الأحد 16/10/1444 هـ الموافق 07/05/2023 م الساعه (القدس) (غرينتش)
رِجْلُ كرسي....بدوي الدقادوسي

رِجْل كرسي لم تطق صبرا ، جرّتْ الكرسي لتعدل من وضعه بالصالون ، كُسِرَتْ رجْلُه ، صرختْ بكل ضعف ، بقفزة واحدة كنتُ على رأسِها ، صعقتني الكارثة ، وما العمل؟

- تأخذ بعضك على السروجي تأتي به فورا . انتزعتُ الرِجل المعلقة بالقماش الفاخر وأنا أتذكر الكنبات الثلاثة بمندرتنا المفتوحة طوال اليوم للقريب والغريب ، لا أظن أحدا ببلدتي يعرف الواجب كما تعرفه هذه الكنبات الثلاثة ، فلقد شاركت أفراح وأتراح القرية ، يأتي أصحاب المناسبة لاستعارتها ، تنتهي المناسبة وينفض الناس ولا يعيدونها ، أتحمل أنا مشقة إعادتها وإلا سأنام وأخوتي على البلاط ، لم يزل هذا الكنب قائما شامخا حتى تخلصنا منه واستعضنا عنه بالصالونات الفرنسية الفاخرة . سألتُ الصبي عن معلمه ، أشار نحو المقهى ، منفعل يتابع الأخبار ، شد نفسا عميقا ، أشار لذراعه الأيمن : أقطع ذراعي إن لم يكن ترشح " عنان " للرياسة ملعوب من الإخوان عشان يعرفوا الرئيس أنهم قادرون على خلخلة الكرسي تحته وأنهم لسه موجودين ، انتهزتُ الفرصة ، مددتُ يدي برِجْل الكرسي ، عايز اغّريها وأمسمرها يا معلم عشان متتلخلخش تاني أبدا ! نظر نحوي بحنق: أنت بتهزر يا أفندي والبلد هتضيع؟ - والله لا أهزر ، ممكن ترافقني لإصلاح الكرسي ، عندنا مناسبة هامة ننتظرها من خمسة وعشرين عاما .

- ارميها بالمحل يا أفندي ولما أفضى همر عليك ، سيب رقم " موبايلك " .

- بس يا معلم... - لو مستعجل شوف حد غيري .

حين رأتني صرخت : نفسي أعتمد عليك في حاجة وتعملها ، إزاي تسيب رجل الكرسي عنده؟

والناس هيقعدوا على إيه؟ شققت الصفوف المتراصة بالمقهى موجات من الغضب ، الروح بلغت الحناجر ، الفرصة تضيع تلو الفرصة ، الوقت يمر والأهلي متأخر بهدف ، صاح المعلم : دا مش مدرب ،دا رجل كرسي ، الدوري هيروح ولازم المدرب الحمار يشوف حل في المهاجم الزفت دا .

قلت وأنا أحاول الابتسام : أنا صاحب رجل الكرسي يا معلم ، حدجني بدهشة ، تذكرني ، صرخ بوجهي : إحنا في إيه ولا في إيه؟ انسحبت أجرُ اليأس ، شاهدت قالب طوب على جانب الطريق ، حملته سعيدا ، قلت متهللا بهذا الحل العبقري : نضع قالب الطوب بدلا من رجل الكرسي ونكسوه بالفرش فلا يراه الجالسون . أمسكتْ بالقالب والشرر يتطاير من عينيها ، لحظة صمت شقه صوت ابنتي الخافت: العريس اعتذر عن القدوم الليلة ،فوالده بالمشفى إثر ارتفاع مفاجئ بالضغط أثناء مشاهدته المباراة .

2018-01-22