يؤيد غالي زبوبي ، صاحب مقهى تشي تشي في حلب ، عملية التغير في سورية ، ولكنه يرفض عسكرة هذا التغيير ، ويقول " 90 بالمائة من السوريين يتعاطفون مع المظاهرات السلمية ولكنهم ضد العنف وإستعمال السلاح " .
هذا هو خلاصة روح وموقف ورغبات السوريين لأن ما يشاهدونه من دمار لبلدهم وممتلكاتهم ، لا ذنب لهم فيه ، فهم يتطلعون نحو الأحسن من عهد القائد والحزب والعائلة واللون الواحد ، وليس الأنحدار إلى ما دون ذلك سياسياً ومادياً ومعيشياً ، كما هي الحصيلة الجارية ، ونحو المجهول مستقبلاً .
لقد أعطت تجارب ليبيا والعراق مرارة ، كان يفترض الأستفادة منها لعدم الوقوع فيما هو مماثل ، والصبر على ما هو قائم ، عبر مواصلة النضال المدني السلمي التدريجي التراكمي ، ونحو نظام تعددي ديمقراطي يحتكم إلى نتائج صناديق الأقتراع ، وليس تدمير الذات والوطن .
لم يعد الصراع في سوريا ، وعلى سوريا ، بين نظام متسلط ، من لون واحد ، وبين حركة شعبية تعددية مدنية تتوسل الأحتكام إلى صناديق الأقتراع وتداول السلطة ، بل غدا الصراع بأدوات سورية ، بين النظام ومؤيديه ومن يتبعه من طرف مدعوماً من قبل حزب الله وجزء من النظام العراقي وإيران وبغطاء روسي صيني ، وبين قوى المعارضة المسلحة ومن يؤيدها ويدعمها من قبل تركيا والمنظومة الخليجية والولايات المتحدة وأوروبا .
الصراع في سوريا ، بات عنواناً للحفاظ على النظام من المعارضة ، وعنواناً للمعارضة للسيطرة على النظام ، وكل منهما يخوض معركته عبر تغذية إقليمية ودولية ، حيث لن يسمح لطرف بالأنتصار على الطرف الأخر ، وسيبقى الصراع سجالاً بين الطرفين ، بالهيمنة على هذا الموقع أو ذاك ، وبالتقدم نحو هذا الحي ، والتراجع عن ذاك .
نتذكر الحرب اللبنانية التي إستمرت 17 عاماً ، لم يحقق طرفا الصراع الأنتصار على الأخر ، وحرب الصومال مستمرة منذ عام 1992 ، بدون حسم بين الصوماليين الذين إنقسموا إلى ثلاثة دول تتنازع كل منها الشرعية وتمثيل الشعب الصومالي الذي يئن تحت قسوة الظروف الذي سببها الصراع الداخلي .
وفي سورية ثمة محاكم " ثورية تقدمية " من قبل النظام تقوم بتصفية للإرهابيين وللمجاهدين غير المحليين وعملاء الأمبريالية والأستعمار ، وثمة محاكم " ثورية جهادية " تنهي حياة خونة الشعب وعملاء النظام والشبيحة والكفرة والفرس ، فلا مجال لأي منهم لممارسة ترف المحاكمة العادلة ، فالوضع إستثنائي ، يتطلب قرارات إستثنائية يدفع ثمنها الشعب الأعزل الذي لا مصلحة له فيما يجري من تجاوزات من قبل جيش النظام ومن قبل جيش المعارضة المسلحة ، جيش الثورة الحر .