الجمعة 10/10/1445 هـ الموافق 19/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
السلاح من قضية الى مشكلة/بقلم احسان الجمل

عندما انطلقت الثورة، وحمل الفدائيون السلاح، واعلنوا الكفاح المسلح،من اجل قضية عادلة، يجب ان تصل الى اهدافها، وكانوا يدركون تماما، انه ستأتي لحظة زمنية يفقد السلاح وظيفته الحالية لينتقل الى وظيفة اخرى باعتباره اداة ووسيلة، وليس هدفا بحد ذاته. وكان الشهداء الذين يسقطون يرددون، انا يا اخي ان سقطت فخذ مكاني واحمل سلاحي.
وقال الشهيد ياسر عرفات ان الثورة ليست بندقية وحسب بل... الخ. وقيل ان السلاح زينة الرجال، وقال الشهيد القائد هاني الحسن مقولته، يجب الحصاد بعد السلاح. ومن لا يحصد فهو فاشل.
نعم سلاحنا ارواحنا، مبدأ لا يمكن ان نتخلى عنه. ولكن اي سلاح ذلك الذي نقصده؟؟.
علينا جميعا ان ندرك، وبعيدا عن العواطف، ومواقف المزاودات والشعارات الفارغة، والخطابات الشعبوية، ان سلاحنا الذي امتشقناه، نقلنا من مرحلة الشعب الفائض، واللاجئ، الى شعب يحمل هوية وله قضية وله كيان سياسي هو ممثله الوحيد منظمة التحرير الفلسطينية، وفرض نفسه على الخارطة السياسية والجغرافية.
اليوم نحن في مرحلة جديدة، لها معطياتها وادواتها، نظمها وقوانينها، انتقلنا مع الخارطة السياسية الى الجغرافية، واصبح لنا ارض، بغض النظر عن الجدل بين المرحلي والاستراتيجي. لان ذلك خاضع لميزان القوى وليس للرغبة والشعار، واصبح لدينا سلطة، نواة دولة، نصارع لاجل الحفاظ عليها وتطويرها، ما هي مهمتنا الان؟، توحيد الجهود لمواجهة الاحتلال الذي يحاول هدم هذه السلطة وعدم انتقالها الى مرحلة الدولة، حيث الاستيطان يقتل امكانية حل الدولتين، ام نأخذ مكان الاحتلال ونهدم سلطتنا؟؟.
ان اجهزتنا الامنية، العين الساهرة على الوطن، التي فقدت خلال الانتفاضة مئات الشهداء، ودمرت بنيتها التحتية، وتعرضت للاعتقال، وتضم في صفوفها خيرة الكادرات المجربة والمدربة. لم نبنيها مجانا، ولم تأت منحة وهبة من احد، بل هي ايضا نتاج عمل دؤوب وجهد وسهر، هي امتداد من رجال الثورة المسلحة الى حماة الدولة المنظمة.
واذا اخذنا صيرورتها وعملها لوجدنا ان معدنها وجلدها كان وسيبقى الانتماء الوطني، وان هذه الاجهزة حاربت الفاسد، وارست القانون، وكافحت لثبيت الامن الوطني والاجتماعي، وهي مؤتمنة على امن الوطن والمواطن، ورغم كل المظاهر والتداخل بين بين وجود الاحتلال، والاخلال بالامن لم تتقاعس عن واجباتها، وفي سجلها الكثير من العناوين التي جلبت الراحة والاستقرار للوطن والمواطن.
اما ان يتم الانسياق لمجموعة خارجة عن القانون وتريد فوضى السلاح، وتمعن تشهيرا وقدحا وذما، الى الوصول الى الاغتيالات الجسدية كما حصل مع نخبة من قادة الاجهزة الشهداء، ثم يطل البعض لتسييس الاعتقال الجنائي، ويجعل من المجرمين ابطالا ومناضلين، ويكيل الاتهامات الباطلة، هذا يتطلب من الشعب قبل القيادة مجابهته واقتلاعه من جذوره.
نعم كان السلاح قضية، وشرف، وما زال كذلك في موضعه الصحيح، لكن ان يعمد البعض الى تسفيه هذا السلاح، واشاعة الفوضى الامنية، وتعدد السلطات، فهذا غير مقبول وخاصة في ظل الوضع الدقيق الذي تمر به قضيتنا الوطنية، والتي يبحث لها عن مخارج تعيد وهجها وعدالتها الى سلم الاولويات.
ما معنى ان يتعمد البعض الى الفوضى، في هذا التوقيت، الذي يشتد به حدة التآمر والهجوم على قيادتنا الشرعية،  وان تتعرض مؤسساتنا الى حرب سياسية وامنية واعلامية، لسنا من اصحاب نظرية المؤامرة، نعم، ولكن. ألا يحق لنا ان نتساءل عن التوقيت بين طرح ليبرمان المطالب برحيل الرئيس وباراك وشرعنة الاستيطان كجزء من يهودا والسامرة، والفوضى الامنية التي تقف خلفها جهات لم تعد مخفية، وفوضى اعلامية يقودها محمد رشيد واصطفافه تستهدف الرئيس وجهاز المخابرات وقائده ماجد فرج. والامن الوطني وقائده نضال ابو دخان، ما معنى هذا التساوق في الوقت والهدف؟؟؟؟.
الم تخجلوا من دم هشام الرخ و قدورة موسى وجريمة الطفل خالد بديع برهم، هل لان تلك الاجهزة اكتشفت من يقف وراء تلك الجرائم؟. واكتشفت السجن السري، الذي هو طرف خيط لغيره. تستحق العقاب!! تبا لكم ايها اللاهثون وراء ضرب الانجازات الوطنية لاجند خاصة او مرتبطة.
لنا في لبنان تجربة مليئة بالمرارة من فوضى السلاح، دفعنا ثمنه غاليا، من عصابة مسلحة من فتح الاسلام دخلت مخيم نهر البارد وهي خارج نسيجنا الوطني، لكن ادعياء باسم الدين من منحوها الغطاء الديني، فعبثت بأمن لبنان والتجأت الى المخيم، وكان المخيم واهله ال45 الف ضحية له لم تحل حتى الان رغم مرور اكثر من خمس سنوات.
ومخيم عين الحلوة الذي سكانه اكثر من 80 الف، يصبح احيانا عرضة للتهديد ورهينة بسبب بعض المارقين من قوى لا تنتمي الى فلسطين، ويصبح خبر مخيم عين الحلوة يوازي كل اخبار لبنان. والان بعد دمج قوات الامن الوطني وتوحيد سلاحه وتنظيمه اصبح المخيم يشهد الهدوء والامن والاستقرار.
نعم ليكون سلاحنا قضية، يحفظ وطننا وامننا، تحت سلطة قانون واحد، ولكن لا لتحويله الى مشكلة من خلال العبث فيه وتحويله الى عبء على الجميع من خلال الفوضوية التي يريدها البعض لحسابات سياسية في حقله وحقل ارتباطه بعيدا عن بيدر السلطة الفلسطينية.

احسان الجمل
مدير المكتب الصحفي الفلسطيني – لبنان
[email protected]

2012-09-26