الأربعاء 12/10/1444 هـ الموافق 03/05/2023 م الساعه (القدس) (غرينتش)
بمناسبة مئة عام على وعد بلفور (2) اغتيال الوسيط الدولي الكونت برنادوت ...تميم منصور

  وضعت العصابات الصهيونية استراتيجية محددة و واضحة ، تنص على التخلص من كافة العناصر والقوى التي تحاول الوقوف في وجه سياستهم للسيطرة على أكبر مساحة من فلسطين ، وكل فلسطين ، استعداداً لاستخدام كل الوسائل لتحقيق هذا الهدف ، من قتل وتدمير وتخريب وتشريد ، لم يكن يهمهم الانتماء الديني أو الأثني لضحاياهم ، حتى لو كانوا بريطانيين . كان في مقدمة الضحايا الاجانب الذين سفكت دماءهم اللورد " ولتر موين " وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط أثناء الحرب العالمية الثانية ، وسبب اغتياله رفضه للمارسات التي تقوم بها العصابات الصهيونية ضد المواطنين العرب والانجليز في فلسطين ، على أثر تنصله من هذه الأعمال . ارسلت عصابة " شتيرن " أثنين من عملائها الى القاهرة للتخلص من الوزير " موين " ، هما الياهو حكيم و الياهو ميتسوري ، نفذا جريمتهم في حي الزمالك في القاهرة في شهر نوفمبر من عام 1944 لم تكتف العصابات الصهيونية بارتكاب هذه الجريمة ، فقد قامت بارتكاب جريمة ثانية لا تقل بشاعة عن الأولى ، راح ضحيتها هذه المرة الوسيط الدولي الكونت برنادوت . يذكر المؤرخ بيني موريس ، أن الامم المتحددة شعرت بأن قرار التقسيم الذي أصدرته يوم 29/ 11 / 47 زاد من حدة الصدامات بين الجانبين العربي واليهودي ، ومع اقتراب موعد نهاية الانتداب البريطاني ، واعتزام الحركة الصهيونية الاعلان عن اقامة دولة لليهود ، سوف تزداد المواجهات حدة بين الطرفين المتصارعين ، هذه الأوضاع دعت الجمعية العامة الى عقد دورة استثنائية لها ، وقد اتخذت عدة قرارات من ضمنها القرار رقم 186 الصادر بتاريخ 14/ 5 / 48 يقضي هذا القرار : تفوض الجمعية العامة وسيطاً تابعاً للأمم المتحدة في فلسطين ، مهمته بذل جهوده ومساعيه لايجاد تسوية سياسية لاستقرار الأوضاع في فلسطين ، اختير لهذه المهمة " الكونت فولك برنادوت " وهو من السويد يوم 20/ 5/ 48 ـ كان بالاساس ضابط سويدي ، ترأس لجنة الصليب الأحمر في بلاده.

أولى خطوات برنادوت نجاحه بالتوصل لعقد هدنة بين العرب واليهود في فلسطين يوم 11/ 6 / 48 ، بعد ذلك حاول عقد مفاوضات في جزيرة رودس ، جرت في نهاية عام 1948 بعد اتصالات مكثفة توصل الى مجموعة من المقترحات حول مستقبل الوضع في فلسطين ، من بين هذه المقترحات اقامة اتحاد فدرالي مكون من فلسطين ومن شرق الأردن ، على أن يدير هذا الاتحاد سياسياً واقتصادياً ، مسؤولين من العرب واليهود ،و يكون للاتحاد مجلساً مركزياً ، وهيئات خاصة لادارة شؤونه . تحديد الهجرة الى فلسطين بما يتناسب مع قدرة استيعاب الاتحاد الاقتصادية ، اجازت المقترحات عودة المواطنين الفلسطينيين الذين تشردوا الى مدنهم وقراهم ، ورد في هذه الاقتراحات أيضاً ضم منطقة النقب كاملة الى الدولة العربية المقترحة في قرار التقسيم ، وضم منطقة الجليل الغربي الى الدولة اليهودية .

اعادة النظر الى الوضع في مدينة يافا ، مع ضم مدينة القدس الى الدولة العربية المقترحة ، مع منح الطائفة اليهودية فيها استقلالاً ذاتياً لادارة شؤونها ، واتخاذ التدابير اللازمة لحماية الاماكن المقدسة ، اضافة الى ذلك يشير أحد الاقتراحات الى انشاء ميناءاً حراً في حيفا ،وانشاء ميناءاً جوياً في مدينة اللد يخدم الجميع .

رفض الطرفان العربي واليهودي المقترحات التي قدمها برنادوت كاملة بعد هذا الرفض ، أعد برنادوت صيغة معدلة لاقتراحاته ، عرفت باسم مشروع برنادوت ارسلها للأمم المتحدة يوم 20 / 9 / 48 .

من بين التعديلات التي قدمها يجب ان يعترف العالم العربي أنه أصبح في فلسطين دولة يهودية ذات سيادة تدعى اسرائيل ، على أن تكون حدود هذه الدولة ضمن قرار التقسيم ، بالنسبة للاتحاد الفيدرالي مع الاردن ، اقترح برنادوت من جديد ضم اراضي الدولة العربية في فلسطين الى شرق الاردن ضمن اتحاد يقرره العرب. من أبرز ما ورد في هذه التعديلات وضع مدينة القدس تحت اشراف الامم المتحدة ، مع ادارة محلية لكل طرف من الأطراف العربية واليهودية ، كما شدد على ضرورة عودة كل الذين شردوا من بيوتهم الى الأماكن التي خرجوا منها ، على أن تدفع تعويضات لكل الذين يرفضون العودة من جديد . رفضت مقترحات برنادوت المعدلة الواردة في مشروعه مثلما رفضت مقترحاته الأولى من قبل جميع الأطراف الفلسطينية والعربية واليهودية ، غير أن الرفض الصهيوني كان هذه المرة أعنف بدليل قيام عصابة " شتيرن " باغتيال برنادوت ، ومعه المراقب الفرنسي العقيد " أندريه سيو " جهاراً يوم 17/ 9/ 48 ، وقام مساعده " رالف بانش " الامريكي بمتابعة مهمته كوسيط دولي . بعد قيام اسرائيل ، حفل سجلها بسلسلة من الاغتيالات نفذها جهاز الموساد الاسرائيلي ضد قيادات فلسطينية وعلماء ومفكرين عرب .

نذكر منهم لعل الذكرى تنفع : غسان كنفاني – بيروت 8/7/72 وائل زعيتر – روما 16/10/ 72 محمد يوسف النجار – كمال ناصر – كمال عدوان – بيروت 1/ 4/ 73 د – محمود الهمشري – باريس 8 / 1 / 73 د – يحيى المشد – عالم ذرة المصري – باريس 1980 - عصام سرطاوي – عضو المجلس الوطني – لشبونة 1 / 4/ 83 - نبيل أحمد فليفل – عالم ذرة – فلسطين 28/ 4/ 84 - د اسماعيل راجي الفاروقي وزوجته – امريكا 28/ 5 / 86 - العميد منذر أبو غزالة – قائد البحرية الفلسطينية – أثينا 21/ 10 / 86 . - أبو جهاد خليل الوزير . تونس – 1988 - أبو علي مصطفى – قائد الجبهة الشعبية – رام الله – 2002 . والقائمة طويلة أن دلت فتدل على ثقافة الاغتيالات التي هي جزءاً لا يتجزأ من العقلية الإرهابية الصهيونية .

2017-10-24