السبت 11/10/1445 هـ الموافق 20/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
الموت في جيتو غزة....نسرين محمد الاطرش

 بعد فصول من العذاب و مرض نادر ينخر في جسدها الصغير، فمنذ عمر السنة والنصف عاشت الطفلة انعام العطار من غزة ذات الثلاثة عشرة ربيعا رحلة قاسية من المعاناة  ،  المرض ينهش في جسدها النحيل ، وكأهل غزة لا تملك إلا الصبر ، أو الصراخ في العتمة كما يقولون  و دون أذان صاغية لصراخها ، ناشدت وطلبت المساعدة لتحصل على حقها في  العلاج خارج قطاع غزة، الذي يفتقر لإمكانية علاجها ، فمرضها نادر كما وصفها الاطباء ، فهو الأول في فلسطين والثالث في الشرق الاوسط، وقد حظيت وبعد عدة محاولات لاستجابة طلب بأن تم تحويلها  لأول مرة الى مستشفى هداسا عين كارم في القدس  فهي تعاني من تكيس الكليتين، فقد انتكست حالتها مرة اخرى بسبب احتباس الماء في جسدها الصغير ، من هنا فقد بدأت المأساة بأن قوبل طلب بالرفض ولم تتمكن من الوصول إلى المستشفى للعلاج ، فعاودت مناشداتها ، أما الصورة الثانية للمأساة فقد تم تحويلها للعلاج في مستشفى هداسا مرة أخرى ولكن تم طردها من مستشفى هداسا بحجة ان السلطة الفلسطينية لم تغط تكاليف  علاجها مالياً، فتبرع لها اطباء من غزة لإجراء عملية لها و استئصال كليتها اليسرى عله يساهم في انقاذ حياتها، فحالتها بحاجة لزراعة كلية ، ولم تنجح فحوصات أقاربها من الدرجة الأولى فقد استعد كل من  والدها ووالداتها وعمها وعمتها وشقيقها بالتبرع بكلية لها ،  حتى نجحت الفحوصات الطبية لخالها ، فهنا الصورة الثالثة للمأساة حيث يصر الاحتلال على اجهاض كل حلم أو أمل لأبناء شعبنا في الحياة ، فعند التوجه الى الضفة الغربية لا جراء عملية زرع الكلية للطفلة، فوجئ الجميع بمنع الاحتلال من مرافقة العائلة لطفلتها وخصوصا أمها ، فتوجهت الطفلة وحيدة دون والداتها لإجراء عملية زرع الكلى. رحماك ربي فقد قست قلوبهم فهي كالحجارة أو أشد قسوة  

طفلة عاشت آلام المرض ، والان وبعد انفراج الأمل و وجود متبرع بكلية  مناسبة لزراعتها في جسدها الصغير، تعيش مرة أخرى آلام غطرسة  الاحتلال ومضايقاته ، ذلك الاحتلال الذي يصر على التجرد من كل ذرة من انسانيته و يمنع أم من مرافقة ابنتها المريضة وفي وقت تحتاجه ابنتها المريضة الصغيرة لتكون بجانبها ، فطفلة كهذه بحاجة ماسة لأحن انسان على الكرة الارضية وهي الام، فعند سؤال الطفلة ماذا تحتاجين؟ لم تطلب الشفاء بل قالت "أنا ما بدي اشي غير امي وبس "!! فالرحمة لك صغيرتي فالاحتلال الإسرائيلي فاقد لمعنى الانسانية، فكيف لنا ان نترجم مثل هذه المشاعر لكيان هدفه الوحيد الموت البطيء لشعبنا.

هل يحق لنا أن نتساءل في هذا المقام لماذا يصر الاحتلال أن نعيش في جيتو غزة ، ألم يعانون من العيش في جيتوهات أوروبا ، ألم يشعروا  بألم المعاملة القاسية في الجيتوها ت حينما كانون يجبروا على عدم مغادرتها الا في ساعات معينة وأن يلصقوا اشارات صفراء تميزهم ، هل الفلسطينيون من أجبرهم على العيش في الجيتوهات وأشرف على تعذيبهم . ولكنها النفسية الصهيونية والتي تقدس نفسها وتكره الآخر ، مهما كان هذا الآخر.

لن نكون يهود التاريخ ، ولن نعيش في الجيتو ، لأننا لا نقبل بالذل ، غزة عصية على الكسر ، (اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ)

الكاتبة: نسرين الاطرش

[email protected]

2018-02-28