الأربعاء 19/10/1444 هـ الموافق 10/05/2023 م الساعه (القدس) (غرينتش)
معايير إنهاك القوي الإقليمية: العراق نموذجاً للسعودية ...خالد هنية

 

في العامين1991-1992؛  حصلت متغيرات حيوية في العالم : حرب الخليج الثانية (الغزو العراقي للكويت)- تحول النظام الدولي لأحادي القطبية لصالح الولايات المتحدة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي؛ نضوج رؤية إسرائيل لمنطقة الشرق الأوسط والتي عبر عنها شمعون بيرس؛ في كتابه الشرق الأوسط الجديد.

هذه المتغيرات متجسدة شكلت عنوان لاستراتيجية الولايات المتحدة التي تقوم على تفتيت المنطقة واستئصال خيراتها أهمها النفط؛ منسجمة بذلك مع رؤية الإحتلال الإسرائيلي، في رسم خارطة المنطقة، حيث: بدأت ركيزة توجهاتها إلي العراق.
 
على اعتباراها أحد مراكز القوة الهامة في وقتها: للاعتبارات التالية: النظام البعثي الممانع والرافض لسياسات الولايات المتحدة، العداء لطهران خاصة أنه كان خارج من حرب طاحنة معها، علاوة على ذلك العداء العربي للعراق صدام، وأهمها الخليج العربي وفي القلب منه السعودية، كلها شكلت أرضية خصبة لتهيئتها لأن تكون في قلب الإستهداف.

فتم استدراجها في الكويت من قبل الولايات المتحدة، عام 1991، وبعدها تخلت عنها الولايات المتحدة وضربت الخليج في مقتل، وحشدت القوي الإقليمية والدولية، لمواجهة العدوان البعثي والتي كانت تركيا من ضمن حلف مواجهة العراق، فقد أغلقت أنبوب الغاز الرئيس، وجعلت من بحرها ممراً للقوات الغازية، كما أن السعودية كانت من أهم مراكز الطلعات الجوية لضرب العراق، وجعلت من أراضيها مرمي نيران، لحرق بغداد، وإخراجها من دول الخليج، علماً بأن العراق تطل عليه من خليج البصرة.

 ثم فرضت بعدها على العراق حصاراً جائراً استمر للعام 2003، حيث الغزو الأمريكي للعراق، والذي جاء بمباركة عربية خليجية، وانهك العراق وتفتت وتخلت السعودية عنه استاتيكياً، وتركته لقمة سائغة لاستباحة إيران والنظام الشيعي له، فهذا يدخل في إطار المنافسة الإقليمية وحماية مصالح قوة على حساب الأخري، إلي أن وصل العراق إلي ماهو عليه الآن.

إلي هنا: إن هذا المسلسل الذي بدأت فيه الولايات المتحدة، تجاه القوي المركزية، يبدو أنها تتعامل فيه من جديد، وبنفس سيناريو العراق، لكن اليوم الدور التسلسلي على السعودية، والتي كانت هي مركز إضعاف العراق، بنفس السيناريو، فمنذ أن فرضت السعودية الحصار على قطر كان هذا بمثابة استدراج لها كما استدرجت فيه  العراق للكويت، حيث أن المحرك الرئيس الآن للسعودية هي الإمارات العربية.

فالمشهد اليوم يكتب نفسه بهذا الشكل وبهذا المضمون، فالأزمات تتصاعد، والانحدار سيد الموقف، وإيران بقوتها،،، لكن المستنزف الحقيقي في اليمن ولبنان وداخلياً، هو السعودية ذاتها، كما أن جوارها الجغرافي الذي بات كرة لهبة حارقة، على أعتاب العاصمة الرياض، فهي في مرمي صواريخ الحوثي البالستية، حتي العراق الذي كان يجب أن يكون قوة وسند للمملكة، تركته وحده للتهميش والضعف، فلم تحسم في سوريا ولم تحسم في اليمن، بل فتحت جبهات جديدة، اعتبرتها قنابل دخانية، وساحات مواجهة تبادلية بينها وبين إيران (لبنان)، والذي سيزيد الطين بلة في التعامل مع مجريات الأحداث واستدراج المملكة إلي حيث يريدها أعدائها.

2017-11-15