الأحد 16/10/1444 هـ الموافق 07/05/2023 م الساعه (القدس) (غرينتش)
مبارك لفلسطين , ولكن ماذا بعد ؟....جبريل عوده

 

 المصالحة الفلسطينية مطمح كل غيور على قضيته , والوحدة الوطنية غاية الأحرار , وصمام الأمان لقضيتنا الفلسطينية, والفرقة مسبة مشينة تُلطخ إسم فلسطين المشرق , والإنقسام مرض عضال ينهش في جسد الوطن , ولعل شعبنا الفلسطيني وهو يعيش معركة التحرر وحالة المقاومة المتواصلة ضد المشروع الصهيوني الإستيطاني , ليس أمامه فسحة لترف الخلاف والتناطح السياسي , في حين يتربص بنا العدو ويزيد من فرقتنا وتشرذمنا , أليس المطلوب منا أن نكون على قدر من الوعي بالمخاطر التي تحاك لقضيتنا , لنشكل لها سوياً سياج الحماية من ذئاب الصهاينة .

أجزم أن سنوات الإنقسام البغيض التي عاشها شعبنا الفلسطيني من 14-6-2007 ميلادية , كانت خليط من إرادة المؤامرة الخارجية المعادية , مع غفلة وعدم إدراك للمستوى السياسي الفلسطيني بخطورة موقفنا الوطني , فتنازعنا بتحريض أممي على كعكة سلطوية تمرر لنا عبر حاجز إحتلالي, فأصابنا الغرور , فتناطحنا كالتيوس على سلطة بلا سيادة حقيقة , وإن غلفتها الشكليات المزيفة والمناصب الخداعة , فرطنا بوحدتنا وكادت أن تصيب قضيتنا في مقتل ,  لو لا بقية من مقاومة باسلة , وروح الإستبسال  والتضحية في شبابنا  الفلسطيني المنتفض, ذاك الذي ينزرع في وجه الموت لا يهابه, من أجل أن تُرفع راية الحق الفلسطيني خفاقة شامخة , وأن يُحفظ الوطن ومقدساته من العبث الصهيوني .

فرِح شعبنا الفلسطيني وآن له أن يفرح , وقد أشرقت رغماً عن كثيف الضباب شمس الوحدة , وسقطت معها كل الرهانات على إستمرارية الخصام والشرذمة والإنقسام , وعاد مشهدنا الفلسطيني موحداً , الوحدة الوطنية سلاح لا يفرط فيه الا كل خاسر مصيره الهوان أينما حل ونزل , وإجتماع الكلمة لا تعدُله أموال الكون  وكنوزه , ولا نخفي سراً إذ قلنا للمتصالحين , لقد سبقكم شعبنا أيها السياسيون , فلم تفرقهم سياساتكم ولا تناحركم , فلقد توحدوا خلف حقهم الوطني, توحدوا خلف مقاومتهم المباركة , واجهوا ثلاثة حروب مدمرة , وكانوا أكثر إلتصاقاً ببعضهم البعض , أغاثوا بعضهم في ليالي الحصار الظالم , تقاسموا الخبز والدواء والعتمة , إنتصروا لأوجاع بعضهم البعض , تراحموا وتآزروا , وبقيتم أنتم على إنقسامكم  لعشر أعوام ويزيد , وشحذتم كل أسلحتكم لتقذفوا بها أجساد الموجوعين , ورغم ظلمكم ما تركوا فلسطين وطناَ وقضية , وما بخلوا بدمائهم جادوا بها في ميادين التضحية والفداء , وبقى شعبنا على عهد الوحدة والتراص صفاً واحداً , حتى جئتم اليوم بكلمة الوطن وشعاره ضمانة لوحدتكم , والوطن كفيلاً لكما بأن لا تحيدوا عن مسار الوحدة و ألا تنكصوا إلى إنقسامكم مرة أخرى , فدوروا مع فلسطين إنتصروا لكل حبة تراب منها , دافعوا عن كل قطرة ماء في جوفها , لا تفرطوا بجليلها ولا نقبها ولا جبلها ولا ساحلها , ستعود بوحدتكم وتعرضونها للخطر بتفرقكم .

وبعد أن أعلن المجتمعون في القاهرة بأن صفحة الإنقسام طويت , وأن فلسطين اليوم موحدة , ماذا بعد ؟ , أليس من المستحسن أن نبحث عن الأسباب والمسببات , لماذا تدخلنا إلى هذه النفق المظلم من الإنقسام البغيض, هل أجُبرنا على ذلك , أم دخلنا طوع أوهامنا وأحلامنا الحزبية , أم هو عناد الرأس السياسي , أم هو الإقصاء ورفض الشراكة , أم أن إيمان البعض بمسار التسوية أكبر من إيمانه بوحدة الشعب , وهل نحن نعي أهمية التبادل والتناوب على قيادة السفينة , أم أن ثقافة أن القبطان ولو غرقت السفينة  وركابها ! , تساؤلات مؤلمة كثيرة , يجب أن يكون لها إجابات كافية وشافية , حتى لا يكون مصير قضيتنا وأجيالنا رهن التجارب الحزبية بألوانها المتعددة , ما يجب أن يتبع إتمام المصالحة هو إنجاز القيادة الفلسطينية الموحدة , ذات الرؤية السياسية الوطنية , التي تحمل في طياتها أهدافنا في الحرية والإنعتاق من الإحتلال ورفض الإعتراف بشرعية إغتصابه لأرضنا , وأن تعلي في أدواتها ووسائلها المقاومة , كسبيلاً إستراتيجياً لدحر الإحتلال وإنهائه ,   يجب أن  نراعي الأولويات الوطنية ونقدمها في الطرح السياسي , وأن يتكامل المشهد الشعبي الفلسطيني بهمومه وتطلعاته في الداخل والشتات , عبر إعادة صياغة وترتيب منظمة التحرير , لتقوم بدورها الوطني الذي إنطلقت من أجله ألا هو تحرير فلسطين , والعمل على إعادة اللاجئين إلى ديارهم التي هجروا منها , بهذا نعيد الإعتبار لقضيتنا الفلسطينية بعد أن شوهتها سنوات التسوية والإنقسام , وحتى لا نعود مرة أخرى لمربع الإنقسام البغيض .

كاتب باحث فلسطيني

13-10-2017م 

2017-10-13