الجمعة 10/10/1445 هـ الموافق 19/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
أمّة الفرح...نافذ سمان

 تأتي أعياد الميلاد المجيدة ، و أعياد رأس السنة ، لتستغلها شعوب الأرض كفرصة للفرح و الراحة ، و الخروج من أعباء الحياة المادية . و هذا الشيء الذي يتوافق مع طبيعة الأعياد ، و الغاية المرجوة منها . حيث وجدت الأعياد كفرصة لاقتناص لحظات من الفرح و شحذ الروح بالسعادة و الرضا ، سواء بممارسات دينية روحية ، أو أخرى تقليدية جسدية أو فكرية .

كان كل ما سبق ينطبق على شعوب الكون المحيط بنا ، إلا أنه و بلا شك لا ينطبق أبداً على الثقب الأسود الذي نعيش فيه ، و يعيش فينا . حيث تأتي هذه الأعياد لتزيدنا حدّة ، لتزيدنا عدوانية ، لنعاود شحذ سكاكيننا و نعاود هواية التقسيم ، بل ربما ، حرفة التقسيم التي نجيد و نبرع و ما مللنا منها قط .

تأتي الأعياد المجيدة ، لننبري بنخوتنا المزاجية لنحارب الآخرين حتى بأعيادهم ، لنكره حتى أعياد الآخرين ، فنطلق و نردد بسذاجة متناهية فتاوى ما أنزل الله بها من سلطان .

لننكر على الآخرين فرحهم ، بل و لننكر حتى أمانينا بأن يفرحوا ، و لنعاود هوايتنا العتيدة بقتل الفرح ، أنّى كان ، و طبعا لا ننسى أن نبرر لأنفسنا بحجج خرقاء ، فنحن نفعل ذلك لأننا متميزون ، موحدون ، متماسكون ، و ننسى أو نتناسى معاركنا مع ذواتنا ، و اختلافاتنا غير الخافية على أحد ، و صراعاتنا حتى على طقوسنا و مقدساتنا .
 

فنحن و بكل بساطة نخترع المناسبات لنختلف عليها ، بداية رمضان ، أول عيد الفطر ، ليلة القدر ، ليلة النصف من شعبان ، الاسراء و المعراج ، عاشوراء ، المولد النبوي ، و عيد رأس السنة الهجرية .

نعم ، نحن لم نختلف يوما على المناسبات السابقة ، و لم نتراشق بالتهم و بالتكفير أبداً ، و حتى لو ، فنحن اختلافنا رحمة ، أما اختلاف الآخرين فهو مصيبة .

نتناسى قول صاحب الخلق العظيم حين قال ( تبسمك في وجه أخيك صدقة ) و نعتقد أن الله يسمح للوثنيين أن يُشركوا به ، و يعذبوا أوليائه ، و يقتلوا أنبيائه ، و لكنه يغضب حتما إن باركنا بأعياد الأمم الأخرى .

نحن و ببساطة نخشى على بنياننا المرصوص من الزوال إن رسمنا على وجوه أخوتنا بالوطن السعادة .

نخشى على زوال أمتنا إن نحن باركنا لهم فرحهم و أعيادهم .

نحن و ببساطة أمة شفافة رقيقة ، تخشى على نفسها من الفرح ، و حتى من تمني الفرح ، بل حتى من مباركة الفرح لأحد .

2017-11-25