الثلاثاء 14/10/1445 هـ الموافق 23/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
كاتب اسرائيلي: هل الاحتشام يمنع التحرش الجنسي؟

 

 خلافا لما يبدو، من الصعب جدا كسر "الصمت" في المجتمعات المغلقة. اهتماما بشرف العائلة وخوفا من المعتدي تسكت ضحايا الاغتصاب والتحرشات الجنسية حتى لو كن يرتدين الحجاب

في الأشهر القليلة الماضية، تصدرت قضايا التحرشات الجنسية في المجتمع العناوين بشكل بارز. وقد توسع الخطاب العام حول هذا الموضوع في ظل قضية التحرش الجنسي الفظيعة التي ارتكبها المخرج الهوليوودي، هارفي وينشتاين.

وبسبب انفجار هذه القضية، بدأت في الشبكات الاجتماعية حملة عالمية لرفع الوعي حول التحرش الجنسي، شاركت فيها ملايين النساء في العالم قصصهن وتجاربهن تحت هاشتاغ "‏‎Metoo#‏". وقد عرف العديد من النساء والرجال الإسرائيليين بهذه الحملة وشاركوا فيها تعبيرا عن تضامنهم وتوضيحا لأن العديد من الناس يتعرضون للتحرش الجنسي في حياتهم. في أعقاب الحملة الدعائية، اتُهم كبار المسؤولين في وسائل الإعلام والسياسة الإسرائيلية باستغلال قوتهم والتحرش جنسيا بالنساء اللواتي عملن تحت أمرتهم.  

وقد أثار هذا الخطاب الكبير والرهيب، الذي كشف عن قضية جديدة في كل مرة، جدلا بين مجموعات مختلفة في المجتمع الإسرائيلي، ومثال جيد على ذلك، هو الخلاف حول ما إذا كان الاحتشام والعيش في المجتمع التقليدي يقللان حالات التحرش الجنسي. يوضح الجمهور المتديّن في إسرائيل أن الفصل بين الرجال والنساء والتقيّد بقواعد التواضع يشكلان وسيلة لمنع التحرش الجنسي. في المقابل، دحضت جهات في أوساط الجمهور العلماني والمتديّن هذه الادعاءات وتحدثت عن الأصوات الصامتة للضحايا في المجتمَع الحاريدي والعربي، التي تخشى من الكشف عن أنفسها والإبلاغ عن الاعتداءات الجنسية.

مثلا، قال عضو الكنيست المتديّن، يهودا غليك (الليكود) في مقابلة مع محطة إذاعية شعبية: "إن التحرشات الجنسية تحدث لأن المتحرش يشعر بالتفوّق على الآخرين والقوة وبسبب المجتمع المتسامح. عندما وضع الحاخامات قواعد التواضع، عرفوا نقاط الضعف البشرية، لهذا وضعوا قواعد واضحة، مثل أسلوب الكلام واللمس " .

وردا على أقوال غليك، قالت الناشطة النسوية وعضوة الكنيست تمار زاندبرج (ميرتس): "التحرش والاعتداء الجنسي يحدثان بسبب علاقات القوة. ولا يحدثان بسبب الاحتشام، طريقة اللباس، والدين. هناك في المجتمع المتسامح قواعد سلوكية أيضا. يتخطى الأشخاص هذه القواعد والحدود لأنهم يشعرون أنه كل شيء ممكن، وأن النساء ليسوا بشرا، بل غرضا، لهذا يستغلون قوتهم الزائدة تجاه أولئك الأضعف منهم".

هناك ادعاء آخر يتضح من أقوال الصحفي الحاريدي، يسرائيل كوهين، الذي أيد في مقالته في صحيفة "هآرتس" أهمية الفصل بين الجنسين الذي يُمارس في المجتمع الحاردي المتزمت الذي هو جزء منه بصفته وسيلة للحد من ظاهرة التحرش الجنسي. وكتب: "في الأيام التي يُكشف فيها المزيد عن حالات التحرش الجنسي، إضافة إلى الشهادات القاسية حول استغلال علاقات التبعية، يبدو أن النهج الحاريدي الذي يقدس الفصل بين الجنسين له معنى كبير". وأضاف: "إن منع الاحتكاك غير الضروري بين الجنسين هو الطريقة الأكثر فعالية ببساطة ".

طلب العديد من النساء اللواتي قرأن أقواله التوضيح له أن اداعاءاته لا تستند إلى المعطيات حول الإبلاغ عن الاعتداءات الجنسية وأنه منفصل عن الشهادات والحوادث العديدة التي تحدث داخل المجتمعات الدينية والحاريدية.

تشير البيانات الجافة من العديد من الدراسات في العالم إلى أنه ليست هناك علاقة بين لباس النساء وبين إلحاق الضرر بهن. مثلا، منذ سنوات تكافح في مصر جهات قانونية عديدة مسؤولة عن إنفاذ القانون ظاهرة التحرش الجنسي، ومن المعروف أن المجتمع المصري هو مجتمع متواضع. قد يتعرض الرجال أو النساء اليهود، المسيحيون، المسلمون، العلمانيون، الشباب، المسنون، الذين يستخدمون أو لا يستخدمون حجابا للتحرش الجنسي. يبدو أن اللباس المتواضع لا يضمن أو يحمي من الاعتداءات الجنسية.

يدعي الكثير من العلماء أن في المجتمعات المغلقة والدينية بشكل أساسي باتت ظاهرة "الصمت" شائعة جدا. لا يفهم الأطفال والمراهقون دائما ما حدث لهم، لأن الخطاب حول الحياة الجنسية محدود وأحيانا ليس موجدا على الإطلاق. لا يعرف الضحايا ما يمرون به، وهم يُستغلون على يد المعتديين. وعلاوة على ذلك، يخشى الرجال والنساء في المجتمعات المغلقة أن يعاقبهم المجتمع بدلا من يعاقب المعتدين عليهم.

يبدو أن "الصمت" بين أوساط العرب الإسرائيليين كبير جدا. يخشى الكثير من النساء، لا سيما المراهقات، من تحطيم حدود المسلمات الاجتماعية، ويفضلن التستر على ضائقتهن لئلا تتضرر أسرهن. تعرض العديد من النساء في حياتهن من المجتمع العربي طيلة سنوات إلى سوء المعاملة من قبل شركائهن، وحافظ جزء منهن ببساطة على "شرف الأسرة" وفي المقابل، يجرؤ القليل منهن على تقديم الشكوى والتحدث عن قصصهن الرهيبة، في حين يخاطرن بحياتهن.

معيان بن حامو-

المصدر

2017-11-25