اسرائيل من ضمن مجموعة الدول في العالم التي ترفض حتى الآن الاعتراف والاعتذار عن الجرائم التي ارتكبتها منذ قيامها بحق الشعب الفلسطيني ، مثلها مثل فرنسا وما ارتكبته من جرائم بحق الشعب الجزائري ، ومثل امريكا وجرائمها في فيتنام وبريطانيا في فلسطين والهند والعديد من مستعمراتها . في العديد من الارشيفات الاسرائيلية ، خاصة ارشيف حزب مباي سيء الذكر ، هناك اعترافات مكشوفة بأنه كانت هناك تجاوزات ، وهي عبارة عن جرائم تجاوزت حدود كل عمل انساني ،مثل الجريمة التي ارتكبت بحق اهالي قرية دير ياسين ، ومذبحة الطنطورة ، ومذبحة قبية ومذبحة كفرقاسم ومجزرة يوم الارض، ومجزرة الأقصى التي ارتكبت مع بداية الانتفاضة الثانية وراح ضحيتها 13 شاباً فلسطينياً من الداخل الفلسطيني . حزب مباي الذي كان يدير دفة الأمور أثناء حرب 48 واستمر في الحكم بعد الاعلان عن قيام الدولة ، رفض الاعتذار أو الاعتراف بأنه ارتكب الجرائم ، وحاول دائماً أن يكون الغطاء والمدافع عن الجرائم التي ارتكبتها العصابات المسلحة الصهيونية ، مثل حركة " الاتسل " وحركة ليحي " وغيرها ، كان حزب المباي منذ عام 1948 هو القدوة والمعلم الذي بادر الى القيام بالأعمال الاجرامية وارتكاب المجازر ، وما الحركات المتطرفة سوى امتداداً له ، تخرجت من مدرسته الصهيونية والعنصرية . ويُطرح السؤال : عن الدوافع السياسية والنفسية التي دفعت القيادات الاسرائيلية السياسية منها والعسكرية للقيام بمثل هذه الجرائم ، دون ابداء أي نوع من الاسف والتراجع ، الأجوبة على هذه التساؤلات ، اكتشفها العديد من الصحفيين من ارشيفات ومخطوطات حزب مباي ، المسؤول المباشر وغير المباشر عن غالبية المجازر وكافة الممارسات اللا انسانية بحق الفلسطينيين في عام النكبة ، وعن الفلسطينيين الذين ثبتوا في الوطن. والغريب ان وريث حزب المباي وهو حزب العمل لم يحاول اعادة النظر في سياسته العنصرية التي ورثها من الآباء الروحيين للحزب ، وعلى رأسهم دافيد بن غوريون واسحاق لفون واسحاق بن تسفي وليفي اشكول وموشه ديان وغولده مئير وغيرهم . حزب العمل الحالي لا زال يتنفس من الرئة العنصرية التي ورثها عن قادة الحزب الأوائل ، وما موقف الزعيم الجديد سوى تصديقا للمقولة انه أسوء خلف لأسوء سلف ، لأن الذي يعلن بأنه غير مستعد للتعاون مع اعضاء القائمة المشتركة واعتبرهم مخربين لا يختلف عن أي زعيم سابق في حزب مباي ، شارك في الجرائم التي ذكرت . ان تاريخ حزب مباي ومن ثم العمل في تعامله مع المواطنين العرب ، لهو تاريخ أسود ، ومن واجب كل مواطن عربي أن لا ينسى ذلك ، ان بصمات اجرامه من مصادرة الأراضي ، الى محاولاته تفريغ البلاد من مواطنيها العرب وفرضه الحكم العسكري الذي استمر عقدين من الزمن ، جميع هذه الممارسات وغيرها لا تزال عثرات تحد من تقدم المواطنين العرب ، وما سياسة التمييز القومي التي تمارس ضدهم سوى استمراراً وامتداداً لسياسة المذكور . فإذا أخذنا المردود السلبي لنظام الحكم العسكري ، نجد ان تبعاته لا تزال قائمة حتى اليوم ، لأن سياسة حكومة الاحتلال برئاسة المشبوه نتنياهو وتابعيه من عنصريين لم تأت من فراغ ، لأن العنصرية والتمييز القومي ثقافة وضع حزب مباي حروفها الابجدية ولا تزال هذه الحروف قائمة ، من بين ابجديات الثقافة التي خلفها الحكم العسكري مثلاً ، مصادرة اراضي المواطنين العرب ، هذه المصادرة حالت دون تقدم وتطور القرى والمدن العربية ، حالت دون انشاء واقامة قرى عربية او مدن عربية جديدة . هذا بدوره ادى الى اتساع القرى العربية وتحويلها الى مدن رسمية بعيدة عن كل المقاييس الحضارية المدنية في المدن الحديثة ، كما أن اتساع هذه القرى زاد من الصراع الطائفي والعائلي فيها ، لأن كل حمولة تحولت الى حمائل صغيرة ، وهذا لعب دوراً في زيادة العنف ، والى الاكتظاظ السكاني والى تحويل آلاف المزارعين الى عمال في السوق السوداء . من تبعات الحكم العسكري دوره في اعاقة تطور اللغة العربية ، لأن نظام الحكم المذكور ، وضع الحواجز بين القرى العربية ، لمنع اي تعاون أو أي تبادل ثقافي بين المتعلمين والمثقفين في هذه القرى ، لم يشجع هذا النظام الكتاب والادباء الذين وجدوا في زمن هذه الحقبة الزمنية المظلمة ، العكس هو الصحيح ، فقد قاوم الحكم العسكري الشعراء والكتاب العرب ، وحاول شل قدراتهم ومصادرة مواهبهم ، وترك لبعض أعوانه من الأدباء الذين نافقوا ومجدوا سياسة اسرائيل المجال واسعاً للتأثير بنفاقهم ، كما حدد من صدور الصحافة العربية ، ولولا النضال الذي خاضه الرفاق من الشيوعين لاصدار جريدة الاتحاد ومجلتي الجديد ولغد ، لتم عزل عرب الداخل الفلسطيني عن أي متنفس اعلامي ثقافي تربوي بحروف الضاد حال الحكم العسكري ضمن سياسة التجهيل التي اتبعها دون وصول كتب جديدة ومؤلفات جديدة ، الا في حالات خاصة ، كما أن المطابع لطباعة الكتب باللغة العربية كانت شبه معدومة في قرى المثلث والجليل باستثناء مدينة الناصرة . عمق الحكم العسكري حالات القطيعة والغربة بين أبناء الشعب الواحد ، لأن طرق التواصل كانت شبه مغلقة ، بسبب ضرورة توفر التصاريح الخاصة والصادرة من الحاكمية العسكرية . كانت بالنسبة للحاكم العسكري قيمة التصريح وأهميته أكبر من قيمة المواطن الفلسطيني ، فلا يهم هذا الحاكم المستبد شؤون هذا المواطن ، من ناحية العمل والتعليم والمرض والحياة بمجملها ، التواصل بين قرى المثلث الجنوبي مع المثلث الشمالي كان موسمياً ، ربما يحدث هذا التواصل بين الأفراد وحتى الاقارب في حالات طارئة ضرورية للغاية ، أما الجليل ، فكان بالنسبة لسكان النقب أو المثلث ، فكأنه في دولة ثانية .
اما عن حالات الفقر المدقع ، وحالات المرض والنقص في الملابس والادوات الصحية والقرطاسية لطلاب المدارس فحدث ولا حرج ، كان الحاكم العسكري ينكل بالمواطنين الى درجة الاذلال ، قبل أن يتوفر لهم الحد الأدنى من الثوابت والأسس الحياتية المطلوبة ، هذا الحصار الاقتصادي أدى الى انتشار حالات ما عرف بالتسلل عبر خطوط وقف اطلاق النار ، كما انتشرت حالات ما عرف بتجارة التهريب عبر خطوط اطلاق النار . يتبع