نفوذهما وزيادة عدد سكانهما في مواجهة روسيا القيصرية سابقاً، وضد الشيوعية والاشتراكية والإتحاد السوفيتي لاحقاً، وإبقاء بلدين إسلاميين يملكان القوة البشرية من المسلمين السنة والشيعة، لمواجهة صعود مكانة الاتحاد السوفيتي وشيوع الأفكار اليسارية وهذا ما حصل فعلاً من تقوية نظام شاه إيران في طهران ونظام العسكر الأتراك في أنقرة كبلدين مجاورين جنوب الإتحاد السوفيتي .

سنبقى مع حق الكرد في قوميتهم المستقلة؛ لأننا ضد الظلم وضد العبودية وضد الاستئثار وإلغاء الأخر، وسنبقى أشقاء وأصدقاء للكرد وجيرانا لهم سواء كانوا متحدين مع عرب العراق وعرب سوريا، أو اختاروا طريقاً أخر.  

[email protected]

2017-09-26