إسرائيل لم تلتزم بإتفاقيات أوسلو ، و قوضت الظروف و الشروط اللازمة لحل الدولتين من خلال غطرستها في المفاوضات خلال أكثر من عقدين من الزمن ، و تصعيد سياسة الإستيطان ، و تهويد القدس ، و استمرار حصارها لشعبنا الفلسطيني و استمرار مجازرها بحقه ، و قد استغلت الواقع الإقليمي العربي و الدولي و التغيرات و الوقائع الجارية في رسم سياستها الصهيونية العنصرية المتنكرة للحقوق العربية و الفلسطينية ، و لعل المصالحة الفلسطينية و إنهاء الإنقسام و التقدم للأمام في تصويب البوصلة نحو المشروع الوطني الفلسطيني الرد على هذا الصلف الصهيوني المتوحش .
شهور على مضي مئة عام أي قرن على وعد بلفور و سايكس بيكو ، حيث كانت فرنسا و بريطانيا الأساس في رسم حدود منطقة الشرق الأوسط و قيام الكيان الصهيوني ، و الأساس لصفقة و صفقات القرن الماضي بكل تفاصيله من صياغة القانون الدولي و قيام هيئة الأمم المتحدة و هيئاتها و مواثيقها ضمن موازين قوى ليس لصالح القضايا العربية و القضية الفلسطينية ، و انتهى القرن الماضي و تراجعت فرنسا و بريطانيا ، و صعدت قوى جديدة في العالم ، و تفكك الاتحاد السوفييتي ، و تتصاعد الصين و روسيا و إيران و تركيا ، و يتراجع الدور الأمريكي و الأوروبي ، و تصارع لغة المصالح و تشكيل التحالفات الجديدة ، نحن نعيش بداية قرن جديد له مؤشراته و وقائعه و معطياته ، فأين نحن الفلسطينيون من هذا التشابك و الصراع الإقليمي و الدولي ، في ظل الحديث عن صفقة القرن الجديد الذي له مؤشراته و دلالاته ، و التي يمكن الإشارة للنقاط التالية من معالم دلالاته :
1 - استفتاء الإنفصال لكردستان العراق في أيلول/سبتمبر 2017م ، حيث حرم الأكراد بداية القرن الماضي من قيام دولة لهم ، و تم تقسيم أرضهم و شعبهم على أربع دول إيران ، تركيا ، العراق ، و سوريا رغم أنها بقعة جغرافية واحدة متصلة .
2 - قيام شركة جوجل ايرث الأمريكية العالمية بنشر خريطة كردستان الكبرى عام 2014م ، و التي تستقطع مساحات كبيرة من خريطة إيران و تركيا و العراق و سوريا .
3 - التقارب الإيراني التركي العراقي الروسي الجاري حاليا لعدة قضايا منها استفتاء العراق و الصراعات الجارية في المنطقة خاصة سوريا و العراق و اليمن .
4 - التغيرات الجارية الآن من الرئيس الأمريكي بما يتعلق بالإتفاق النووي مع إيران ، بسبب النفوذ الإيراني في المنطقة ، و أن الإتفاق فقط يؤجل امتلاك إيران للسلاح النووي عشرة سنوات فقط ، و التساؤل الآن ماذا بعد العشر سنوات .
5 - تصاعد القوى الصاروخية و النووية الكورية الشمالية لتشكل خطر على الأراضي الأمريكية ، و حلفاء أمريكا مثل كوريا الجنوبية و اليابان .
6 - التقارب الخليجي الإسرائيلي ، و بداية تشكيل محور سني أمام تعاظم القوة الإيرانية و زيادة نفوذها بالمنطقة .
7 - تهديد ولي العهد السعودي بنقل المعركة على الأراضي الإيرانية بسبب النفوذ الإيراني في اليمن .
8 - الدور المصري في المصالحة الفلسطينية الداخلية و إنهاء الإنقسام الفلسطيني ، على أساس أن القضية الفلسطينية جزء من الأمن القومي المصري .
9 - الشروع في بداية تهدئة الصراعات داخل ليبيا و سوريا مقدمة للحل السياسي فيهما .
10 - ما جاء في خطاب الرئيس الفلسطيني عباس في الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول سبتمبر 2017م الماضي بالتلويح بحل الدولة الواحدة إذا ما قوضت إسرائيل فرص السلام ، و فوتت فرصة حل الدولتين ، و الإشارة إلى سلطة بلا سلطة في الضفة الفلسطينية .
11 - الأزمة الخليجية و حصار قطر .
مضى مئة عام على اتفاق بلفور 1917م و سايكس بيكو 1916م و اتفاقية لوزان بسويسرا عام 1023م لتسوية حدود بعض الدول بعد سايكس بيكو .
لعل تلك المعطيات و المؤشرات مقدمة لإنهاء بعض الكيانات القائمة ، أو تفكيك و تقسيم بعض الكيانات القائمة ، و قيام كيانات جديدة ، و ما يلفت النظر في هذه المؤشرات و الدلائل أنها لصالح الكيان الصهيوني و غطرسته ، فهل يقبل العرب حل غير عادل لصالح القضية الفلسطينية ، و هل يقبل الفلسطينيون بأقل من الحد الأدنى الذي يجمع عليه الفلسطينيون ، رغم أن كل الكيانات القائمة في المنطقة بما فيها إسرائيل قد تتعرض للخطر الوجدودي ، و الضامن لنا كشعب فلسطيني في ظل معطيات و مؤشرات القرن الجديد وحدتنا و إيماننا بقضيتنا و عدالتها و التمسك بحقوقنا و بمقررات الشرعية الدولية ، و حقنا في المقاومة بكافة أشكالها و بقراءة فلسطينية للحالة الإقليمية و الدولية حتى لا نوفر للكيان الصهيوني الفرصة لإعادة سيناريو النكبة عام 1948م ، و السيناريو الجاري للشعب اليمني و العراقي و السوري و الليبي ، فلا يحق لأي طرف فلسطيني الإنفراد بالقرار بعد فشل تجربة الحزب الواحد لأكثر من عقد من الزمان .
و حتى و إن فشل حل الدولتين ، فلنمضي باتجاه حل الدولة الواحدة على كامل فلسطين التاريخية ، دولة فلسطينية على كامل التراب الوطني الفلسطيني يعيش فيها الكل الفلسطيني و اليهود بكافة الحقوق السياسية و المدنية ، أي تكرار نموذج جنوب إفريقيا ، فهل ستقام الدولة الكردية قبل الدولة الفلسطينية في ظل المعطيات القائمة ، فلا حل ماسخ يقبله الفلسطينيون ، ولا حماية لظهر إسرائيل في ظل المتغيرات الجارية في الشرق الأوسط الجديد ، و نحن الفلسطينيون على مسافة واحدة من كل الكيانات القائمة الآن ، و على مسافة واحدة من كل التحالفات الموجودة ، و التحالفات التي ستشكل في المستقبل ، نحن أصحاب قضية عادلة ، ولا نريد غير العدل في قضيتنا المقدسة .
حمزة ابراهيم زقوت