الجمعة 21/10/1444 هـ الموافق 12/05/2023 م الساعه (القدس) (غرينتش)
شباب الأمة بين الأمس واليوم ....محمد أسعد

 لا تزال شعوب أمتنا الإسلامية تعاني مآسي تفرقها، فكل دولة على حدة وبعض الدول ُقسمت إلى دويلات كل منها تعمل لذاتها فضلاً على العمل لمصلحة الأمة.

وما نعيشه اليوم ما هو إلا نتيجة أفكارنا في الماضي التي طالما عملنا لتطبيق تلك الأفكار الأنانية التي يسعى أصحابها لمصالحهم الشخصية فضلاً عن مصلحة الأمة، وتعتبر الأنانية من المكتسبات التي جاءت من تراجع هذه الأمة باتجاه أفكارها القديم، تفضيل النفس على الآخر وهذه النزعة الفردية ساهمت في انحصار المصلحة الشخصية وابتعادها عن النحن الجماعية.

ويبقى التساؤل من نحن ....... !! ؟؟

نحن أمة الإسلام الواحدة التي يجمعنا الدين والعقيدة والتاريخ، نحن الذين أمرنا الله سبحانه وتعالى بـ ( واعتصموا ) فتشتتنا و افرقنا، أمرنا بِـ ( وأعدوا ) فخلدنا للنوم بسبات، أمرنا بِـ ( وانصروا ) فتركنا إخواننا بين فكي العدو ونحن نشاهدهم وننتظر دورنا. فبدل التفكير بالوحدة فكرنا بالتفرقة، بدل التفكير بنصرة المظلوم فكرنا بأكل بعضنا البعض وهذا هو حالنا إلى الآن. والسبب الرئيسي لنجاح هذه الأفكار التي تبنتها الأنظمة العربية هو فقدان الوعي عند الشعوب.

فحكام الدول العربية أصحاب الكراسي المتحركة بأوامر أجنبية نجحوا بتفرقتنا، نجحوا بإلهائنا بأنفسنا وعدم التفكير بوحدة الأمة. كانت مهمتهم الأولى هي تجهيل شعوب الأمة لكي يستطيعوا تنفيذ مهامهم دون أية مقاومة أو ردع، وقد نجحوا في ذلك أيضاً لأننا فقدنا بصيرتنا دون أن نفكر أو نتساءل عن سبب فقدانها...!! ؟ ولو فكرنا سنجد أنها أُعميت كما تعمى العيون.

و إلى يومنا هذا ........ وبعد نشوب ثورات الربيع العربي، العنصر الأساسي الذي فقد في هذه الثورات هو الوعي. فمن أسباب عودة حكم العسكر في مصر هو انعدام الوعي، ومن أسباب الحالة المأساوية التي وصلنا إليها اليوم في سوريا واليمن أيضاً هو انعدام الوعي، وهذا ماتعاني منه جميع الشعوب العربية. إن ثورات الربيع العربي أسهمت ولله الحمد في إنضاج عقول الشباب في الشارع العربي نوعاً ما، وقد كسروا حاجز الخوف من السلطات و الأنظمة الاستبدادية وانتزعوا حريتهم بالتعبير عن رأيهم، وهذا يعتبر جزءاً من الوعي.

ومع ذلك وبالرغم من كل ماخاضته الشعوب العربية في ثوراتها إلا أن معركتنا الأساسية اليوم هي معركة الوعي هذه المعركة يجب أن تكون في كل زمان ومكان لكي نعرف الصح من الخطأ، الحق من الباطل، لكي نعرف ما ُيدبر لنا وما يجب أن ُندبر لأنفسنا. فإن بقينا غارقين في مستنقع الجهل سنبقى لقمة سائغة في يد أضعف البشر. ولكي نغير مجريات واقعنا الحالي يجب أن تنهض الأمة نهضةً ضمن مشروع للأمة بأسرها يوحد أبنائها ويخرجهم من غفلتهم. مشروع الأمة الذي يجب أن نعمل لأجله هو مشروع يضم طاقات الأمة جميعا في كل بقاع الأرض، أهدافه أهداف الأمة ومصلحتة مصلحة الأمة ومرجعيته كتاب الله وسنة رسوله. فبالرغم من كل ماتعانيه الأمة إلا أنها لاتزال تَفتقر إلى مشروع يضم شباب الأمة وينظمهم ويوحد طاقاتهم ويوجه جهودهم. فغياب المشروع هو أكبر نقطة ضعف لأمتنا الإسلامية، وهذا أثرَّ وبشكل كبير على غياب الحالة التنظيمية لشباب الأمة، فأصبح شبابها عبارة عن طاقات مهدرة لا يملكون مشروع ينتمون إليه ولا قائداً يوجههم، وهذا مايدفعهم إلى العمل الفردي العشوائي الذي ينعكس سلباً على واقعنا الحالي. فإن لم تكن معركتنا معركة الوعي التي يجب أن نساهم فيها جميعا لإنضاج عقول الشباب وأقول الشباب لأنهم الطاقة و أمل المستقبل، وإن لم ننشئ مشروع للأمة كلها عربها وعجمها مشروع يملأ الساحة بعد فراغ دام لعدة عقود..... فأبشروا بانتكاسات وراء انتكاسات لا تنتهي إلا بصحوتكم.

وفي الختام لابد أنك أخي القارئ أصبحت تتساءل : ما هو مشروع الأمة وما هي الأُسس التي سيُبنى عليها هذا المشروع.

هذا سيكون إن شاء الله موضوع إحدى مقالاتي القادمة.

أ. محمد أسعد

2018-01-19