الأحد 23/10/1444 هـ الموافق 14/05/2023 م الساعه (القدس) (غرينتش)
التنمُّر.. مشكلاته وعلاجه ....ديمة ميقري

لو أردنا أن نشرح التنمر، كما أطلق عليه علماء الاجتماع بعد استخلاصهم النتائج منذ عقود : ( السيطرة على الآخرين ) . حيث يكون كل هم المتنمّر رؤيتك تخسر ، في حين هو يربح. أو رؤيتك مكسوراً عندما يحاول عمداً جرح مشاعرك.

ولكن!! إن نظرت برؤية أعمق قليلاً ، هناك .. حيث الدوافع المتخفية ما وراء كل شخصية، تلك التي تدفع أحدهم إلى الاعتداء على الآخرين وإهانتهم. قد تجدها دوافعاً مختلفة.

فهناك من يكون كل همه السيطرة على الغير، لأن هناك من يسيطر عليه أصلاً، كالأم التي تستبد بأبنائها لأن زوجها يستبد بها ويمارس التنمر عليها .

أو الأب الذي تعرض طيلة حياته للتنمر، فمن المحتمل جداً أن يمارس ذلك لاحقاً على زوجته وأبنائه.

وقد يكون الدافع أيضاً الغيرة والحسد.. فيتنمر الشخص بإيذاء الآخرين عن طريق الكلمات الجارحة والمحبطة.

وعرّف الباحث النرويجي داون أولويس التنمّر بأنه : ( تعرض شخصأً ما بشكل متكرر إلى الأفعال السلبية من جانب أو أكثر ( جسدي ، نفسي ، عاطفي) من قبل الأشخاص الآخرين ) .

وعرف أيضاً العمل السلبي بأنه: ( عندما يقصد شخص إزعاج راحة شخص آخر جسدياً أو عن طريق التلاعب بالكلام أو بأية طرق أخرى.) .

والمتنمر عادة ما يكون متكبر ونرجسيّ، ويمكن أن يرجع السبب في التنمر لإخفاء عارٍ ما ، أو لتعزيز احترام الذات عن طريق إهانة الآخرين ، أو بالتسلط والهيمنة.

وهناك أيضاً عوامل كالاكتئاب واضطراب الشخصية، أو الإدمان على سلوك عدواني معين وبالتالي فهم الآخرين على أنهم أعداء.

وإنّ أكثر ما نعانيه في مجتمعاتنا العربية هو التنمّر الأُسري والمدرسي.

ففي الأسرة كما ذكرنا في المثال سابقاً يتنمر الأب على الأم، وتتنمر الأم على الأبناء، ويتنمر بالتالي الأكبر سناً من الأولاد على الأصغر، أو الذكر على الأنثى بغض النظر عن العمر كما هو رائج عندنا ، وذلك عن طريق فرض السيطرة والهيمنة وربما الضرب والإهانة !!

وقد ينسحب الشخص المتعرض للتنمر من الأنشطة الاجتماعية ويلجأ إلى العزلة ويتخذ السلوك العدواني، وإذا استمر الأمر ولم يُوضع له حدّ ، قد ينتهي به الأمر في تحوله إلى شخص متنمّر أيضاً .

من آثاره الجسدية قلة النوم أو كثرته ، صداع ، آلام في المعدة، عصبية.

 أما نفسياً خوف ، واضطراب شخصية.

لاشك أن الكثير منا تعرض في المدارس الابتدائية خاصةً، إلى الضرب ، الركل، شد الشعر، تنابذ في الألقاب، إطلاق إشاعات غير صحيحة على الضحية، التهديد ، تخريب الممتلكات الشخصية... إلخ.

وإذا كانت الدراسات تشير إلى أنّ الأطفال الذين تعرضوا للتنمر في المرحلة الابتدائية تتراوح نسبهم مابين ٢٥ % و ٣٥% . وفي المرحلة الثانوية إلى أكثر من ٥٠ % حسب دراسة أدامسكي وريان في الولايات المتحدة الأمريكية.                                                                                    

إذاً ما دورنا نحن أو دور الأهل خاصةً في الحدّ من مشكلة التنمّر، وخصوصاً في المدارس..؟ وكيف يمكننا تجنب أو معالجة التنمرّ الاجتماعي والأسري على حد سواء؟

يتبع

2018-02-16