الخميس 9/10/1445 هـ الموافق 18/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
المشاكل والتحديات التي تواجه التعليم ....احمد شندي

مما لا شك فيه أن التعليم يمثل ركيزة أساسية للنهضة والتقدم ، ولقد تغير جوهر الصراع في العالم الآن حيث أصبح سباق في التعليم ، وإن أخذ هذا الصراع أشكالاً سياسية أو اقتصادية أو عسكرية، فالجوهر هو صراع تعليمي لأن الدول تتقدم في النهاية عن طريق التعليم ، وكل الدول التي تقدمت وأحدثت طفرات هائلة في النمو الاقتصادي والقوة العسكرية أو السياسية نجحت في هذا التقدم من باب التعليم .

على الرغم من إحراز تقدم هائل لزيادة قاعدة رأس المال البشري من خلال تحسين نظام التعليم، إلا إن جودة تجارب التعليم لا تزال متدنية ولم يتم توزيعها بصورة تتسم بالعدالة والإنصاف. وبسبب انعدام الجودة النوعية الجيدة على مستوى التعليم الأساسي والثانوي، انتشر سوق الدروس الخصوصية بصورة مذهلة، وأصبحت ضرورة وليست مجرد إجراء لعلاج أوجه قصور. وتعتبر العملية التعليمية نظاماً متكاملاً تتداخل فيه العناصر المادية والمعنوية فتوفير البيئة التعليمية المناسبة يُعد ‏متطلباً أساسياً لتحسين نوعية التعليم فالبيئة المناسبة تتيح خيارات أوسع لكل من المعلم والطالب على حد سواء ‏من خلال إمكانية تنويع الأنشطة، وإثارة الدافعية، وتنشيط الاتصال بين المعلم والطلبة من جهة، وبين الطلبة ‏أنفسهم من جهة أخرى ، والبيئة التعليمية لا تقتصر فقط على المناهج الدراسية بل تشمل بالإضافة لذلك المعلم ، والطالب ، والتجهيزات ‏والمستلزمات ، وكما أن العملية التعليمية الناجحة لا تكتمل أركانها بغير التقييم المستمر لمختلف عناصرها ، ولا يجب أن تقتصر ‏عمليات التطوير والتحديث على التعليم الأكاديمي فقط ، بل يجب أن تمتد لتشمل التعليم الفني أيضاً، إذ يسهم التعليم ‏الفني في تأهيل وإعداد الكوادر البشرية التى تحتاجها مؤسسات الإنتاج والخدمات ، ويتعين مراعاة أن منظومة التربية والتعليم ليست إلا انعكاساً لمجمل النظام الاجتماعي والاقتصادي ، وعليه فإن تغييراً عميقاً في أداء وناتج هذه المنظومة غير ممكن إلا في إطار تغييراً اجتماعي واقتصادي واسع المدى. وبالإضافة إلي أن النظام التعليمى المصرى يعاني بكل عناصره العديد من المشاكل والتحديات التى تمثل عائقاً حقيقياً أمام العملية التعليمية وتطورها وغالبا ما ترتبط مشكلات التعليم فى مصر بأربعة محاور هى : المعلم والطالب والمدرسة والمنهج الدراسي، وتبقى المناهج كقضية ساخنة فى هذا الملف بسبب اعتمادها على الحفظ وعدم مواكبة التطورات. ويمكن القول أن مشاكل التعليم لا ترجع إلى سبب واحد ، وإنما إلى مجموعة كبيرة ومتداخلة من الأسباب ، والتى يأتى فى مقدمتها : ‎عدم مراعاة رؤية المؤسسة التعليمية لعملية إصلاح الفئات الأضعف‎ ‎والأشد حرماناًً ومحاولة إستيعابها داخل المؤسسة التعليمية حتي نهاية‎ ‎مرحلة ‏التعليم الأساسي ‎. وسيطرة الأهداف الطموحة علي المستوي الكلي علي‎ ‎رؤية القائمين علي ‏المؤسسة التعليمية وغياب الأهداف العملية المحددة بدقة والقابلة‎ ‎للتنفيذ خلال ‏فترة زمنية معقولة، بالإضافة لغياب المتابعة والمساءلة‎. وإهدار الجهود والموارد في جزئيات متشعبة وخلق مسارات تعليمية بديلة‎. والإقدام علي كثير من الخطوات الجديدة المتداخلة دون متابعة أو تقييم مما ‏أدي إلي‎ ‎تشتيت الجهود أو تواضع النتائج في أحسن الأحوال. وتنامي ظاهرة الدروس‎ ‎الخصوصية ، حيث أصبحت عرفاً سائداً في كل سنوات ‏التعليم في الحضر والريف وبين جميع‎ ‎الطبقات‎ . وعدم الربط أيضا بين مخرج العملية التعلمية ومتطلبات سوق العمل والتي ترجع إلي الإرتفاع الكبير في نسب النجاح والمجاميع المرتفعة التي لاتعكس المستوي الحقيقي للطلاب وهو أيضا ما لا يتناسب مع سوق العمل. وعلاة علي ذلك ارتفاع كثافة التلاميذ بالفصول مع قلة أعداد المدارس وتعدد الفترات الدراسية والاعتماد علي طرق التدريس التقليدية، وغياب التنمية المهنية وانعدام الربط بين البرامج التدريبية والاحتياجات التنموية وارتفاع نسبة العاملين بالجهاز الإداري، مقارنة بالمدرسين وضعف قدرة الإدارة المدرسية علي إحداث الإصلاح المدرسي في جودة العملية التعليمية, بالإضافة إلي قصور التمويل الحكومي للوفاء باحتياجات عملية الإصلاح التعليمي، كما أن ميزانية التعليم تتوجه معظمها للأجور وما يخصص منها للأبنية التعليمية لا يذكر. وفى وجهة نظرى ، يمكن تقديم بعض الحلول التي تساهم في حل مشاكل التعليم فى مصر ، ومن أهم تلك الحلول المقترحة ما يلى : ضرورة التحول من فكرة كون التعليم مسئولية الحكومة إلى فكرة قومية للتعليم وضرورة مساهمة جميع القطاعات ومن بينها القطاع الخاص فى تطوير التعليم وتحسين جودته. ودعم وتوسيع مفهوم الشراكة بين القطاع الحكومى والقطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية فى تحمل أعباء العملية التعليمية باعتبارها قضية أمن قومى سواء أكان ذلك فى تدبير الموارد المادية أو البشرية . وتشجيع القطاع الخاص على توظيف إمكاناته فى تمويل التعليم، مما يساعده على القيام بواجباته الاجتماعية تجاه المساهمة فى تطوير التعليم خاصة فى ظل التحديات المحلية والعالمية التى تواجه المجتمع المصرى .وتطوير القوانين والتشريعات التى تسمح بتحقيق عائد عادل للاستثمار فى مجال التعليم بما يعمل على اجتذاب المستثمرين فى هذا المجال الحيوي لمستقبل مصر . ودعوة قطاع الأعمال والصناعة للمشاركة الفاعلة مع مؤسسات التعليم العالي فى اتجاهين وهما تحديد المواصفات المطلوب توافرها فى الخريج ، والمشاركة فى تمويل مؤسسات التعليم .والتأكيد على استخدام أساليب الإدارة الاقتصادية للارتقاء بمستوى أداء الخدمات التعليمية وتقديمها وفقا للمعايير الدولية الحديثة . وإعداد خريطة مستقبلية واضحة المعالم يتحدد من خلالها الإدوار المنوطة بالجمعيات الأهلية فى مجال التعليم حتى يتسنى لها المشاركة الجادة فى تطوير التعليم .وتأكيد ثقافة الجودة الشاملة في نظمنا ومؤسساتنا التعليمية من خلال تطبيق المعايير العالمية في جميع عناصر المنظومة التعليمية .وضرورة الاستفادة من مستجدات العصر ومستحدثات تكنولوجيا المعلومات لتوفير مصادر تعليم جديدة.

2018-03-08