لعل السياسة الامريكية المتبعة في الأمم المتحدة تنم بشكل واضح عن الانحياز المطلق للإدارة الامريكية الى جانب اسرائيل وارضاء اللوبي اليهودي واجتذابهم وكسب ودهم باستمرار، وظهر ذلك جليا من خلال الدفاع المستميت من قبل السفيرة الامريكية لدى الامم المتحدة نيكي هايلي عن إسرائيل أكثر من ممثل اسرائيل نفسه وكأنها الممثل الأوحد عن دولة اسرائيل في المنظمة الدولية، وقد تأكد بوضوح من خلال دفاع نيكي هايلي المستميت عن قرار ترامب بشأن قراره حول القدس ومواجهة الانتقادات واستخدام اسلوب التهديد باتخاذ إجراء ضد الدول التي ستصوت في الجمعية العامة للأمم المتحدة ضد خطوة ترامب في الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وأن امريكيا ستقطع المساعدات عنها، كما انه بعد قرار الجمعية العامة بإدانة قرار ترامب وعدم جواز تغيير طابع مدينة القدس هاجمت نيكي هايلي الدول التي صوتت مع القرار بالقول أنهم سيتذكرون هذا اليوم وأن هذا التصويت سيحدد الفرق بين نظرة الاميركيين الى الامم المتحدة وكيف ننظر الى الدول التي تحترمنا في الامم المتحدة، بل ذهبت وتحدت القرار الأممي بإصرار امريكا على نقل سفارتها في القدس، واعتبرت تصويت الدول ضد قرار ترامب في الامم المتحدة لن يغير شيئا، وأن قرار ترامب يعكس إرادة وسيادة الشعب الامريكي، وفي خطوة اخرى جديدة عندما تبني مجلس حقوق الإنسان في المنظمة الدولية قرارا بتقصي أنشطة الشركات التي تعمل بالمستوطنات الإسرائيلية تمهيدا لإعداد قوائم باسم الشركات لمقاطعتها دوليا، وصفت تلك السفيرة الأمريكية في الأمم المتحدة القرار بأنه يصب في معاداة إسرائيل ومضيعة للوقت، وذهبت بعيدا بأن أمريكا سوف تستمر في التصدي بكل قوة للأطراف الضالعة في معاداة إسرائيل في هذا المجلس، وأن أمريكا ستواصل بكل قوة اقتراح الإصلاحات التي يحتاج إليها المجلس لتغيير المعادلة لصالح دولة اسرائيل، خاصة وان مجلس حقوق الإنسان غالبيه قراراته تصب لصالح الفلسطينيين.
باعتقادي أن استعراض الادارة الامريكية الحالية قوتها في المنظمات الدولية من خلال سفيرتها هايلي التي تميزت خلال فترتها بدفاعها المستميت عن إسرائيل ليس بجديد على الولايات المتحدة التي دوما منحازة الى اسرائيل، ولكن الملفت للنظر هو سياسة أمريكا الحالية في الامم المتحدة باستخدام لغات متعددة منها على سبيل المثال وليس الحصر لغة التذكير بأنها أكبر دولة ممولة للأمم المتحدة والتشكيك بعدم مصداقية الامم المتحدة لقبولها سماع كلمات معادية الى اسرائيل والنفاق لصالح فلسطين وبقاء الامم المتحدة بعقد الاجتماعات بهذه الطريقة، ولغة التهديد بقطع المساعدات المادية الأكثر فاعلية على الدول الفقيرة في خدمة مصالح اسرائيل، وان كانت قد فشلت حتى الآن نظراً لمواقف الدول الداعمة لحقوق الشعب الفلسطيني وتأكيدها بأنها لا تشترى بالمال، إلا أنه ما زال استخدام مبدأ القوة يطغى على العالم وتجيره الولايات المتحدة لصالح دوله إسرائيل وترفض ادانتها وقبولها بكل ما تقوم به من انتهاكات مستمرة في الأراضي المحتلة ضد الشعب الفلسطيني الأعزل وتغاضيها عن الجرائم الاسرائيلية واغتصابها اراضي الفلسطينيين بقوة الاحتلال في القدس واستمرارها في بناء المزيد من المستوطنات، ومنح الاحتلال غطاء لمواصلة احتلاله مزيدا من الاراضي الفلسطينية واستخدامها القوة متى تشاء في استمرار احتلالها للأراضي الفلسطينية وارتكاب المزيد من الجرائم بحق الشعب الفلسطيني، وكان أمريكا تسعى من جديد الى استعادة نظام دولي عدواني على حساب القانون الدولي الذي يحكم الدول مما ينذر بخطورة السياسة الامريكية ضد الأمن والسلام العالمي في ظل عدم قدرة مجلس الأمن على ممارسة مسؤولياته نتيجة حق استخدام النقض الفيتو الذي تستخدمه امريكا كاستراتيجية في غير محلها لخدمة اسرائيل بالدرجة الأولي ومصالح امريكا في العالم، ويبقي على العالم التحرك من أجل مناهضة سياسة الهيمنة وعدم الوقوع في المصيدة الأمريكية الاسرائيلية للسيطرة على الأمم المتحدة والتحايل على قراراتها وعدم تنفيذها، فإلى متي تبقي الأمم المتحدة غير قادرة على إلزام اسرائيل بقرارات الشرعية الدولية واحلال السلام في الشرق الأوسط الذي هو جزء من السلام العالمي، فعندما تأسست الأمم المتحدة كان من أجل أسس نبيلة تقوم على كرامة وقيمة الشخص وتحقيق العدالة وتعزيز السلام الدائم في المجتمعات وإنقاذ العالم من ويلات الحروب وتنظيم شؤون المجتمع الدولي وتفرض احترام وهيبة القانون الدولي.