الجمعة 11/6/1446 هـ الموافق 13/12/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
ضمن حملة مناهضة العنف ضد المرأة 'وضع المرأة في فترات النزاعات المسلحة والحروب'..... سمر محفوض

تعاني النساء والفتيات تجربة النزاع المسلح بالطريقة نفسها التي يعاني منها الرجال والفتيان. فإنّهن يتعرضن للقتل، والإصابة، والإعاقة، والتعذيب. ويتم استهدافهن بالأسلحة ويُعانين من التفكك الاجتماعي والاقتصادي. كما يعانين من التأثير النفسي ويُعانين من آثار العنف قبل وأثناء وبعد الهروب من مناطق القتال. وكثيرًا ما يعرضهن للمزيد من الأذى والعنف. العنف القائم على الجنس والعنف الجنسي كالاغتصاب، والزواج القسري، والحمل القسري، والإجهاض القسري، والتعذيب، والاتجار، والاستعباد الجنسي، فالنساء هن ضحايا الإبادة الجماعية والعمل القسري.

يعرّف الإعلان العالمي للقضاء على العنف ضد النساء في مادته الأولى العنف كالتالي: “يقصد بالعنف ضد النساء أي فعل عنيف قائم على أساس الجنس ينجم عنه أو يحتمل أن ينجم عنه أذى أو معاناة جسمية أو نفسية للمرأة، بما في ذلك التهديد باقتراف مثل هذا الفعل، أو الإكراه أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواء أوقع ذلك في الحياة العامة أو الخاصة “.

تعني عبارة “العنف ضد المرأة” أي فعل من أفعال العنف قائم على النوع الاجتماعي ويؤدي إلى أذى بدني أو جنسي أو نفسي للنساء والفتيات. ويشمل العنف القائم على النوع الاجتماعي والممارس ضد النساء (العنف الممارس ضد المرأة بسبب جنسها) أفعالاً موجهة ضد المرأة بسبب كونها امرأة أو تؤثر على النساء بصورة غير متناسبة.

 

يتضمن العنف ضد المرأة:

ـ العنف في العائلة أو المنـزل

ـ العنف في المجتمع

كما يعرف العنف في الإعلان العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة، والذي وقعته الأمم المتحدة سنة 1993 بأنه ( أي فعل عنيف قائم على أساس الجنس ضد المرأة ، والذي ينجم عنه أو يخيّل أن ينجم عنه أذى أو معاناة جسمية أو جنسية أو نفسية للمرأة , بما في ذلك التهديد باقتراف مثل هذا الفعل أو الإكراه أو الحرمان التعسفي من الحرية , سواء أوقع ذلك في الحياة العامة أو الخاصة ).

ونجد في التعريف العالمي توضيحاً شاملاً لما هو العنف الموجه ضد المرأة بحيث يتضمن التعريف الأفعال التي من شأنها إلحاق الأذى بالمرأة حتى لو لم تؤدي إلى ضرر.

أشكال العنف الموجه ضد المرأة ...

1- العنف الجسدي.

2- العنف النفسي.

3- العنف الجنسي.

4- العنف الاقتصادي.

5- العنف القانوني.

6- العنف المجتمعي.

7- العنف السياسي.

8- العنف الثقافي

وضع النساء اثناء النزاعات المسلحة

اما الجزء الذي يحتاج الى دراسة اعمق فهو وضع المرأة في زمن النزاعات والازمات المسلحة

ـ العنف في النـزاعات المسلحة، الذي ترتكبه القوات المتنازعة والجماعات المسلحة على السواء، مثل الهجمات ضد المدنيين الذين هم في معظمهم النساء والفتيات في أغلب الأحيان والاغتصاب وغيره من أشكال العنف القائم على الجنس او النوع الاجتماعي.

في أوقات النزاعات المسلحة سواء أكانت بين الدول أو داخل الدولة الواحد تكون النساء الأكثر عرضة من بين المدنيين للعنف ولانتهاكات حقوق الانسان من قبل الاطراف المتنازعة،

اشكال العنف المستهدف

ومن أوجه العنف الممارس على المرأة أوقات النزاعات المسلحة: تستهدف النساء سواء كضحايا للعنف الموجه ضد المدنيين ك الخطف أو القتل وقد يرتبط العنف بالتهديد الموجه لناشطات في الشأن العام وزعيمات سياسيات على يد قوات جهادية تستنكر عمل المرأة ونشاطها في الشأن العام وتعتبره مخالفة للعرف والتقليد المجتمعي.

-النزوح الداخلي واللجوء الخارجي : تتعرّض النساء أسوة بكافة المدنيين إلى ويلات النزوح في حالات النزاعات المسلحة وخاصة النزاعات والحروب الداخلية، وتعتبر النساء والأطفال الأكثر تضرراً في حالات النزوح والالتجاء إلى المخيمات اذ يتوجب على المرأة تحمل وطأة فقدان الممتلكات والسكن والإرهاق النفسي والجسدي خلال عملية النزوح وكثيراً ما تصاحبها حالات الخطف والاغتصاب ومروراً بالعيش في المخيمات التي تفتقر إلى أدني وسائل الراحة من مسكن ومأكل وندرة في الخدمات الصحية لأنها تفتقد إلى الخصوصية كالحمامات المشتركة والحشر في أماكن ضيقة وبأعداد متزايدة مع أناس غرباء عنها.تتعرّض النساء الى حالات الخطف والأسر والاعتقال من جانب السلطات أوالفئات المسلحة وخاصة في صفوف الناشطات و العاملات ضمن وحدات المساندة والدعم و يخضعن لظروف نفسية ومعيشية قاسية مغايرة لما يتعرض له الرجال فإنّهن مهددات بالأذى النفسيّ والجسديّ كون مراكز الاعتقال غالباً لا تكون مجهزة لاحتياجات النساء وتراعي خصوصيتها والخوف من تعرضهن لاعتداءات جنسية داخل المعتقلات أو في ساحات المعارك.

انعكاس النزاع المسلح على وضع النساء

تؤدي النزاعات المسلحة إلى تأثير بالغ على حياة النساء. مثل تغيّر الدور الاقتصادي والاجتماعي، وتفكك الأسر، ، والقيام بأعمال شاقة يؤديها عادة الرجال مثل الزراعة وتربية الماشية ورعايتها، والهجرة إلى المدن لأجل العمل فيها. كما تقل فرص الزواج وتزداد العنوسة، وتقل فرص المرأة في اكتساب مركز اقتصادي واجتماعي,مع الاخذ بالاعتبار أن انتشار النزاع المسلّح وتطوّر وسائل القتالادى إلى زيادة معدلات الخسائر في أرواح العسكريين والمدنيين. و المفقودين والمشردين وبالتالي الأرامل من النساء، وهو أمر يؤثر على حياة النساء والمجتمع بوجه عام. فالترمل يغير الأدوار الاجتماعية والاقتصادية للنساء في البيت والمجتمع المحلي، كما يغيّر من بنية الأسرة، وينال من الأمان الشخصي للنساء ومن هويتهن وقدرتهن. وتعاني زوجات المفقودين من المشكلات التي تعاني منها الأرامل، ولكن دون اعتراف رسمي بوضعهن، وهو ما يخلق لهن مشكلات معينة.

عنف لغرض انتزاع المعلومات

ويستخدم العنف الجنسي ضد النساء أو أفراد من عائلاتهن باعتبار ذلك من وسائل التعذيب وانتزاع الاعترافات والمعلومات ولجرح كبريائهن وإنزال العقاب بهن، وكثيراً ما ينظر إلى الاغتصاب كمكافأة للمتحاربين.

وقد يحدث الاعتداء الجنسي على المدنيين من النساء خاصة في أماكن متعدد سواء في المنزل أو في مخيمات اللجوء وتستهدف النساء جنسيا من قبل الرجال سواء أكانوا مقاتلين أو مدنين، قوات عدو أو قوات صديقة لإشباع الرغبات الجنسية تحت تهديد السلاح وكثيراً ما تمرّ هذه الحوادث في أوقات النزاع دون إيقاع العقاب بمرتكبيها،.

ملاحظة

من الخطأ التركيز على هذه القضية لأنّ مثل هذا التركيز على بُعدٍ واحد من قضية أوسع نطاقاً يطمس ويحجب العديد من القضايا الحرجة التي تهم النساء اللاتي يعشن خلال النزاعات، بما في ذلك التشريد القسري، واستهداف النساء ومعاقبتهن بسبب كونهن ناشطات أو بسبب أقربائهن من النشطاء الذكور، والدفع نحو الزواج المبكر أو الزواج بالإكراه أو زواج الأطفال بسبب عدم الاستقرار، وافتقار الفتيات والشابات إلى الأمن. تتضمن قائمة الانتهاكات أيضاً زيادة العنف الأسري ، والافتقار إلى فرصة الحصول على الطعام والمأوى والرعاية الصحية، وانقطاع التعليم، والاتجار بالنساء واستغلالهن ، وذلك من بين انتهاكات أخرى عديدة.

حول الحلول والنتائج

بما أن ظاهرة العنف ضد المرأة ظاهرة قديمة وكبيرة الاتساع منذ أن كانت في العصر الجاهلي تباع المرأة وتشترى، وتوأد في التراب وهي حية، فلا نتوقع أن يكون حل هذه الظاهرة أو علاجها آنيا وبفترة قصيرة. وإنما لابد من كونه جذريا وتدريجيا من أجل القضاء عليها أو الحيلولة إلى إنقاصها بأكبر قدر ممكن. وذلك عبر:العمل على تكوين مؤسسات تهتم بشؤون الاسرة توفر اماكن للمعنفات الذين لا يقبل اهاليهم الرجوع اليهم ويكون بهذه المؤسسات اخصائين اجتماعين واخصائين نفسين قادرين على العلاج النفسي ومستشارين قانونيين, للعمل على توضيح الحقوق القانونية للمعنفات والدفاع عنهن, كذلك يكون لهذه المؤسسات فروع مكاتب للارشاد والتوجيه في مجال الاسرة وتعمل على نشر الوعي بين الاهالي لاهمية استقرار الاسرة.

علاقة العنف بالتخلف الاجتماعي

إن واقع المرأة في تراجع نسبي كبير، يمثل مجمل التراجع في تقدم المجتمع المدني العربي. اذ لا يمكن تحقيق تقدم في قضية المرأة طالما ظل مجتمعها قبليا في مبناه وعلاقاته، ويحرمها من الحقوق السياسية المتساوية ومن فرص النمو والتعليم والتقدم في تطوير قدراتها الخاصة ووعيها، ومشاركتها في عملية التنمية الإنسانية والاقتصادية لمجتمعها.

فهل نتوقع، في اطار واقع متعثر مدنيا، أن نحرز تقدما في مجال انجاز نهضة نسائية واجتماعية تغير واقع المرأة، ويفتح امامها وأمام مجتمعاتنا آفاقا جديدة، وإمكانيات أخرى تعمق دورها ومسؤوليتها؟ هل انتهت الظاهرة القبلية لقتل النساء بحجة شرف العائلة..؟ هل تقلص الاضطهاد المنزلي ضد النساء؟ هل انتهت الظاهرة من القرون الحجرية بتشوية الأعضاء التناسلية للإناث؟ لن أتحدث مجدداً عن الظلم والغبن الذي تعيشه المرأة في مجتمعاتنا، ولا عن القوانين العنصرية المتخلفة التي تظلمها,عنف داخل الدول نفسها ومنه عدم المساواة سواء بالعمل أو الراتب ومنع المناصب الكبرى عن المرأة ، تتعرض المرأة غالبا للاضطهاد الجسدي والجنسي، ، تطارد حتى في رزقها مما يجعل العكس هو الذي يحصل، التميز في التعليم، كما التميز في الوظائف، محاربتها في حقها بالتنقل. يضاف اليه االتمييز في المنزل وتفضيل الذكر على الأنثى منذ الصغر، وهذا التفضيل ينتج عنه اضطهاد وضغط على الفتاة منذ الصغر، وغالباً ما تكون الأنثى هي التي تبذل الجهد في المنزل. ناهيك عن التعرض دائماً لعنف جسدي ونفسي، الضرب والتلفظ بألفاظ مؤلمة لها. لا يجب أن ننسى زواج الصغيرات وما ينتج عنه من وأد لطفولة الفتاة الصغيرة إن العنف ضد المرأة هو عنف ضد الإنسانية عموماً وضد المجتمع والحياة الطبيعية، ولقد استشرى بطرق فظيعة، حول العالم الاجحاف ضد المرأة قد يكبر ويزداد إذا لم يحد من مصادره الكثيرة.. لا يكفي أن نقول إننا ضد زواج الصغيرات، ونغض الطرف ولا يكفي أن نكون ضد التميز، ونسمح بالتميز في العمل والمناصب وحتى بعض أحكام الحضانة.

وقد أثبتت التجربة أن القوانين الوضعية لم تتمكن من إعطاء المرأة حقوقها وحمايتها، وإن كانت ترفع الشعارات لصالحها.

ومن طرف آخر نشر هذه التوعية في المجتمع الذكوري أيضا، عبر نشر ثقافة احترام وتقدير المرأة التي تشكل نصف المجتمع بل غالبيته.

دور وسائل الاعلام

إن الدور التي تلعبه وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة في بث العديد من الثقافات إلى جميع المجتمعات سلبا أو إيجابا واضحة للجميع، لذا من الضروري تعميم هذه التوعية لتصل إلى هذه الوسائل لتقوم بالتغطية اللازمة لذلك.

ولابد من تضاعف هذه الجهود بالنسبة إلى وسائل التلفزة لحذف المشاهد والمقاطع التي توحي من قريب أو بعيد إلى تدعيم ظاهرة العنف ضد المرأة. ورغم العديد من المحاولات الجادة لحماية المرأة من العنف، فإن هذه الظاهرة لا تزال تبعاتها تتخطى كل التوقعات، خاصة بدول العالم العربي.

وأصبحت هذه الظاهرة أكثر سوءا مع انعدام الاستقرار السياسي واستمرار الحروب في المنطقة العربية، منذ بدء ما يسميه البعض بالربيع العربي وهو في حقيقته حرب  تستهدف الانسان والحضارة وتمزيق المنطقة وسرقة ثرواتها.

 

2017-12-03