الثلاثاء 14/10/1445 هـ الموافق 23/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
قضية طارق رمضان : إتهامات هندا عياري، كلام يفتقر لدليل إثبات...كمال ازنيدر

طارق رمضان، شخصيا لا أعرفه. نفس الشيء بالنسبة لهندا عياري. لكنني أعرف جيدا اللوبيات التي تختبئ وراء هذه المرأة وتروج للحملة التي تشنها ضد واحدا من أشهر رموز الإسلام المعاصر.

هذه اللوبيات تكره إلى حد لا يمكن تصوره الأصوات التي تمثل الدين الإسلامي بشكل جيد وتعطي انطباعا حسنا عنه. تهاجم بدون توقف ممثليه وتفعل كل شيء قد يخطر على بالها لشيطنتهم وتشويه معالم صورتهم.

في بعض الأحيان تدعي بأن لهم صلات بمنظمات إرهابية. وأحيانا أخرى تتهمهم بالاغتصاب والهوس والانحراف الجنسي. ومن يدري ؟! ليس مستبعدا أن تتهمهم في يوم من الأيام بمقتل جون كينيدي !

هذه اللوبيات تتبنى كل قلم جديد ينشر كتابا يهاجم بطريقة أو بأخرى الإسلام. بمجرد أن يصدر شخص ما عملا يخدم مصالح حملتهم الإسلامفوبية، يشترونه ويضمونه لصفوفهم.

يتعاونون معه ويملون عليه ما يجب القيام به لخلق الحدث والنجاح في دعايته لعمله وإصداراته الجديدة. وإذا كان الناس لا يعرفون هذا حتى الآن، هندا عياري هي كاتبة نشرت في عام 2016 كتابها الأول "إخترت أن أكون حرة".

في هذا الكتاب، تقول أنها تروي تجربتها مع تيار السلفية بفرنسا، رحلتها في قلب الجحيم التي تخوضها أيضا العديد من النساء، "المسجونات داخل الحجاب، والغير معترف بأنوثتهن، ضحايا عنف وانحراف تنظيم ديني وطائفي يطحنهن ويدفنهن وهن أحياء".

وتدعو من خلاله من تسميهم "أخواتها" بالثورة، وضع حد لسلبيتهن والخروج من صمتهن لإدانة "النفاق والوحشية التي تطبع سلوك الكثير من أنصار السلفية والمدافعين عن أصوليتها الدينية".

بالنسبة لمن لا يعرفون هذا حتى الآن، في مفردات لوبيات الإسلاموفوبيا، السلفية هي مرادف للإسلام الحقيقي. إذا كانت هندا عياري ترى في كتابها هجوما على هرطقة من الهرطقات المحرفة للدين الإسلامي، فبالنسبة لهذه اللوبيات هو هجوم على الإسلام الحقيقي.

ولمن يجهلون هذا أيضا، طارق رمضان هو واحد من الأعلام التي تكرهها لوبيات الإسلاموفوبيا إلى أبعد حد. يهاجمونه منذ زمن بعيد ويتهمونه بالنفاق وازدواجية الخطاب. بالنسبة لهم، هو سلفي يمارس التقية، أي بعبارة أخرى هو سلفي يتخفى.

وإذا دققتم النظر وحللتم بعناية اتهامات هندا عياري، ستجدون أنها صممت بشكل يلصق هذه التهمة عليه. إتهاماتها تصور طارق رمضان في هيئة رجل يعيب على كل امرأة مسلمة وضعها للماكياج وعدم ارتدائها للحجاب ويصفها بكونها مصدرا لفتنة الرجال. وهذا أمر لا يقوم به على الأنترنت سوى السلفيون.

بالتالي باتهامه بهذه الطريقة، سيدرك الجميع أنه ليس مسلما معتدلا كما يدعي، بل هو في واقع الأمر سلفي يستعمل التقية لإخفاء أفكاره ومعتقداته الحقيقية. أيضا سيتفهم الناس مخاوف بعض القادة الفرنسيين وحظرهم لندواته بفرنسا.

كانت هذه هي خطتهم. هي خطة جيدة بطبيعة الحال. لكنها بعيدة عن الكمال. يمكن لهذه الخطة أن تضر بطارق رمضان على المدى القصير. فقد تم فعلا منحه إجازة من العمل بسبب هذه القضية. فالقلق بدأ يتسرب إلى نفوس بعض طالباته وأسرهن الذين أصبحوا ينظرون إلى شخصه نظرة سوداء. لكن على المدى المتوسط والبعيد، كل هذا سوف يعود عليه بالنفع.

طارق رمضان، أنا واثق من أن القضاء الفرنسي سوف يقوم بتبرئته. أنا لا أقول أنه ملاك أو شخص معصوم من الخطأ. قد سبق وقلت أنني لا أعرفه. حتى لا يتم تحريف منحى كلامي، "لم يسبق لي التحدث معه ومعرفته عن قرب". لكني، كما سبق وقلت، لوبيات الإسلاموفوبيا أعرفها عز المعرفة.

هي لن تتردد ثانية واحدة في استعمال وسائل الإعلام الخاصة بها لنشر كل الأدلة الملموسة التي تدين طارق رمضان وتثبت جريمته، لو كانت في متناول أياديها. هذه الرسائل التي تدعي هندا عياري أنها تبادلتها معه، محادثاتهما الهاتفية، وشهادات الخادمين والمسؤولين عن الفندق "مسرح الجريمة"، كل هذا كان سيشكل الصفحات الأولى لصحفهم لو كانوا حقا يمتلكونه.

لكن بما أننا لم نر شيئا من هذا حتى الآن، فهذا يعني أنه ليس لديهم شيء ملموس ضد طارق رمضان، أنهم يهاجمونه فقط بناءا على الفراغ... وأن كل ما تقوله هندا عياري هو مجرد هراء وافتراءات لا أساس لها من الصحة.

2017-11-10